المراقب الصحفي: التكرار والإطالة في العناوين

TT

لا تكاد تجد صحافيين اثنين يتفقان على عنوان واحد في عالم الصحافة، لسبب بسيط، وهو أن العنوان أو المانشيت يعكس ذائقة الصحافي ومهنيته. غير أننا نود هنا التركيز على مسألتين مهمتين؛ هما: التكرار، والإطالة، في بعض عناوين «الشرق الأوسط»، اللتان تفسدان على العنوان جاذبيته ومباشرته.

على سبيل المثال، أحد نماذج العناوين التي أذكرها وجاء فيها تكرار هو: «عراك بين صحافي لبناني وصحافي سوري على الهواء». ولا نجد مبررا لتكرار كلمة «صحافي» مرتين. وإن كان لا بد من مرادف، فيمكننا القول: «وآخر سوري» لنتفادى تكرار الصفة نفسها، أو نكتفي بـ«عراك بين صحافي لبناني وسوري على الهواء» ليكون أكثر مباشرة. ويحضرني عنوان آخر وهو «بيع بعض مقتنيات ويتني هيوستن بمزاد علني في لوس أنجليس». فبدلا من كتابة عشر كلمات في العنوان، لماذا لا يكون: «بيع مقتنيات ويتني هيوستن بمزاد علني»؟ لا نرى هنا حاجة لكلمة «بعض» خصوصا أنها مذكورة في الجملة الأولى للخبر، ولا حاجة لمدينة «لوس أنجليس»، لما في ذلك من إسهاب ليس في محله.

ومن المانشيتات الأخرى: «قمة مغاربية خلال العام الحالي في تونس.. واجتماع لمكافحة الإرهاب في العاصمة الجزائرية». ما أهمية كلمة «العاصمة» هنا؟ ألا تكفي كلمة الجزائر. فتقليل العنوان ولو بكلمة أو ثلاث يساهم في إبرازه أكثر للقارئ، لأن الكلمات القليلة تلفت الأنظار أكثر. وفي عالم الإخراج، تسمى المساحة الخالية بـ«المساحة المدروسة» لأن هذا الفراغ يبرز العنوان، مثلما بدأنا نقرأ في عناوين زاوية «من العواصم» المختصرة، طوال الأسبوع الماضي.

والحق يقال؛ هناك عناوين «محبوكة» بالصحيفة، كما يسميها بعض الصحافيين، بمعنى أنه من الصعب حذف كلمة واحدة منها، مثل «بروفسور ألماني يراقب امتحانات طلابه بالفيديو» أو المانشيت الرئيسي الجميل: «دمشق بين المظاهرات والعصيان المدني».

العنوان الصحافي الجاذب هو الذي ليس فيه تكرار للصفات والأحوال وحروف الجر، التي ليس لها داع، أو لا تضيف بعدا جماليا ولا معلوماتيا. كما أن العنوان المناسب هو الذي يُعرض فيه صلب الموضوع بطريقة شائقة ومتزنة تدخر شيئا للنص الخبري.

العنوان الصحافي باختصار، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل.