مراسلتا «الحرة» و«نيويورك تايمز» دخلتا الأراضي السورية بالدروع وتجولتا تحت رصاص القناصة

سحر أرناؤوط
TT

أمضت سحر أرناؤوط مراسلة تلفزيون «الحرة» ذكرى عيد مولدها هذا العام في مدينة حمص، محاولة الاختباء من رصاص القناصة هناك. هي التي لم تتردد أبدا في تقديم أوراقها إلى السفارة السورية في بيروت لمرافقة المراقبين العرب في جولتهم بسوريا، لا تخفي أنها دخلت خائفة، خاصة بعد التجربة المُرة للصحافي الفرنسي جيل جاكييه مراسل القناة الفرنسية الثانية «فرانس 2» الذي قتل في سوريا الشهر الماضي.

هويدا سعد مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز» التي دخلت إلى سوريا في 20 يناير (كانون الثاني)، أي في نفس الوقت الذي دخلت فيه أرناؤوط، تروي وبحماسة تجربتها في تغطية مجريات الأحداث في سوريا، هي التي كانت تتشوق ومنذ اندلاع الأزمة هناك للوجود على الأرض مع المدنيين لنقل الوقائع كما هي بغض النظر عما تنقله مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول سعد لـ«الشرق الأوسط»: «أردت أن أرى بأم العين ما يحصل في المناطق السورية ولا أن أبني مقالاتي على ما يقوله محلل هنا أو ناشط هناك. أول منطقة زرناها مع وفد المراقبين العرب كانت الزبداني التي قيل لنا في وقتها إنها منطقة محررة. هناك بدت على المنازل وبوضوح آثار الدمار، والغضب كان يعمّ الجميع خصوصا من تعاطي النظام مع المواطنين الذين تحولوا للدفاع عن أنفسهم».

وتسرد سعد أنها تمكنت من تغطية أكثر من مظاهرة معارضة، لافتة إلى أن المشاركين فيها كما المختبئين في منازلهم فرحوا بوجود الصحافيين الأجانب في مناطقهم فأخذوا يروون تفاصيل معاناتهم منذ أشهر طويلة، وتضيف: «الخوف الأكبر الذي كان يمتلكنا كان حاضرا حين يبدأ القنص، لأننا لم نكن نعلم من أين تأتي الرصاصات. في رنكوس، قابلنا عناصر من الجيش السوري الحر، وفي كثير من الأحيان كان المسؤولون في وزارة الإعلام في سوريا يقولون لنا إنه في حال قررنا الدخول إلى مناطق غير محددة من قبلهم فسيكون ذلك على مسؤوليتنا الخاصة».

أرناؤوط وسعد توافقتا على توصيف واحد لمدينة حمص.. «هي مدينة حزينة جدا جدا وفي حالة حرب».. البحة الحزينة في صوت سعد حين تتحدث عن حمص تقابلها حماسة في صوت أرناؤوط التي قررت بشكل فردي الدخول إلى المدينة بعدما تركت لها إدارة القناة الخيار.. وتقول: «دامت الرحلة من دمشق إلى حمص نحو الساعتين.. لبسنا الدروع تحسبا لأي طارئ. المحطة الأولى كانت في المستشفى العسكري في حمص، حيث كانت درجة الحرارة 5 ما دون الصفر. بعد تغطية مراسم تشييع عدد من جنود الجيش السوري الذين قضوا في المعارك، توجهنا إلى الساحة الرئيسية في مدينة حمص.. هناك الحركة خجولة جدا، فمن يخرج من منزله تراه يهرع لشراء حاجاته للعودة سريعا إلى عائلته».

أرناؤوط شبّهت حمص في يناير 2012 ببيروت خلال الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي، وأضافت: «أجواء الحذر كانت تلف المكان، المتاريس العالية والسواتر الرملية الضخمة كانت تواجهنا في كل الزواريب».

وبينما تسرد أرناؤوط تفاصيل لقائها مع أهالي حمص الذين كانوا يشتكون من كل شيء، تشرح أن صوت القنص الذي بدأ ضعيفا في حينها اشتدّ مع مرور الدقائق حتى وصل إلى حدّة دفعتها للطلب من زملائها والمسؤولين الذين رافقوها من وزارة الإعلام السورية المغادرة على وجه السرعة للعودة إلى الفندق الذي مكثوا فيه في الشام.

بدورها، أوضحت مراسلة «نيويورك تايمز» التي دخلت حمص متخوفة من كمائن قد تنصب على الطريق أو قذائف تطال الباص الذي يتنقلون فيه، أن كل المظاهر في حمص تؤكد أن المنطقة في حالة حرب. هي التي زارت كذلك مناطق ريف دمشق، لا تزال تؤكد أنه من الصعب جدا الخروج برسم واضح لمجمل الوضع السوري بعد زيارة لم تدم إلا 10 أيام. وتضيف: «تجربة الدخول إلى سوريا في أزمتها، تجربة على كل صحافي أن يختبرها ليسمع من المواطنين السوريين شخصيا ماذا يطالبون وليرى بأم عينيه مدى تطور الأوضاع هناك».

المراسلتان اللتان تعربان عن رغبة للعودة إلى الأراضي السورية لتغطية المستجدات، تؤكدان أن النظام السوري كان متجاوبا مع الإعلاميين، وتقول أرناؤوط: «عندما دخلت سوريا كنت متخوفة من أن ألقى معاملة غير لائقة كوني أمثّل وسيلة إعلامية أميركية، إلا أنني وبالعكس تلقيت معاملة جيدة جدا وحتى تم الترحيب بي في أكثر من مكان.. تعاطيت وكما طلبت مني إدارة القناة بكثير من الموضوعية في التقارير التي أعددتها وأنا مستعدة للعودة شرط ألا يصادف ذلك مع عيد مولدي العام المقبل».