الجرائد البريطانية المحافظة تحصد جوائز الصحافة لعام 2012

«الديلي ميل» تحصل على 8 منها.. أما سبق العام فكان من نصيب «الغارديان»

الصحف المحافظة تحصل على نصيب الأسد من جوائز 2012 (تصوير: حاتم عويضة)
TT

عكست الجوائز السنوية البريطانية للصحافة المكتوبة أول من أمس التقدير الخاص الذي تتمتع به جرائد التابلويد (الشعبية) رغم الضربات الموجعة التي تلقتها خلال العام الماضي من جهات مختلفة، خصوصا من قبل زملاء المهنة ممن سلطوا عليها الأضواء وعلى خروقاتها للخصوصية العامة على خلفية فضيحة التنصت والقرصنة التلفونية والتي أدت إلى إغلاق «نيوز أوف ذي وورلد» أقدم صحيفة تابلويد في بريطانيا، المتهم الرئيسي في الفضيحة.

وحصدت صحيفة «ديلي ميل» الشعبية المحافظة على 8 جوائز، بما في ذلك جائزة «صحيفة العام»، التي تسلمها رئيس تحريرها المخضرم بول ديكر، الذي صعد على المنصة 3 مرات ليتسلم الجوائز واحدة تلو الأخرى والتي تضمنت جائزة الحملة السنوية، التي أطلقتها الصحيفة من أجل القبض على بعض قتلة ستيفن لورنس، الشاب الأسود الذي قتل قبل 18 عاما في جنوب لندن من قبل مجموعة من العنصريين الشباب. وفي تلك الفترة ولأسباب قانونية وتقنية أو تقصير من جهاز الشرطة أطلق سراح المجموعة. إلا أن الصحيفة شنت حملة في تلك الفترة ضد المتهمين ووضعت صورهم على صفحتها الأولى تحت عنوان رئيسي يتهمهم بالقتل. وكانت الصحيفة تريد من ذلك فتح الملف ثانية إذا تجرأ أحد من المتهمين مقاضاتها في المحكمة لاتهامها لهم زورا، خصوصا أنه لم يصدر إدانة قانونية لهم، ولهذا لا يحق اتهامهم بالقتل.

وفي العام الماضي شنت الصحيفة حملة أخرى ضد بعض المتهمين من المجموعة بعد إجراء بعض التعديلات القانونية على إجراء المحاكمات وتمكنت من فتح الملف ثانية وتقديمهم للمحكمة، وقد تم فعلا إدانتهم في المحكمة بجريمة القتل العنصري. ولهذا العمل نالت الصحيفة جائزة «الحملة السنوية» على تغطيتها في هذه القضية.

كما نال أحد نقادها صاحب العمود اليومي في الصحيفة اليومية وفي عددها الأسبوعي «ميل أون صنداي» كريغ براون 3 جوائز، وهذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها صحافي بريطاني 3 جوائز في ليلة واحدة من «بريس غازيت» المؤسسة التي تعنى بشؤون الصحافة المطبوعة وتمنح هذه الجوائز سنويا.

وقال بول ديكر لدى تسلمه أهم جائزة، وهي جائزة «صحيفة العام»: أريد أن أوجه تقديري لجميع الصحافيين العاملين في «الديلي ميل» وكذلك «ميل أون لاين» (التي حازت على جائزة موقع العام) شريكنا في هذه المهنة.

«أريد أن أؤكد على المستوى الراقي والمهنية العالية المستوى في عمل هؤلاء الصحافيين الموهوبين، إنني فخور بهم جميعا، كما أنني فخور بصناعتنا الصحافية، التي أعتبرها أعظم صحافة في العالم».

كلام محرر «الديلي ميل» ديكر يعكس الثقافة البريطانية السائدة في العمل المهني والتقدير للأخيرين من زملاء المهنة حتى في حالات الاختلاف، السياسي والآيديولوجي والمهني، في تناول مواضيع الساعة. وجاءت الجوائز لتعكس هذا التقدير للعمل الصحافي، ومن هنا فقد حصلت صحيفة «الغارديان» صاحبة الميول اليسارية الليبرالية على جائزة «سبق العام» وذلك عن تحرياتها حول ما قامت به الصحافة الشعبية من تحريات غير أخلاقية، وخصوصا صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وما قامت به من تنصت على تلفونات آلاف من الناس. تحقيقات «الغارديان» قام بها نيك ديفيز وزميلته إميليا هيل اللذان فضحا قصة التنصت على تلفون المراهقة ميلي داولار، التي اختفت عام 2002 وقتلت في ظروف غامضة. التحقيق في اختراق تلفونها خلال اختفائها والذي كشفته صحيفة «الغارديان» في يوليو (تموز) الماضي فتح الباب على مصراعيه في فضيحة التنصت (فون هاكينغ) وهز المؤسسة البريطانية بكل جوانبها، السياسية والقضائية والإعلامية والأمنية، وأجبر الحكومة على فتح باب تحقيق في الموضوع من خلال لجنة تحقيق بدأت جلساتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وما زالت تستمع إلى الشهود في القضية، التي أصبح هدفها تحديد أخلاقيات العمل الصحافي. ما قامت به «الغارديان» في اعتقاد الكثير من المراقبين قد يكون قلب موازين الصحافة البريطانية المكتوبة رأسا على عقب إلى الأبد. لكن الاعتقاد أيضا أن الناس ما زالت تعشق الصحافة الشعبية والنميمة وأخبار المشاهير، ولهذا هناك اعتقاد سائد بأن هذا النوع من الصحافة ما زال يستميل لعاب القراء.

ولهذا فقد قام إمبراطور الإعلام البريطاني روبرت مردوخ، رئيس «نيوز كوربوريشن» المؤسسة المالكة للصحيفة الشعبية التي أغلقت أبوابها بعد 168 عاما من النشر في يوليو الماضي، بإصدار صحيفة أسبوعية الشهر الماضي «صن أون صنداي» بدلا من «نيوز أوف ذي وورلد» التي أصبحت متهمة بخروقات ونشر ثقافة الفساد وأصبحت عالة على مؤسسة مردوخ الذي دفع الملايين لضحايا التنصت وما زال هناك الكثير من القضايا في المحاكم البريطانية ضد مؤسساته بهذا الخصوص.

كما حصل بيتر رايت رئيس تحرير «ميل أون صنداي» الأسبوعية، شقيقة «ذي ميل» على جائز خاصة من لجنة التحكيم.

وحصلت صحيفة «الإندبندنت» على جائزتين، ذهبت إحداهما للنسخة «إي» وذلك تقديرا للطريقة التي تنتج وتصمم فيها الصحيفة. وحصل أمير طاهري الكاتب في صحيفة «الشرق الأوسط» على جائزة خاصة هي «الصحافي الدولي» لهذا العام. أما الصحيفة المحافظة الأخرى «دلي تلغراف» التي فجرت قبل 3 أعوام فضيحة مصاريف أعضاء البرلمان على 4 جوائز، منها «الصحافي العام الصاعد» ومنحت لروث شيرلوك، وجائزة صحافة الاقتصاد والأعمال، وجائزة «الصفحة الأولى» على تغطيتها أحداث الشغب العام الماضي، والرابعة ذهبت لـ«فريق الرياضة» في الصحيفة على تغطيتهم.

كما حصلت صحيفة «التايمز» على 4 جوائز وشقيقتها «صنداي تايمز» على 3 جوائز. هالة جابر الصحافية البريطانية من أصل لبناني، التي تعمل لصالح الأخيرة حصلت على جائزة «المراسل الأجنبي». وفي كلمتها أهدت هالة جابر الجائزة إلى ماري كولفين التي كانت تعمل لصالح الصحيفة كمراسلة حربية في مناطق ساخنة من العالم وقتلت في الأحداث الأخيرة في حمص.

أما بوب ساتشويل من رابطة المحررين فقال: إن كولفين قتلت من قبل من يعتبرون «الصحافة مهنة خطرة عليهم وتخريبية».