بريطانيا: ترهيب الشهود.. أحدث فصول فضيحة التنصت على الهواتف

وسط تصاعد مسلسل المخالفات.. اعتقالات واتهامات جنائية جديدة

TT

في تطور جديد ربما يشكل واحدا من أكثر الفصول خطورة وإثارة في فضيحة التنصت على الهواتف البريطانية من قبل صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» المملوكة لإمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، اعتقلت شرطة لندن أحد كبار محرري الصحيفة يوم الأربعاء الماضي للاشتباه بتورطه في ترهيب أحد الشهود في القضية، لتكون هذه هي المرة الأولى التي تفتح فيها الشرطة قضية محاولة التأثير على الشهود في سياق تلك التحقيقات.

وأصدرت الشرطة بيانا قالت فيه إن رجلا يبلغ من العمر 51 عاما قد تم اعتقاله في أحد أقسام الشرطة في لندن «للاشتباه بتورطه في ترهيب أحد الشهود وتشجيع أو دعم انتهاك آخر على علاقة بتلك القضية». ولم يذكر البيان اسم الرجل الذي تم اعتقاله، غير أن موظفين سابقين في صحيفة «نيوز إنترناشيونال»، وهي صحيفة بريطانية تابعة لمؤسسة «نيوز كوربوريشن» المملوكة لمردوخ، قد أكدوا أن هذا الرجل هو نيفيل ثورلبيك الذي تم فصله من صحيفة «نيوز إنترناشيونال» الصيف الماضي بعدما قضى 21 عاما كاملة في العمل بصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد».

وكان مردوخ قد أغلق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» في شهر يوليو (تموز) الماضي على خلفية اتهام الصحيفة بالتورط في التنصت على الهواتف ببريطانيا. وقد امتدت التحقيقات لتشمل صحيفة «ذي صن» اليومية، التي تعد أكثر الصحف البريطانية تحقيقا للأرباح وتوزيعا للأعداد في إمبراطورية مردوخ الإعلامية، كما شملت أيضا مجموعة كبيرة من المخالفات الجنائية المشتبه بها.

وفي الوقت الذي يتم فيه التحقيق مع ثورلبيك، كشفت إحدى اللجان البرلمانية عن خطاب جديد كان قد أرسله جيمس مردوخ (39 عاما)، وهو نجل روبرت مردوخ والمدير العام لجميع أعمال الصحف التابعة له في بريطانيا، حتى استقالته من منصبه كرئيس لصحيفة «نيوز إنترناشيونال». ومن خلال هذا الخطاب المكون من سبع صفحات، أعرب مردوخ عن «ندمه العميق والحقيقي» بشأن قضية التنصت على الهواتف، لكنه أصر على أنه لم يضلل البرلمان خلال المرتين اللتين وقف فيهما للإدلاء بشهادته أمام اللجنة البرلمانية العام الماضي، وأنه لم يكن متورطا في تلك الفضيحة.

وقال جيمس مردوخ: «لم أكن أعلم بما يحدث، كما أنني لم أحاول إخفاء تلك المخالفات، ولا أعتقد أن الأدلة التي أمامكم تدعم أي استنتاج آخر غير ذلك».

ويعد هذا هو ثاني اعتقال لثورلبيك من قبل شرطة لندن، حيث كان قد تم اعتقاله للمرة الأولى في شهر أبريل (نيسان) للاشتباه بتورطه في فضيحة التنصت على الهواتف.

وقد تم اعتقال 40 شخصا على علاقة بالعمل في الصحف التابعة لإمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، قبل أن يتم الإفراج عنهم بكفالة، بما في ذلك ستة مسؤولين كانوا قد خضعوا لاستجوابات مطولة يوم الثلاثاء الماضي للاشتباه بإعاقة سير العدالة. وكان من بين هؤلاء الستة روبكا بروكس، وهي المديرة التنفيذية السابقة لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، وزوجها تشارلي بروكس وهو مدرب لخيول السباقات، ومارك حنا وهو رئيس قسم الأمن بصحيفة «نيوز إنترناشيونال».

ويرى خبراء قانونيون أن سلسلة الاعتقالات خلال الأسابيع الأخيرة تشير إلى وجود تسلسل تصاعدي في المخالفات التي تزيد من تأزم الموقف بالنسبة لصحيفة «نيوز إنترناشيونال» والمؤسسة الأم «نيوز كوربوريشن». وقد انتقلت شرطة لندن من مجرد التركيز على فضيحة التنصت خلال الأشهر الأخيرة إلى التحقيق في مزاعم قد تنطوي على عقوبات جنائية أخطر بكثير، مثل تقديم رشى للمسؤولين وإعاقة سير العدالة وترهيب الشهود.

وتواجه الشركة العديد من المشاكل ولعل أخطرها هو الاستياء الشديد الذي يشعر به بعض الموظفين الذين فقدوا وظائفهم نتيجة إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، أو الذين تم فصلهم من مناصبهم مثل ثورلبيك الذي أصبح شخصية محورية في هذا الشأن وقام برفع دعوى قضائية على الشركة للحصول على مستحقاته، كما استخدم مدونة على موقعه الخاص على شبكة الإنترنت للهجوم على المسؤولين التنفيذيين لشركة «نيوز إنترناشيونال» بسبب إمداد شرطة لندن ببعض المعلومات التي أدت إلى الاعتقالات الأخيرة.

وشن ثورلبيك هجوما لاذعا على لجنة المعايير والإدارة في صحيفة «نيوز كوربوريشن» التي شكلها روبرت مردوخ بهدف تعقب الأدلة على ارتكاب المخالفات في ملفات الشركة وتحويلها إلى الشرطة، وبهدف وضع قواعد أخلاقية جديدة لمهنة الصحافة في الشركة. وكتب ثورلبيك على مدونته الأسبوع الماضي يقول إن اللجنة «خانعة» وإنها «تقوم بوضع موظفيها الأكثر ولاء في محرقة جنائزية» لمنع أي محاولة للتحقيق مع صحيفة «نيوز كوربوريشن» في الولايات المتحدة بموجب قانون ممارسات الفساد الأجنبية.

كما شن ثورلبيك هجوما لاذعا أيضا على عدد كبير من المديرين التنفيذيين في مؤسسة «نيوز كوربوريشن» من بينهم ويل لويز (42 عاما)، وهو محرر تنفيذي سابق في المجموعة التي تنشر صحيفة «ذي ديلي تلغراف» وصحيفة «صنداي تلغراف» تم تعيينه من قبل صحيفة «نيوز إنترناشيونال» في عام 2010. وبصفته مسؤولا تنفيذيا في مؤسسة «نيوز كوربوريشن»، يلعب لويز دورا محوريا ومهما في لجنة المعايير والإدارة.

وخلال الأسبوع الماضي، كتب ثورلبيك على مدونته يقول إن لويز كان قد استعان بشركة أمن خاصة لتشديد الرقابة على منزله خارج لندن بعدما نشرت صحيفة «ذي إيفننغ ستاندرد»، وهي صحيفة لندنية لا تخضع لملكية مردوخ، خبرا مفاده أن صحافيين اثنين قد حاولا الانتحار بعدما قامت اللجنة التي شكلها مردوخ بإبلاغ الشرطة عنهما. وقال ثورلبيك إن لويز قد لجأ إلى تأمين منزله لمواجهة «الغضب المتصاعد إزاء غرفة الأخبار في صحيفة (ذي صن)».

وقام ثورلبيك، على مدونته الشخصية، بالكشف عن عنوان الشارع الذي يقطن به لويز، الذي دائما ما يرفض الكشف عن عنوانه على المدونة الخاصة به ويعتذر عن ذلك لدواع أمنية.

* خدمة «نيويورك تايمز»