مشكلة «فيس بوك» الكبرى أنها شركة إعلامية

80% من دخل الشركة يأتي من الإعلانات

مصاعب كبيرة تواجه اكتتاب شركة «فيس بوك» (نيويورك تايمز)
TT

تحظى طريقة عمل «فيس بوك» باهتمام كبير خلال الآونة الأخيرة، لا سيما عقب إعلان شركة «جنرال موتورز» عن سحب إعلاناتها من «فيس بوك» والمقدرة بـ10 ملايين دولار، وهي إشارة غير إيجابية على الثقة في الاكتتاب العام لأسهم شركة «فيس بوك» الذي ينتظره العالم بشغف كبير.

ولا تعد الخطوة التي أقدمت عليها «جنرال موتورز» سوى إشارة على عدم الرضا من جانب المعلنين، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات المعلنة الأخرى بإعادة دراسة أوجه الإنفاق. والحقيقة التي تؤكدها هذه الخطوات هي أنه في الوقت الذي تعمل فيه «فيس بوك» بوصفها شبكة اجتماعية بالنسبة لغالبية مستخدميها، فإنها تبدو، على الجانب التجاري، وكأنها شركة إعلامية، وهو ما يعد شيئا إيجابيا وسلبيا في الوقت نفسه.

وكما هي الحال مع «تويتر»، يمكن أن يكون المحتوى الموجود على «فيس بوك» بالكامل من إنتاج المستخدمين أنفسهم، ولكن الجانب التجاري يتلخص بالكامل في الإعلانات، مثلها في ذلك مثل أي شركة إعلامية أخرى.

ووفقا لأحدث بيان مالي صادر عن شركة «فيس بوك»، فقد وصلت قيمة الإعلانات لأكثر من 80 في المائة من دخل الشركة الذي يصل إلى مليار دولار خلال الربع الأخير.

وعلى الرغم من أن بعضا من هذه الإعلانات عبارة عن «إعلانات اجتماعية» مثل برنامج «سبونسرد ستوريز» وغيره من البرامج، فإن معظم هذه الإعلانات تكون عبارة عن شعارات وإعلانات عرض عادية للغاية، ولا تختلف كثيرا عما تجده في أي موقع إخباري لأي صحيفة أو مجلة أو أي مدونة على شبكة الإنترنت.

وربما يوضح هذا السبب في عدم استحواذ «فيس بوك» على عدد كبير من إعلانات الشركات العالمية. ووفقا لما لا يقل عن دراسة واحدة، فإن معدل مشاهدة الإعلانات الموجودة على شبكة «فيس بوك» هو في الحقيقة أقل من معدل مشاهدة الإعلانات على شبكة الإنترنت العادية (وهو ما يجعل شركة «فورد» سعيدة للغاية بالأموال التي تدفعها لنشر إعلاناتها على «فيس بوك»، على العكس تماما من «جنرال موتورز»).

وعندما يتعلق الأمر بالإعلانات، يختلف الأمر تماما بين «فيس بوك» وأي مؤسسة إعلامية أخرى، حيث إن الطبيعة الاجتماعية لـ«فيس بوك» قد تتداخل في حقيقة الأمر مع فعالية الإعلانات التقليدية. وقال السير مارتين سوريل، وهو رئيس مؤسسة «دبليو بي بي غروب»، إنه ليس متأكدا مما إذا كانت الإعلانات يمكن أن تؤتي ثمارها أم لا في بيئة مثل «فيس بوك»، التي يعتمد نشاطها في الأساس على التواصل الاجتماعي والمحادثات. ويقول المستثمر والمدون كريس ديكسون إن الإعلانات على «فيس بوك» تشبه وضع لوحات إعلانية في إحدى الحدائق.

عندما يستخدم الناس موقع «فيس بوك»، فإنهم يتواصلون مع أصدقائهم. في الحقيقة، يمكنك وضع لوحات إعلانية في إحدى الحدائق، وقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى إقناع بعض الأشخاص بشراء هذا المنتج، ولكن في النهاية يؤدي هذا إلى تشويه صورة الحديقة وتكون الإعلانات غير فعالة بالشكل المطلوب.

ويشير ديكسون إلى أن الإعلانات قد أصبحت شيئا رائعا على موقع «غوغل» لأن الأشخاص الذين يبحثون عن أشياء على الموقع يكون لديهم نية الشراء في الأساس، ويكون قراء مواقع الصحف وغيرها من الكيانات الإعلامية مهتمين بمعرفة معلومات عن العالم والشؤون الحالية والترفيه، ولكن العديد من مستخدمي «فيس بوك» يكونون مهتمين في المقام الأول بالتفاعل مع أصدقائهم وتبادل الصور، فكيف يمكن ترجمة ذلك النشاط الاجتماعي إلى بيئة مناسبة للإعلانات.

ويعاني «فيس بوك» من نقطة ضعف أخرى عندما يتعلق الأمر بالخيارات التي تملكها الشركات الإعلامية الأخرى، مثل الاشتراكات ورسوم الدخول على الصفحات. وكان المؤسس المشارك لموقع «فيس بوك» مارك زوكربيرغ قد وعد مرارا وتكرارا بأن الدخول على «فيس بوك» سوف يظل مجانا، ولكن من غير الواضح ما إذا كان المستخدمون سيدفعون بعض الأموال للاستمتاع ببعض الخيارات الإضافية أم لا؛ على الرغم من أن الشبكة الاجتماعية قد قامت بتجربة ميزة جديدة من شأنها أن تسمح للمستخدمين بتطوير صفحاتهم وحساباتهم.

وهذه هي نقاط ضعف شركة «فيس بوك» بصفتها مؤسسة إعلامية. وعلى الرغم من بعض الأحداث التي توضح هذه السلبيات، مثل الخطوة التي أقدمت عليها شركة «جنرال موتورز»، فإنه من المحتمل أن يركز المستثمرون بصورة أكبر على الجوانب الإيجابية؛ وما أكثرها، ولعل أهم هذه الإيجابيات هو أن «فيس بوك» لديها نحو مليار مستخدم نشط، وفي الفئة العمرية التي يستهدفها المعلنون، لا سيما الشركات الكبرى. وعلى هذا الأساس، فسوف يركز المعلنون على شبكة «فيس بوك» لأنها ببساطة أكبر تجمع يمكن الوصول إليه. ولم يقتصر الأمر على ذلك، ولكن كما يقول جون ستينبيرغ، وهو مدير موقع «بزفيد»، فإذا كان مستقبل الإعلانات في وسائل الإعلام الاجتماعية، فإن اللجوء إلى أكبر وسائل الإعلام الاجتماعية سيكون أفضل من محاولة معرفة واكتشاف كل شيء بنفسك. وثمة احتمال أن يقوم «فيس بوك» بتعطيل سوق الإعلانات من خلال الاعتماد على شبكة إعلانات تعتمد على «الرسوم البيانية المفتوحة»، مما يعني الوصول إلى ملايين المواقع التي تستخدم «فيس بوك».

ويشير ديكسون إلى أن «فيس بوك» لديه عدد من نماذج الأعمال الناشئة، مثل برنامج التجارة الإلكترونية الذي يعتمد على العملة الافتراضية والمعروف باسم «فيس بوك كريدت». ومع ذلك، يعتمد «فيس بوك» بصورة كبيرة حتى الآن على الإعلانات؛ وكما تعرف كل الشركات الإعلامية، فإن هذا له إيجابيات وله سلبيات أيضا.

* خدمة «نيويورك تايمز»