خاصية تخطي الإعلانات في مسجلات الفيديو الرقمية تثير اضطراب الشبكات التلفزيونية

نجح التلفزيون في التصدي لتحديات التكنولوجيا والحد من أعمال القرصنة

قفزة كبيرة في التكنولوجيا تمكن المستخدمين من تخطي جميع الإعلانات المسجلة على معظم برامج لشبكة في وقت الذروة (نيويورك تايمز)
TT

أتى المسؤولون التنفيذيون في شبكات البث الإذاعي إلى نيويورك الأسبوع الماضي كما يفعلون عادة كل عام من أجل عرض برامجهم التلفزيونية على الجهات المعلنة، لكن عليهم التحدث خلال العام الحالي عن تكنولوجيا تهدد وجودهم. هذه التكنولوجيا هي خاصية تجاوز الإعلانات في مسجلات فيديو رقمية جديدة، تبيعها «ديش نتورك»، إحدى كبرى مؤسسات توزيع البرامج التلفزيونية، المملوكة لتشارلز إرغين.

ليس عليك سوى تشغيل هذه التقنية حتى تختفي كل الإعلانات المسجلة على الشبكة في أفضل أوقات العرض تلقائيا، بحيث لا يصبح هناك أي داعٍ للتنقل بين القنوات أو تقديم سير الشريط. وقد وصف بعض النقاد هذه الخاصية التي تحمل اسم «أوتو هوب» أو «القفز التلقائي» بأنه حلم تحقق للمستهلكين. أما بالنسبة إلى جهات البث والمعلنين فهو بمثابة هجوم على نموذج العمل الراسخ في التلفزيون، ويجب أن يتم التصدي له خشية انتشاره.

وتساءل ليسلي مونفيس، المسؤول التنفيذي لمؤسسة «سي بي سي» في معرض رده على أسئلة الصحافيين صباح يوم الأربعاء قبل العرض السنوي: «كيف يتوقع تشارلي إرغين مني إنتاج (سي اس اي) دون إعلانات؟». وأشار تيد هاربرت، رئيس «إن بي سي برودكاستينغ» إلى هذا الأمر خلال تقديمه لأعمال شبكته يوم الاثنين، واصفا خاصية «ديش» بالمهينة لصناعة التلفزيون. وقال: «منح التكنولوجيا لك القدرة على القيام بشيء لا يعني قيامك به. على الأقل في بعض الحالات».

على عكس مجالي الموسيقى والأخبار، نجح التلفزيون إلى حد كبير في التصدي لتحديات التكنولوجيا. وعمل عدد من أصحاب الشبكات معا من أجل تأسيس «هولو»، الموقع الإلكتروني للبث بهدف الحد من أعمال القرصنة. عندما قدمت شركة ناشئة باسم «أيريو» العام الحالي خدمة بث قنوات شبكة «نيويورك تي في» على الإنترنت، اشتركت القنوات معا في إقامة دعويين قضائيتين لوقف ذلك ولم يتم الفصل في الدعويين. واكتسبت خاصية «أوتو هوب» أهمية لأنها لم تقدم من قبل شركة ناشئة، بل من مؤسسة توزيع محطات فضاء لها علاقات وطيدة مع باقي المؤسسات في مجال التلفزيون. وتتفاوض «ديش نتورك» بشكل دوري منتظم مع الشبكات التلفزيونية الأخرى على حقوق إعادة بث البرامج. ولولا هذه البرامج لكان انتقل المشتركون إلى مؤسسات توزيع أخرى. مع ذلك لم تقرر «ديش نتورك» بعد الترويج لهذه التقنية مع «هوبر»، مسجل الفيديو الرقمي الجديد الذي يستطيع تسجيل كل البرامج التي تذاع في أفضل أوقات المشاهدة على قنوات «إيه بي سي» و«سي بي إس» و«فوكس» و«إن بي سي» بشكل متزامن.

وكما يقول المسؤولون التنفيذيون في الشبكة، تعد مؤسسة «ديش نتورك» صديقا تحول إلى عدو، حيث كانت يوما ما تحافظ على نموذج الإعلانات، بينما تحاول الآن تهديده بجهاز لعين. لم يساعد ذلك «ديش» لأنها لم تمنح الشبكات سوى إخطار بأقل من يوم واحد قبل الإعلان عن هذه التقنية الخميس الماضي. لهذا هم يوحدون صفوفهم من أجل التصدي لـ«ديش»، فعلى الأقل لم تعد مؤسسة «نيوز كوربوريشين» تقبل عرض أي إعلانات لهذا الجهاز على أي من قنواتها التلفزيونية. وتنظر «نيوز كوربوريشين» والمؤسسات الأخرى في ما إذا كانت تستطيع مقاضاة «ديش» مثلما فعلت مع مؤسسة مصنعة لمسجل فيديو رقمي منذ عشر سنوات بحسب عدة مصادر مطلعة على المناقشات، التي رفضت عدم الكشف عن هويتها حتى يتسنى لها التحدث بحرية عن تلك النقاشات السرية. وقال جيمس ماكويفي، نائب رئيس مركز «فوريستر ريسيرش» ومحلل به: «مع اتجاه (ديش) العدائي لإرضاء المستهلك النهائي بدلا من المعلنين، بات من الواضح أن الصراع على عائدات التلفزيون أصبح علنيا وسافرا. يبدو أن (ديش) عازمة على إثارة حفيظة أهم شركائها في المحتوى، ويوضح هذا كم هي محبطة هذه الأيام التي نعيشها». وينبع الإحباط من الخوف المستمر من توقف المشتركين عن دفع اشتراك الخدمة في تلك المحطات والتحول إلى البدائل المتاحة على الإنترنت. وتعد هذه الخاصية خطوة باتجاه الحفاظ على اهتمام العملاء.

وداعبت هذه الخاصية خيال مؤسسة «تيفو»، إحدى المؤسسات المنتجة لأجهزة مسجلات الفيديو الرقمية منذ عشر سنوات. وطبقت «ريبلاي تي في» هذه الخاصية على أرض الواقع، لكنها تعرضت لدعاوى قضائية مقامة من شبكات تلفزيونية كبيرة. وبعد تقدم «ريبلاي تي في» لإشهار إفلاسها عام 2003 تخلى أصحابها الجدد عن هذه الخاصية. ونقل عن مسؤول تنفيذي في هذه المؤسسة قوله إنهم سيتجهون إلى التخلي عن هذه الخاصية لرغبتهم في أن يكونوا قوة إيجابية في هذا المجال. وتبنت «تيفو» النهج نفسه وروجت لوسائل لتوصيل الإعلانات إلى المشاهدين حتى إن كانوا يتخطونها. وقال توم روجرز، الرئيس التنفيذي لـ«تيفو»: «لقد خلعنا قبعة التفكير السوداء وارتدينا القبعة البيضاء». وكان توم مسؤولا تنفيذيا في «إن بي سي» منذ عقد عندما كانت الشبكة تفكر في الاستثمار في «تيفو». وكان من شروط الاستثمار عدم تخطي الإعلانات تلقائيا على حد قوله. وذكرت «تيفو» على موقعها الإلكتروني أن الأجهزة التي تقدمها ليست بها خاصية تخطي الإعلانات رغم وجود إمكانية لتشغيل زر التسريع لمدة 30 ثانية. وقال روجرز إن الزر الذي تقدمه «ديش»، والذي يتيح تخطي كل الإعلانات، يمثل مغالاة في تطبيق الفكرة. مع ذلك توضح شركة «ديش» أن التكنولوجيا تروج للبث وتشجع الناس على تجربة برامج جديدة. وقال فيفيك كيمكا، نائب رئيس «ديش» في مقابلة خلال الأسبوع الحالي: «بمرور الوقت نستطيع جعل المشاهدين أكثر تفاعلا مع المحتوى. نحن حساسون تجاه احتياجات الشبكات». لهذا السبب لا تبدأ الخاصية إلا بعد ساعتين من نهاية أفضل وقت مشاهدة يوميا كما يوضح فيفيك، ولهذا تحفظ الإعلانات على المسجل. إنها مخفية لأن برنامج «ديش» يعلم الوقت المناسب لتخطيها.

أوضح كيمكا أن المستهلكين كان لديهم القدرة لسنوات على تخطي الإعلانات يدويا. ويوجد مسجل فيديو رقمي تقريبا في نصف المنازل الأميركية ومقبولة كثيرا في هذا المجال. لا يزال مالكو مسجلات الفيديو الرقمية يشاهدون الإعلانات التلفزيونية رغم أن هذا يشير إلى أن المسجلات توهمهم بأنهم يختارون بحسب بيانات «نيلسون».

وينفي المسؤولون التنفيذيون في الشبكة مزاعم «ديش» بأن هذا سوف يزيد معدل المشاهدة. ورفضوا التعليق علنا على المناورات القانونية، لكن صرح ممثلو كل من «إيه بي سي» و«سي بي إس» و«فوكس» و«إن بي سي» الأسبوع الحالي بأنهم ينظرون في الأمر. وصرح بول لي، رئيس مجموعة «إيه بي سي إنترتينمنت غروب» يوم الثلاثاء: «الإعلانات جزء أساسي من عملنا، لذا نحن لا ندعم أي شيء لا يدعم الجهات المعلنة». وقال ماكويفي: «في النهاية، تنبع القوة الحقيقية للشبكات من عقود التوزيع. إذا لم تعمل (ديش) بشكل جيد ستجد أنه من المستحيل تجديد تلك العقود عندما تنتهي». بطبيعة الحال تعلم «ديش» ذلك، لكنها قررت على أي حال. ورفض كيمكا التكهن بإمكانية اتخاذ الشبكات التلفزيونية إجراء قانونيا.

وقال ميتش ستولتز، محامٍ في «إلكترونيك فرونتير فاونديشين»، التي تصدت لدعوى قضائية أقيمت من قبل الشبكة منذ عشر سنوات: «ربما تسبب إتاحة إمكانية التخطي التلقائي للإعلانات مشكلة للشبكات التلفزيونية، لكنها ليست انتهاكا واضحا لحقوق الطبع. مع الأسف التعويضات التي يمكن الحصول عليها بموجب قانون الطبع كبيرة، مما يشير إلى أن التهديد بإقامة دعوى قضائية قد يكون له تأثير كبير على المفاوضات ويجعل القانون بمثابة حق رفض الابتكار».

*شاركت آمي تشوزيك في إعداد التقرير

*خدمة «نيويورك تايمز»