مراسلو مجلس مدينة نيويورك يعودون إلى مقرهم القديم

بعد ابتعادهم عنه لمدة عامين بسبب عمليات تجديد كامل مبنى المجلس

مراسلو مجلس مدينة نيويورك يعودون إلى مواقعهم القديمة بعد ابتعادهم عنها لمدة 23 شهرا بسبب أعمال الصيانة («نيويورك تايمز»)
TT

لطالما كان هذا المكان مأوى للسكارى والمجانين والمشاغبين قبل أن ينتقل إليه الصحافيون، حيث كانت القاعة (9)، وهي غرفة المراسلين الضيقة في مجلس مدينة نيويورك والتي كانت في السابق قاعة محكمة تختص بالنظر في قضايا السكارى، مكانا فوضويا للمراسلين الصحافيين، والمراسلات أيضا في نهاية المطاف، في المدينة منذ عهد الإدارة المضطربة لعمدة نيويورك، أوكي هال، في ستينات القرن التاسع عشر.

عادت القاعة إلى الحياة يوم الخميس لأول مرة منذ عامين، حيث تحولت إلى مؤسسة صحافية، مما وضع نهاية لعملية النفي التي فرضها مجلس المدينة على المؤسسات الصحافية، حيث كانت القاعة جزءا من عملية تجديد شملت كامل المبنى الذي يبلغ عمره 200 عام والتي بلغت تكلفتها 106 ملايين دولار.

وبينما كان المراسلون الصحافيون يكافحون من أجل ربط خطوط الهاتف، أبدى البعض الآخر شوقا كبيرا لرؤية القطع الأثرية المزخرفة، التي لا تزال في المخازن، مثل القبعة المصنوعة من القش والعكاز الخاصين بالعمدة السابق جون ليندساي، فضلا عن الرسوم الكاريكاتيرية الموضوعة في إطارات والخاصة بعمدة آخر يدعى أبراهام بيامي، والتي كانت في الماضي تزين الجدران المطلية باللون الأخضر النعناعي والتي ترتفع بطول 14 قدما.

قالت ماغي هابيرمان، مراسلة صحيفة «بوليتيكو»، إنها أبدت استحسانا كبيرا للقاعة التي تم تجديدها حديثا، وأضافت، بعد ساعات قليلة من الانتقال مرة أخرى إلى القاعة: «لقد كانت نظيفة بشكل لا يصدق، أعتقد أنه من الجيد أن لا تبدو القاعة (9) بشكل مثير للاشمئزاز».

قرر مايكل بلومبيرغ، عمدة مدينة نيويورك، نقل المراسلين الصحافيين من القاعة إلى عربة مقطورة بديلة خارج سلالم مجلس المدينة لمدة عام ونصف، كما كان مفترضا، ولكن عملية التجديد أخذت 23 شهرا، وهو التأخير الذي نسبه عمدة المدينة إلى التقلبات التي تشهدها سوق البناء، مؤكدا أن النكات التي أطلقها الصحافيون لا بد أنها كانت جزءا من مؤامرة لعرقلة التغطية الخاصة بهم.

وفي الواقع، كان مجلس المدينة شديد الحساسية تجاه أي إهانة يتم توجيهها من جانب الصحافيين المهجرين، حيث قال مسؤول في مجلس المدينة إن مكتب العمدة كان يفكر في وضع المقطورة بعيدا عن مجلس المدينة، على طول شارع برودواي القريب، ولكنه تخلى عن هذه الخطة بعد الإحساس بأن الصحافيين ربما يقومون بانتقاد العمدة على إخراجهم من مجلس المدينة.

كان هناك بعض الوجوه الجديدة من المراسلين الصحافيين الذين كانوا يجرون معهم صناديق إلى داخل القاعة يوم الخميس، حيث اتخذت وسائل الإعلام التي تعمل عبر الإنترنت مكاتب لها داخل مجلس المدينة للمرة الأولى. ومن المتوقع أن يتمكن كافة من في القاعة (9) تقريبا من التدوين والتغريد على موقع «تويتر»، فضلا عن القيام بإجراء بعض التعديلات على الفيديوهات باستخدام شاشات عالية الوضوح، وهي المهام التي تختلف بصورة كلية عن تلك التي تم إسنادها للصحافيين قبل عصر «تويتر». يعتبر مجلس مدينة نيويورك، والذي تم الانتهاء منه في عام 1812، أقدم مبنى حكومي من نوعه يعمل بصورة مستمرة في البلاد، ولذا فلن يكون من المبالغة القول بأن القاعة (9) ربما تكون أقدم مكتب يعمل بصورة مستمرة في مجالس المدن في تاريخ الصحافة الأميركية. تدافعت أجيال من المراسلين الصحافيين للحصول على سبق صحافي من تحت نوافذ المبنى ذات الطراز الجورجي، وتمتعوا بحرية الدخول المباشر إلى مكتب العمدة والناطق باسم مجلس المدينة، حيث يقع مكتباهما عبر القاعة مباشرة.

لم يحظ موقع مكتب الصحافيين بتقدير كافة عمد المدينة، حيث قال بلومبيرغ، قبل وقت قصير من انتخابه في عام 2001، إنه يفضل تواجد المؤسسات الصحافية في ستاتين آيلاند، مضيفا: «يمكنهم أن يستقلوا حافلة». ورغم ذلك، قال بعض العمد الآخرين إنهم شعروا بالمتعة من علاقاتهم مع الصحافيين والتي ترتبت على تواجد غرفة الصحافة داخل مجلس المدينة، حيث قال إدوارد كوخ إنه يحب أن يقوم المراسلون الصحافيون بتوقيفه والمزاح معه، حتى وإن كان هناك، «الكثير من الصراصير» في القاعة. (أكد كوخ أنه كان يعني الحشرات ولا يقصد المراسلين الصحافيين).

وبسؤاله عما إذا كان قد حسد بلومبيرغ على وضع المقطورة خارج المبنى أم لا، قال عمدة نيويورك السابق ردولف غيولياني إنه كان سيشعر بالغيرة منه: «فقط إذا تمكن من التخلص منهم إلى الأبد. ولكن إذا كانوا سيتواجدون في المبنى، فمن الأفضل أن يكون المرء قريبا منهم من أجل مراقبتهم».

تبلغ مساحة القاعة (9) 455 قدما مربعة، ولذا فهي ليست أكبر بأي حال من الأحوال من الشقق الاستوديو، ولكنها تتسع لستة عشر مراسلا صحافيا للصحف اليومية الرئيسية ووكالات الأنباء في المدينة. تقع القاعة (4 أ) أسفل القاعة (9) مباشرة وسوف تتضمن مكاتب لوسائل الإعلام عبر الإنترنت مثل «كابيتال نيويورك» و(DNAinfo.com).

يقول مايكل فينتورا، مدير تحرير موقع (DNAinfo.com): «لقد أردنا الحصول على مساحة للعمل في الأسفل هناك، حيث إن القاعة أقل ضجيجا من (ستاربوكس) وأقل إرهاقا من متنزه مجلس المدينة».

يأمل فينتورا أن تتمكن مراسلته من تجنب التفكير الجماعي الذي من الممكن أن يعصف بالمكاتب السياسية، مضيفا: «لا أريدها أن تقع في هذه المشكلة أو أي مشكلة مشابهة».

تعتبر المزايا الأخرى المتضمنة في القاعة (9)، مثل خط تليفون مخصص والوصول السريع إلى المشرعين، غير ذات أهمية كبيرة في عصر تصل فيه الأخبار الصحافية عبر البريد الإلكتروني وتذاع فيه المؤتمرات الصحافية، في كثير من الأحيان، عبر الإنترنت.

يقول جوز بينسون، رئيس التحرير المشارك لصحيفة «نيويورك كابيتال»: «يعتبر التواجد في هذه القاعة في منطقة وسطى بين الضرورة والعمل الأكاديمي». لا يعتبر عصر الأخبار الرقمية هو التحدي الوحيد الذي واجه القاعة (9) خلال السنوات الطويلة الماضية، ففي عام 1868 «كانت القاعة تختص بالنظر في قضايا السكارى والمجانين»، وذلك طبقا لخبر نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 1984. وفقا لما ورد في معرض أقيم تحت رعاية المدينة حول تاريخ مجلس مدينة نيويورك.

يبدو أن تسمية «القاعة (9)» تعود إلى القرن العشرين، حيث كانت قبل ذلك تعرف باسم «القاعة (13)». لم يستطع المؤرخون المحليون والمسؤولون السابقون في مجلس المدينة تحديد موعد حدوث هذا التغيير.

وفي قمة شهرتها في منتصف القرن الماضي، كان منظر القاعة يعطيك إحساسا بأنها أحد مشاهد مسرحية «ذي فيرست بادج»، وهي مسرحية كوميدية قديمة في برودواي كانت تتحدث عن مراسلي صحف التابلويد، حيث كان دخان السجائر وصوت الآلات الكاتبة يملآن المكان. وفي أواخر ستينات القرن العشرين، مكن الدرج الحلزوني الأشخاص من الوصول السريع إلى القاعة الأخرى التي توجد في الطابق السفلي في حالة حدوث حريق.

يقول جورج أرزت، الذي عمل لأعوام طويلة في القاعة (9)، أولا كمراسل صحافي ثم بعدها كسكرتير صحافي للعمدة كوخ: «اعتاد الناس النزول إلى الطابق السفلي، حيث كانت هناك أريكة يمكنهم الاسترخاء عليها في أي وقت يشعرون فيه بالتعب».

قالت المدينة إنها قامت بتركيب أحدث أنظمة مكافحة الحريق في القاعة (9) وإنها قامت بإصلاح نظام التبريد والتسخين غريب الأطوار في القاعة.

شاهد المراسلون الصحافيون يوم الخميس الطلاء الساطع الغريب الخاص بالقاعة ودخلوا في نقاش حول ما إن كانت الأرضية المكسوة بمشمع الأرضيات، والتي كانت كثيرة التعرجات والزوايا من قبل، الاختيار الموفق أم لا، ومع عودة المؤسسات الإعلامية إلى القاعة مرة أخرى، بدت القاعة نظيفة ومرتبة تقريبا - وهو الوضع الذي سوف يتم تصحيحه في وقت قصير للغاية، طبقا لبعض النكات التي أطلقها الصحافيون.

* خدمة «نيويروك تايمز»