برنامج «توداي» الأميركي يشعر بحرارة المنافسة على جمهور الفترة الصباحية

ينافسه في ذلك برنامج «صباح الخير أميركا» الذي يحقق نجاحات كبيرة

(من اليسار) آل روكر، و آن كاري، ومات لاوير وسافانا غوثري أعضاء فريق برنامج «توداي» العربي يبث على قناة «ان بي سي» («نيوريورك تايمز»)
TT

في صباح كثير الرياح من شهر مايو (أيار) في مركز روكفلر بلازا، حيث يجتمع نجوم برنامج «توداي» الذي تنتجه شبكة «إن بي سي» بشكل منتظم لتقديم البرنامج في مكان مفتوح، ولسبب ما كانت كاثي لي غيفورد وهدى قطب ترتديان زي المستشفى، وشرعتا، مثل إيثال ولوسي، وهما شخصيتان شهيرتان في الخمسينات والستينات، في تنفيذ بعض الخطط المجنونة، فقد كان تفسير غيفورد - لديهما فقرة عن الجراحة التجميلية - يتطلب استخدام إشارات درامية، كانت إحداها طرح بعض الأوراق من بين يدي مذيعة البرنامج آن كوري.

وعلى الرغم من تناثر الأوراق على أرضية مركز روك، تبتسم كوري، بهدوء مثير للدهشة، كما هو متوقع من سيدة تحتل مكانة تلفزيونية مرموقة، الوظيفة التي تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة للغاية. لكن ما حدث في ما بعد هو ما لفت الانتباه. انحنت غيفورد لجمع البطاقات، وقد حاولت كوري ثنيها عن ذلك لكنها حولت انتباهها إلى ظهر غيفورد. تحول المنتجون إلى الكاميرا الجانبية، وفجأة اتضح ما كانت تفعله كوري، كانت تتأكد من أن ثوبها مغلق، وأن ليس هناك شيء محرج يظهر في الوقت الذي تسعى فيه غيفورد جاهدة لجمع البطاقات التي تناثرت على الأرض.

ربما لا يكسبها ذلك أي أصوات للقداسة، لكن لحظة القلق على أحد زملائها ظهرت أثناء هذا الارتباك من البرنامج الصباحي للشبكة. وقد جعلني ذلك أشعر بنوع من الذنب، لأنني كنت أشاهد برنامج «توداي» للتحقق، بمنظور ناقد تلفزيوني، من النظرية التي تقول إن نهاية برنامج رائع ظل متربعا على عرش العروض التلفزيونية الصباحية لمدة 16 عاما، كان خطأ كوري.

أنا لست مشاهدا منتظما للبرامج الصباحية، لكني قضيت شهرا أراقب برنامج «توداي» بعدما أصبحت معركته للتصنيف مع برنامج «صباح الخير أميركا» الموضوع الأكثر تشويقا لدى القراء، وقارنت ملاحظاتي بشأن البرنامج ومكان المذيعة كوري فيه مع أكثر من 10 من خبراء البرامج الصباحية، بمن في ذلك العاملون السابقون والحاليون في برنامج «توداي» والبرامج التلفزيونية الأخرى والمديرون التنفيذيون.

كان برنامج «توداي» قد فقد بعد عام من عمل كوري - انتقلت من مقدمة نشرات إخبارية لتخلف ميرديث فييرا كمذيعة مع مات لاوير في التاسع من يونيو (حزيران) 2011 - كل الفارق الذي كان يفصله عن برنامج «صباح الخير أميركا» الذي يقدر بنحو 780.000 مشاهد، ليحقق الصدارة في الترتيب الشهري في مايو بفارق ضئيل بلغ 130.000 مشاهد. عاد الهامش إلى الارتفاع إلى 332.000 في الأسبوع الأول من يونيو، الذي شهد سلسلة من الانتصارات الأسبوعية الملحمية بلغت 852 في بداية شهر أبريل (نيسان)، وفاز برنامج «صباح الخير أميركا» بعدة أسابيع إضافية منذ ذلك الحين. وعلى الرغم من عدم ضخامة حجم مشاهدي البرنامج - في الأسبوع الأول من شهر يونيو الذي فاز به «توداي» حظي كل من البرنامجين بنسبة مشاهدة لم تتجاوز 5 ملايين مشاهد - فإن برنامج توداي يجني ما بين 250 إلى 300 مليون دولار سنويا لقناة «إن بي سي»، وهو ما يجعله البرنامج الأكثر ربحية في الصناعة التلفزيونية.

ويعترف مدير تنفيذي في قناة «إن بي سي» - الذي أصر مثل غالبية الأفراد الذين التقيتهم قبل كتابة هذا المقال على ضرورة عدم ذكر اسمه بسبب حساسية المقال - بأن ذلك نوع من المصادفة، قائلا: «إنها حقيقة لا يمكن إنكارها بأنه كان هناك تغيير في مذيع برنامج (توداي) قبل عام وكانت هناك بعض التحديات في التصنيفات خلال عملها، لكني لا أشارك وجهة النظر بأن هذا كله تتحمله آن».

كانت مواقع الشائعات قد أثارت الكثير من التكهنات بشأن مستقبل كوري، مشيرة إلى غيابها الدائم من البرنامج، لكن الكثير الأفراد داخل وخارج شبكة «إن بي سي» سارعوا إلى القول بأن الكثير من العوامل يمكن أن تسهم في المنافسة المحتدمة في الصباح. وشملت ضعف تصنيفات فترة الذروة الصباحية في قناة «إن بي سي» التي ينظر إليها من قبل الكثيرين على أنها عامل مهم في جذب المشاهدين إلى البرامج الإخبارية المسائية المحلية، وفي المقابل عروض الشبكة الصباحية، وتسعى شبكة «إيه بي سي» إلى استغلال برنامج «صباح الخير أميركا» للترويج لبرنامج «تلفزيون الواقع» «الرقص مع النجوم»، وإمكانية انتقال مشاهدي برنامج «سي بي إس هذا الصباح»، البرنامج الخاسر، إلى برنامج أكثر غنى بالمواد الإخبارية في يناير (كانون الثاني) (في شبكة «إيه بي سي»).

لكن الكثير منهم عبروا عن تحفظاتهم بشأن عمل كوري كمذيعة مساعدة، فأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» في 20 يونيو أن المديرين التنفيذيين في شبكة «إن بي سي» يعدون خطة لاستبدال كوري. ولا يشكك منتقدو كوري في مواهبها، لكن الكثير منهم يعبرون عن تحفظاتهم بشأن الشخصية التي تبدو عليها على الشاشة وعلاقتها بلاوير والعاملين الآخرين في البرنامج.

تعتبر كوري مذيعة ومراسلة إخبارية متمرسة، اشتهرت بتقاريرها من مناطق الصراع في العالم، لكن مسؤولي الترفيه من المسؤولين عن برنامجي «توداي» و«صباح الخير أميركا» يصفونها بأنها بارعة في إظهار انفعالاتها في البيئة الأكثر هدوءا لبرنامج «توداي»، حيث يأتي ضمن مهام عملها إجراء مقابلات مع ضحايا الحوادث والعنف أو فضائح المشاهير. وهذا هو ما أكده رئيس لشبكة إخبارية سابق، حيث قال: «عندما تتحدث إلى الأشخاص وجها لوجه تظهر تعاطفا حقيقيا. قد تبدو مغالية في بعض الأحيان في الاستوديو، لكنها بذلك تحاول لفت الأنظار إلى مدى جدية القضية».

هناك بعض الحقيقة في ذلك، لكن كوري قد تبدو غير متوافقة بشكل كامل مع التحول المفاجئ في النبرة المطلوب في مذيع الفترة الصباحية (حيث يتميز لاوير إلى حد بعيد)، حيث يشترط أن تكون على اطلاع واسع وسلاسة، بالإضافة إلى إعادة ضبط درجة الصوت لكل فقرة جديدة. لكن تعنت المراسل يظهر في بعض الأحيان في المواقف التي تكون النبرة الأكثر تواطؤا وتأكيدا هي ما يرغب فيه منتجو ومشاهدو الصباح.

بيد أنه بمرور الوقت تبدو هناك قضية أخرى أكثر أهمية، أكد عليها الكثير من العاملين السابقين، التي أعتقد أنها تصب في صميم كيفية عمل البرنامج.

إذا ما نظرت إلى القائمة على برنامج «توداي» كعائلة بديلة، تقوم على رعاية 5 ملايين أميركي وهم يتناولون وجبة الإفطار ويتفحصون بريدهم الإلكتروني، فستجد الأدوار محددة للغاية. فهناك آل روكر، العم المرح لقراءة الطقس، وناتالي موراليس ابنة العم الذكية لقراءة الأخبار، ومات لاوير المذيع المشارك لكوري، الابن المدلل ذو الحس الفكاهي القادر على تلطيف الأجواء غير المريحة. ثم تأتي غيفورد وقطب اللتان تستضيفان حفل «كوكتيل» البرنامج في ساعته الرابعة.

في إطار هذه الخطة ينبغي على كوري، البالغة من العمر 55 عاما، أن تبدو مثل الأخت الكبرى الحكيمة أمام فييرا التي تقدمت في العمر وغادرت القناة، لكن تأتي مؤخرا بين الحين والآخر في مناسبات كثيرة كضيفة، على سبيل المثال خلال تغطية احتفالات اليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية في لندن. مع ذلك وأنت تشاهد البرنامج يراودك شعور لا يمكنك الهروب منه بأن كوري خارج المجموعة بدرجة محدودة لكن واضحة، مثل أخت سندريلا غير الشقيقة، دون أمير. ومن أسباب ذلك عدم تفاهمها على الشاشة مع لاوير، الذي يتسم بالود ويتمتع بالمهنية، في الوقت الذي يغيب فيه الشعور بالراحة الذي يبدو عليه مع فييرا ومن كانت تعمل قبلها، كاتي كوريك.

قبل أن تشارك كوري لاوير في تقديم البرنامج، كنا لنراها تبحث أو توطد وضعها في البرنامج في مناسبة هامة، وهي يوم العمل الأخير بالنسبة لكوريك عام 2006. وطبعت كوريك قبلة الوداع على وجهي لاوير وروكر، ثم نظرت إلى كوري والناقدة السينمائية جين شاليت قبل أن تعود إلى الكاميرا. وفجأة مالت كوري بجسدها حول كوريك لتطبع على وجهها قبلة غير حذرة كرد للمجاملة. لا أعلم ما هي الأسباب الشخصية التي يمكن أن تكون وراء هذا التباعد الذي يظهر على الشاشة بينهما. يمكن للمرء التكهن ببعض الأمور، فكوري يابانية - أميركية وقضت جزءا من فترة طفولتها في الخارج وترى أن ذلك أسهم إلى حد كبير في تعلمها الاعتماد على الذات والتحفظ.

يمكنك أن تسأل كيف سيبدو الأمر عندما تعمل مع لاوير، مذيع البرامج الصباحية اللامع الذي وقع مؤخرا عقد طويل الأجل ليبقى مع «توداي»، وأطلق عليه ستيف كابوس، رئيس «إن بي سي نيوز» وصف «لاعبنا المميز».

وقال شخص مطلع على أحوال «توداي»: «إن قربها من مات يثير توترها، ويثير أعصابها الجلوس بجانبه. تحتاج العلاقة الكثير من العمل عليها».

فندت بعض المصادر الأخرى داخل «إن بي سي» هذا الأمر بقولها إن المذيعين تربطهما علاقات جيدة. وعندما حل لاوير ضيفا على «بيرز مورغان تونايت» مؤخرا لمناقشة تقييم نسبة مشاهدة «توداي» قال لمقدم البرنامج البديل دوني داتش: «عندما بدأ الناس يكتبون مقالات عن مشكلات برنامج (توداي)، تعلم إلى من ستوجه إصبعك. نحوي بالطبع لأني أقدم شخص فيه. وهذه هي مسؤوليتي». ولم يذكر لاوير زميلته في تقديم البرنامج.

وتقف كوري، التي عملت مراسلة تلفزيونية فترة طويلة قبل أن تنتقل إلى «توداي» عام 1997، على أرض صلبة عندما يتعلق الأمر بالصحافة. ويعد هذا هو أول عمل يشير إليه المنتج المنفذ للبرنامج، جيم بيل، عندما يتصدى لدعمها. ويقول: «لا أعتقد أن هناك أي شك في أن من تتحدث عنها هنا هي واحدة من أعظم الصحافيين. تلتقط الناس بعض التفاصيل المحددة، لكنها معروفة ومحبوبة من زملائنا ومشاهدينا وتقوم بهذا العمل منذ وقت طويل، لقد أسهمت في خلق لحظات لا أعتقد أن أحدا آخر قادر على خلقها».

الأمر الأكثر إثارة للإحباط هو التدقيق في أتفه التفاصيل على الكيمياء بين المذيعين أو الود أو الأداء خلال فقرة الطهي أو خلال مقابلة مع واحد من المشاهير. كل تلك الأشياء جزء من لعبة البرامج الصباحية.

وقالت جين باولي، التي شاركت في تقديم برنامج «توداي»، لمدة 13 عاما منذ عام 1976، إن نجاحها في البرنامج كان يعتمد على «تمتعها بالشهرة الطبيعية». وأضافت باولي: «الصفة التي أشارك فيها (إن بي سي) هي الأصالة والصدق. لا أعتقد أن الجميع يجب أن يتميزوا بمستوى كبير من الأصالة». وبعد مراقبة كوري عن كثب لشهر، اعتقدت أنها وباولي يشتركان في بعض الأشياء.

وتتسم كوري بالأصالة التي تميزها عن فييرا وأيضا كوريك البارعة في إظهار الأصالة والتفرد بشكل فني، التي تتمتع بشخصية لا مثيل لها. هناك لحظات في كل برنامج تشعر فيها وكأنك تدرك مشاعر كوري الحقيقية. وفي عالم البرامج الصباحية يمكن أن تكون الأمانة والصدق لصالحك أو ضدك. أن نعلم بأن مشاعرك ستهتز لقصة طفل مريض أمر، وأن تمل أو تزدري طاهيا زائرا أمر آخر.

في النهاية يبدو الأمر لي وكأن هذه الأشياء لا تصنع نجاح برنامج أو تؤدي إلى فشله. وأتفق مع أندرو هيوارد، الرئيس السابق لـ«سي بي إس نيوز» عندما قال: «إلقاء كل المسؤوليات على الفريق يعد تجاهلا لكم العمل الذي يبذل في إعداد البرنامج. هناك الكثير من الفن والحرفية التي تقف وراء شخصية وقبول المذيعين».

مع ذلك أنا لست منتجا لبرنامج صباحي ولا يمكنني إدراك نوع الضغط الذي يمارسه النجاح الذي وصل إلى 852 أسبوعا على جميع الأطراف المشاركة. الأهم من ذلك أن الثانية التي خصصتها كوري لغيفورد كان من الممكن أن تقضى في القلق على البرنامج.

الجدير بالذكر أن مقال هذا الأسبوع يقيم أداء آن كوري، التي تشارك في تقديم برنامج «توداي» الذي يذاع على قناة «إن بي سي» ويوضح كيف تعد مشاركتها في تقديم البرنامج من أسباب تراجع نسبة مشاهدة البرنامج مؤخرا. وبعد مثول المقال للطبع، ذكرت صحيفة «ذا تايمز» أن المسؤولين التنفيذيين في «إن بي سي» يعتزمون الاستغناء عنها والاستعانة بشخص آخر ربما في غضون أسبوع.

* خدمة «نيويورك تايمز»