الإعلام الأولمبي.. حديث العالم

«بي بي سي» تستغل الأولمبياد لإعطاء لمحة عن مستقبل التلفزيونات

16 مليون شخص استخدموا خدمة «الزر الأحمر» التي تقدمها «بي بي سي» وتزود المشاهد بمعلومات مباشرة وحية (رويترز)
TT

في الوقت الذي يبدي فيه بعض مشاهدي القنوات التلفزيونية الأميركية تذمرهم حول الشعور الرجعي المتعلق بتغطية شبكة «إن بي سي» لفعاليات دورة الألعاب الأولمبية في لندن، نظرا لتأخر الشبكة في بث مراسم الافتتاح وبعض الفعاليات الأخرى، تحصل الجماهير الإنجليزية على صورة تلفزيونية أكثر عصرية، بل ومستقبلية أيضا، أثناء هذه الدورة.

تقوم قنوات الـ«بي بي سي» بتوفير تغطية ماراثونية لفعاليات الأولمبياد، حيث تقدم 2500 ساعة من التغطية التلفزيونية خلال دورة الألعاب الأولمبية التي ستستمر لأكثر من أسبوعين. وبضغطة واحدة على زر جهاز التحكم عن بعد، يستطيع المشاهدون الاختيار ما بين 24 حدثا مباشرا لمختلف الفعاليات، سواء أكانت كرة السلة أو المبارزة أو غيرها من المباريات. يقول روجر موسي، مدير تغطية دورة الألعاب الأولمبية في تلفزيون الـ«بي بي سي»: «نريد نقل كل الفعاليات للناس، بداية من أول شيء يحدث في الصباح وحتى آخر شيء في الليل».

ومن خلال الدورات الأولمبية التي قامت بتنظيمها، قدمت لندن الكثير من الأحداث «غير المسبوقة» المتعلقة بالبث التلفزيوني، فعلى سبيل المثال، كانت دورة الألعاب الأولمبية التي نظمتها لندن في عام 1948 هي الأولى التي يتم نقل فعاليتها عبر شاشات التلفزيون للناس في المنازل.

وفي الدورة الحالية، تقوم الـ«بي بي سي» و«إن إتش كيه»، (هيئة الإذاعة اليابانية العامة)، باختبار تكنولوجيا جديدة، التي يطلق عليها اسم «تلفزيون بوضوح فائق الرؤية»، وتؤكدان أنها توفر وضوحا يصل إلى 16 ضعف التلفزيونات التقليدية عالية الوضوح. يؤكد بعض المسؤولين التنفيذيين أن هذه التقنية ليست متوافرة في المنازل في الوقت الحالي، ولن تكون متوافرة قبل عام 2020 أو نحو ذلك، ولكنها تستخدم لتصوير عدد من الفعاليات ليتم بثها في بعض الدوائر المغلقة على الشاشات العملاقة الموجودة في لندن وبرادفورد في بريطانيا وغلاسكو وطوكيو وفوكوشيما في اليابان. وتم توفير هذه التقنية أيضا لشبكة «إن بي سي» لعرضها في الشاشة العملاقة الموجودة في واشنطن. ويقول موسي: «إنها أفضل من التقنية ثلاثية الأبعاد. الأمر يشبه النظر من خلال نافذة زجاجية إلى هذه الفعاليات».

ويؤكد موسي أن التقنية ثلاثية الأبعاد، والمتوافرة في الأسواق منذ بضع سنوات، هي الوحيدة من بين مجموعة العروض التي تقدمها «بي بي سي» في الأولمبياد التي لم ترق إلى مستوى التوقعات. ارتفعت بشدة أعداد مشاهدي الخدمات الأخرى التي تقدمها الـ«بي بي سي»، على الرغم من وجود بعض مواطن الخلل، المتمثلة في المشكلات التقنية، التي ألقت الـ«بي بي سي» باللائمة فيها على عاتق خدمات البث الخاصة بمنظمي الدورة الأولمبية، فضلا عن التغطية السيئة لسباق الدراجات.

وخلال الأيام الستة الأولى من دورة الألعاب الأولمبية، شاهد 45.4 مليون مواطن بريطاني 15 دقيقة على الأقل من التغطية التي تقدمها قنوات «بي بي سي»، وهو الرقم الذي يزيد على عدد مشاهدي القنوات خلال دورتي الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008 واليونان عام 2004. وبالإضافة إلى ذلك، استخدم نحو 16 مليون شخص ما يطلق عليه خدمة «الزر الأحمر»، التي تزود المشاهد بمعلومات مباشرة وحية.

يقول كيفين ألافي، العضو المنتدب لوحدة الأبحاث الرياضية في وكالة «إنيشياتف»، وهي وكالة مشتريات إعلامية: «أصبح موضوع بث الفعاليات الرياضية المباشرة مهيمنا كما لم يكن أبدا من قبل. فعندما يكون لديك المزيد من القنوات والأجهزة التي يستطيع من خلالها الناس مشاهدة الأحداث مباشرة، فسوف يكون لهذا الأمر تأثير كبير على البرامج».

وبالنسبة للجزء الأهم، توفر شبكة «إن بي سي» بثا حيا لفعاليات الدورة الأولمبية على شبكة الإنترنت فقط لعملاء التلفزيون المدفوع مقدما. قامت شبكة «إن بي سي» ببناء تغطيتها للدورة الأولمبية على باقات معدلة في أوقات الذروة للفعاليات التي غالبا ما تتم قبل وقت عرضها بساعات طويلة. وعلى الرغم من وجود بعض الشكاوى من المشاهدين والنقاد التلفزيونيين، ظلت بيانات المشاهدة وأرقام الإعلانات على شاشات الشبكة قوية للغاية.

وتمثل الإعلانات أكبر مصادر الدخل بالنسبة لشبكة «إن بي سي» التي دفعت ما يناهز 1.2 مليار دولار للحصول على حقوق بث فعاليات دورة الألعاب الأولمبية في لندن، بينما تتلقى «بي بي سي» معظم تمويلها من عامة الشعب، عن طريق الحصول على ما يساوي 145.50 أو 225 جنيها إسترلينيا، كرسوم تفرض على كل المواطنين الذين يتملكون أجهزة تلفزيون في منازلهم، لذا، فهي لا تعتمد كثيرا على عائدات الإعلانات.

وفي معظم أنحاء أوروبا، يتم نقل فعاليات الدورة الأولمبية عن طريق محطات البث العامة مثل الـ«بي بي سي»، أما في إيطاليا، فتمتلك شبكة «سكاي إيطاليا»، وهو شركة للتلفزيون المدفوع مقدما التي تمتلكها مجموعة «نيوز كوربوريشن»، حقوق بث دورة الألعاب الأولمبية.

لطالما سعت «اللجنة الأولمبية الدولية» لنقل فعاليات الدورات الأولمبية إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، ولكن الإمكانيات التي تتمتع بها التقنيات الحديثة، مثل تلك التقنيات التي تستخدمها «بي بي سي» أو «سكاي إيطاليا» لتوفير كثير من المتابعات في نفس الوقت، قد تقوم بتغيير هذا الهدف الذي تسعى اللجنة لتحقيقه، حسبما يؤكد المحللون، بحسب «نيويورك تايمز».

ويقول بن سبايت، محلل في «مجموعة الأعمال الرياضية» في لندن: «لا تزال الأولوية تتمثل في اجتذاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص لمشاهدة الألعاب الأولمبية»، مضيفا: «ولكنهم يريدون الآن الحد الأقصى من التغطية أيضا، وذلك لتسليط المزيد من الضوء على بعض الألعاب التي لا تتمتع بشعبية كبيرة».

وعقب دورة الألعاب الأولمبية التي نظمتها بكين في 2008، التي يصل فارق التوقيت بينها وبين لندن إلى سبع ساعات، يؤكد موسى أنه ناقش مع مارك تومسون، المدير العام لـ«بي بي سي»، إمكانية تأخير بث حفل افتتاح الدورة الأولمبية. قامت «بي بي سي» بعرض مراسم حفل الافتتاح مباشرة في وقت الظهيرة بتوقيت لندن، ولكنها كان من الممكن أن تجتذب أعدادا أكبر من المشاهدين، إذا تم عرض الحفل في أوقات الذروة في ساعات المساء.

ويقول موسي إنه استنتج من ذلك أن المشاهدين الإنجليز لم يكونوا ليوافقوا على مثل هذا التأخير، مضيفا: «نحن نحترم ما تقوم به شبكة (إن بي سي)، ولكن كان من الممكن أن يتم القضاء تماما على (بي بي سي) إذا قامت بتغيير موعد عرض مراسم الافتتاح».