شركة إعلامية تبدأ عملها بعد الانتهاء من توزيع الميداليات في الأولمبياد

TT

في الوقت الذي يتنافس فيه أفضل رياضيي العالم للوصول إلى منصة التتويج في دورة الألعاب الأولمبية التي تنظمها لندن، ينصب تركيز الإيطالي ماركو باليتش على إحدى الفعاليات التي لن تستغرق سوى 10 دقائق والتي ستحدث بمجرد الانتهاء من تسليم كل الميداليات في الأولمبياد.

ماركو باليتش هو المدير التنفيذي للمراسم الخاصة بنقل علم الأولمبياد إلى المدينة التي ستستضيف النسخة المقبلة من دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، وهو مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية التي ستستضيف الأولمبياد في عام 2016، خلال الاحتفالات الختامية التي ستقام يوم الأحد في لندن. سوف يكون هذا الحدث بمثابة الإعلان عما ستقدمه ريو دي جانيرو عندما تنظم دورة الألعاب الأولمبية المقبلة.

اختارت بريطانيا إبراز روح الدعابة البريطانية (ومزايا دولة الرفاهية) خلال مراسم الافتتاح، بينما أكد باليتش أن الجماهير باتت تتوقع شيئا مختلفا تماما منه.

وخلال مقابلة أجريت معه حديثا في روما في المكتب الأنيق الخاص بمجموعة «فيلم ماستر غروب»، وهي منظمة قابضة تعمل في مجال الإعلانات والفعاليات والعروض التلفزيونية، يقول باليتش: «هدفي الأساسي هو إثارة الدموع والقشعريرة في نفوس المشاهدين، وأنا أعمل على تحقيق هذا الهدف».

يؤكد باليتش، وهو شريك في مجموعة «فيلم ماستر غروب»، أنه يريد أن تغمر المشاعر كل المشاهدين سواء الموجودون في الاستاد أو الجالسون أمام شاشات التلفزيون، حيث إن العاطفة هي السمة الغالبة للإيطاليين، مضيفا: «يمكن أن يكون الآخرون عمليين، أما أنا فأركز على العاطفة».

قام المخرج السينمائي داني بويل بإخراج مراسم افتتاح الدورة الأولمبية التي تنظمها لندن، حيث استطاع إبهار وإمتاع المشاهدين من خلال استخدام خليط من الروعة التكنولوجية والغرابة لتصوير عملية تحول البلاد من أمة زراعية إلى الوضع الحالي، حقبة ما بعد الإمبراطورية، بينما تناقضت مراسم البهرجة المربكة في الافتتاح بصورة حادة مع الشخصية الوطنية.

إذن، ماذا تفعل عندما تكون الدولة المضيف تقوم بتنظيم واحدا من أفضل وأروع المهرجانات في العالم خلال موسم الكرنفالات كل عام؟

يقول باليتش: «يتوقع العالم أن يكون الافتتاح مثل موكب هائل لكرنفال السامبا والكاريوكا، ولكن بالنسبة للبرازيليين فهذا الأمر يعد تافها». (وعلى الرغم من ذلك، كان فريقه في بريطانيا يحاول البحث عن متطوعين من مختلف مدارس السامبا الإنجليزية). يضيف باليتش: «لا أود إفساد احتفالات أعياد الميلاد، ولكنني أستطيع القول إن الاحتفال سوف يكون أكثر تعقيدا، ويهدف إلى تعريف الناس بالثقافة البرازيلية بصورة أفضل».

أكدت اللجنة المنظمة لدورة لندن للألعاب الأولمبية أن نحو مليار مشاهد حول العالم قد شاهدوا الحفل الافتتاحي للأولمبياد يوم 27 يوليو (تموز). وعلى الرغم من أنه من الصعوبة بمكان تحديد أرقام موثوق بها في مثل هذه الفعاليات، يعد هذا الرقم أكبر بكثير من عدد المشاهدين الذين يتابعون بعض البرامج التلفزيونية الأخرى التي تجتذب كثيرا من المشاهدين.

يقول كيفين ألافي، العضو المنتدب لشركة «الرياضة والترفيه المستقبلي»، التي تقوم بإجراء أبحاث سوقية في مجال الفعاليات الرياضية: «تستطيع السوبر بول (وهي المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأميركية) وسباقات (فورميولا1) بالكاد اجتذاب عشر أعداد الجماهير التي تابعت حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية على مستوى العام»، مضيفا: «تتفوق دورات الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم عن هذه الفعاليات بفارق كبير للغاية، لذا تعد فرصة رائعة لتسليط الضوء على البلد المضيف».

يؤكد باليتش أن الفوز في مسابقة لتنظيم الحفل الأولمبي هو «بمثابة الحصول على جائزة بوليتزر» بالنسبة للأشخاص الذين ينتمون إلى مجال عمله، مضيفا: «الدورات الأولمبية هي قمة الأحداث في العالم، حيث إنها الأكثر تكلفة وتعقيدا ومشاهدة في العالم».

هناك عدد قليل من الشركات التي تتمتع بسمعة كبيرة، اعتمادا على سجلها الحافل، لدرجة تمكنها من المنافسة على تنظيم على مثل هذه الأحداث الكبيرة، حيث حصلت شركة «فيلم ماستر إيفينتس»، وهي إحدى شركات المجموعة، على هذه السمعة الطيبة عن طريق تنظيم احتفالية كبرى بمناسبة مرور قرنين على استقلال المكسيك في عام 2010، فضلا عن بطولة كأس الأمم الأوروبية في عام 2012 التي نظمتها بولندا وأوكرانيا في الصيف الحالي.

وفي حفل الافتتاح الذي استغرق 12 دقيقة، قام عازف البيانو الكلاسيكي المجري آدم جيورجي بعزف إحدى مقطوعات شوبان الموسيقية، بينما قام مئات من متطوعي الرقص بتشكيل بعض الحروف الموسيقية. يقول باليتش إن المهندس الزراعي المسؤول عن عشب ملعب كرة القدم «كانت عيناه مليئتين بالدموع وكان أتعس رجل في العالم».

وعلى مدار ثلاثة أعوام، ظل باليتش يتولى تنظيم المهرجان الذي يسبق الصوم الكبير في مدينة فينيسيا الإيطالية، ولكنه يؤكد أن عمله هذا تعرض لانتقادات على المستوى المحلي، حيث يقول بأسلوب مرح: «لا يمكن لأحد أن يصبح بطلا على أراضيهم، خاصة في إيطاليا». اشتكى بعض المواطنين المحليين من أن السكان لم يشاركوا في الحدث بالصورة الكافية، وهو ما كان ينظر إليه على أنه تحول بشكل كبير باتجاه السياحة في المدينة. يمثل التخطيط لتنظيم الأحداث الكبرى نحو نصف العائد السنوي لمجموعة «فيلم ماستر غروب»، الذي وصل إلى 70 مليون يورو، أو 87 مليون دولار، في عام 2011. يشغل باليتش، الذي ينتمي إلى مدينة فينيسيا، منصب رئيس شركة «فيلم ماستر إيفينتس» ونائب رئيس «احتفالات ريو دي جانيرو عام 2016»، وهو اتحاد شركات سيتولى تنظيم الأحداث الحية في مدينة ريو دي جانيرو، مثل مراسم الافتتاح والختام.

وقبيل الانضمام إلى مجموعة «فيلم ماستر غروب»، عمل باليتش كمروج لموسيقى الروك ومنتج للفيديوهات الموسيقية، فضلا عن عمله في التلفزيون - الذي تركه لأنه كان «ساخرا للغاية» - بعد حصوله على شهادة في القانون.

ومنذ عشرة أعوام، قام بتنظيم مراسم تسليم العلم في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سولت لايك سيتي، مما جعله ينضم رسميا إلى قائمة الشركات الكبيرة، ولكنه حصل على سمعته الكبيرة التي يتمتع بها في هذا المجال بعد تنظيمه لدورة تورينو، في عام 2006.