المراقب الصحافي: فن القصة الصحافية (Feature)

TT

«الفيتشر» هو القصة الخبرية الصحافية التي تحمل طابعا إنسانيا أو اجتماعيا أو سياسيا أو رياضيا، لكنها ليست بالضرورة مرتبطة بحدث زمني محدد. مثل أن يدخل صحافي إلى منجم ذهب فيصف لنا ماذا شاهد ومن التقى ويستشهد بآراء المتخصصين ويربط الموضوع بطريقة أدبية جميلة بأحداث اقتصادية وإسقاطات سياسية ذات صلة، فيقدم مادة صحافية شائقة.

ولذا فإن هذا النوع يحتاج إلى مهارة عالية في الكتابة والخبرة الصحافية. ولحسن الحظ فإن هذه الصحيفة تزخر بعدد ممن يجيدون هذا النوع من الكتابة الصحافية المهمة. وعلى الرغم من تزايد استخدام هذا اللون من الكتابة الصحافية في العالم، فإن أدبياتنا العلمية العربية لا تكاد تذكر سوى النزر اليسير منه لطلبة الإعلام والصحافة، ومن هنا أحببت تسليط الضوء اليوم، استثناء، على هذا الموضوع.

فكثير من الناس ما زالوا يخلطون بين «الفيتشر» والخبر الصحافي المجرد؛ فالأول يختلف من جهة أنه لا يلتزم بالضرورة بفكرة «الهرم المقلوب»؛ بالخبر الصحافي الذي تتكثف في مقدمته كل الإجابات المهمة عن الأسئلة الرئيسية أو الـ«5Ws» (وهي قاعدة الهرم الخبري): متى؟ أين؟ لماذا؟ من؟ ماذا؟ ولذا نلاحظ أن مطلع «الفيتشر» لا يلخص دائما الموضوع أو لا يعطيك بالضرورة «زبدته»، فقد تقود المقدمة إلى نتيجة مختلفة كليا بخلاف الخبر الذي يكون فحواه واضحا من المقدمة.

كما أن «الفيتشر» يفتح عيني القراء على زوايا جديدة في خبر سبق نشره، أو أحداث الساعة، ولذا فهو دائما ما يبنى على حقائق ولا يأتي من وحي خيال الكاتب، وهذا ما يوجب أن تكون معلوماته دقيقة.

ومن أنواع القصة الخبرية (الفيتشر): النوع السردي أو القصصي (Narratives)، وآخر يبدأ بالحقائق (الهرم المقلوب) ثم يعرج إلى السرد القصصي بأسلوب رشيق وماتع. كما يمكن أن تكون القصة الخبرية رواية شخصية (Personal Narratives)، وهنا يمكن أن يستخدم فيها الكاتب صيغة المفرد، مثل «دخلت، رأيت، شاهدت» وذلك في حالات معينة مثل تلك التي يريد من خلالها أن يخاطب حواس أخرى للقارئ، كأن يقول مخاطبا حاسة البصر: «وقد غطت سحابة من الدخان الكثيف سماء المدينة»، أو «سمعنا صوت ارتطام جسم غريب»، أو «اقترب منى جندي كانت تنبعث منه رائحة بارود البنادق» وهكذا. أما الأنواع الشائعة الأخرى في هذه الصحيفة فهي «بروفايل» الشخصيات العامة، والقصص التحليلية، والتعليمية أو التثقيفية (How - Tos)، وتلك المرتبطة بالمناسبات السنوية.

كل هذه صور من القصص الخبرية أو ما يسميه الأميركيون بـ«الفيتشر»، وهي عادة ما تكون مكتوبة بطريقة ذكية، فكرة وسردا. وكلما تضمنت القصة معلومات مهمة ولافتة صار نصيبها من الظهور في موقع بارز أكبر من غيرها، لأنها تحقق أهم عنصرين فيها، وهما: المتعة والفائدة.