مذيعة «سي إن إن» السابقة تدخل على خط الجدل مع النقابات بشأن سوء سلوكيات المعلمين

تغريداتها على «تويتر» دشنت معركة سياسية استجاب لها النشطاء لحماية الأطفال

TT

في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي بدأ أحد مستخدمي «تويتر» نشر مجموعة من الرسائل أصبحت بالمصادفة واحدة من أحدث حملات إدارة بلومبيرغ الخاصة بالتعليم. وقد جاء في إحدى الرسائل بتاريخ 29 يوليو: «يجب أن يمتنع اتحاد المعلمين عن حماية الذين يرتكبون تجاوزات بحق الأطفال». وجاء في رسالة أخرى بتاريخ 3 أغسطس (آب) الماضي: «على النقابات دعم المعلمين المجتهدين، لا الذين يتحرشون بالأطفال ويعرضونهم للخطر». وبدأت الرسائل تجذب انتباه راندي واينغارتن، رئيسة اتحاد المعلمين الأميركيين، التي كتبت على «تويتر»: «الاتحاد يحمي من الاتهامات غير الحقيقية»، التي جاء رد عليها برسالة هي: «كيف يمكنك إذن تفسير طلب معلم من طفل خلع ملابسه ولا يتم فصله؟».

لم يكن مؤلف هذه الرسائل موظفا في مكتب العمدة أو خبيرا في التعليم، بل هي كامبيل براون، المذيعة السابقة في «سي سي إن» التي تبلغ من العمر 44 عاما ولديها طفلان، حيث دشنت معركة سياسية غير مريحة من منزلها في لور مانهاتن بطريقة علنية واضحة. ولم تكن هذه الرسائل سوى جزء من المعركة، حيث تحدثت عن سوء سلوك المعلمين خلال وجودها في برونكس في 26 يوليو الماضي أمام لجنة إصلاح التعليم برئاسة آندرو كومو، وفي برنامج «مورنينغ جو» على قناة «إم إس إن بي سي» في 30 يوليو. كذلك كتبت مقال رأي عن هذا الموضوع نشر في صحيفة «وول ستريت جورنال». وأصبحت براون هي الخبر، على الأقل على موقع «تويتر»، عندما أعادت راندي نشر رسالة أثارت موضوع زواج براون من دان سينور، مستشار ميت رومني للشؤون الخارجية. وهناك تفاصيل أخرى خاصة بهذا الموضوع في مؤسسة «ستودينتس فيرست نيويورك» لسياسات التعليم والقريبة من العمدة مايكل بلومبيرغ.

زاد هذا من سخونة المعركة، حيث قالت براون إنها ترى الرسالة تفرقة بين الجنسين رغم تأكيدها على رغبتها في الحصول على مساعدة راندي واينغارتن.

وكتبت: «إنه لمن المحبط أن تعتقد واينغارتن أني لا أعتنق هذه الآراء قبل زواجي من عضو بالحزب الجمهوري. لطالما اعتقدت أنها نموذج تحتذي به السيدات». ووصف أحد مسؤولي اتحاد محلي حينها أي زعم بأن الاتحاد يدافع عن مرتكبي التجاوزات بأنها مثل الاتهامات الكيدية التي توجه للأقليات الدينية خاصة اليهود. ويعود هذا الوصف إلى العصور الوسطى، حيث كان اليهود يستخدمون دماء الأغيار في الطقوس. ووصف اتحاد مناهضة التشهير الوصف بـ«غير المناسب والمبالغ فيه» واعتذر مسؤول الاتحاد. مع ذلك، أوضحت هذه المشاحنة العلنية أن براون أصبحت أشهر وجه لمعركة متأججة عن إصلاح المدارس، وبذلك أضافت قوة النجم إلى حملة تشنها إدارة بلومبيرغ منذ أشهر. وقالت براون في مقابلة: «لا أعتقد أنه من العدل عدم ضمان تعليم ممتاز في هذا البلد لكل طفل. ويتعرض طفلك أحيانا في مدينة نيويورك للخطر بسبب السياسات التي يدعمها الاتحاد». وقالت إنه من المستحيل عدم إدراك الخلل الذي يعتري النظام الذي يحتاج إلى تغيير.

القضية هي طريقة التعامل المثلى مع المعلمين المتهمين بسلوك شائن. يخسر المعلمون، الذين أدينوا بمثل هذا السلوك وظيفتهم تلقائيا، لكن المعلمين الذين يتهمون بهذا السلوك لا ينظر إليهم على أنهم مجرمون، ويحق لهم بموجب قانون الولاية توضيح موقفهم في ما يتعلق بأمور مثل عناق يبعث شعورا بعدم الراحة في نفس طالب، أو تعليقات غير لائقة، أو تواصل غير مرغوب فيه خارج الحجرة الدراسية، قبل أن يتم رفتهم. وبلغ عدد قضايا سوء السلوك الجنسي المتورط فيها معلمون وأخصائيون اجتماعيون ومستشارون، التي تم تقديمها إلى إدارة التعليم في المدينة منذ يوليو عام 2008، مائة قضية، لكن لم يتم رفت سوى 26 فقط. وقد انتهت قضايا أخرى كثيرة بقرارات تأديبية تتراوح بين التوبيخ والوقف عن العمل. وتدفع إدارة بلومبيرغ باتجاه تغيير القانون بحيث يسمح لرئيس الإدارة التعليمية بتجاوز المحكمين الذين لا يفصلون أولئك المعلمين من العمل. وقاومت اتحادات المعلمين هذا التغيير، حيث قالت إن المحكمين المعينين من قبل مجلس المدينة والاتحاد، هم الوحيدون الذين يستطيعون حماية المعلمين المتهمين زورا من فقدان مصدر رزقهم. وقالت واينغارتن، التي شغلت منصب رئيسة اتحاد المعلمين الأميركيين في الماضي في مقابلة: «نحن نحب الأطفال، وآخر شيء نريد القيام به هو جعل أي شخص يعتقد أننا سوف ندلل مرتكبي الجرائم ضد الأطفال. ما أذهلني هو توجيه أحد الصحافيين الاتهامات لاتحاد المعلمين الأميركيين والاتحاد العام للمعلمين من دون تحري الحقيقة، وعندما بدأت أورد الحقائق على موقع (تويتر)، كان الشيء الوحيد الذي تفعله هو مهاجمتي بقولها إنني داعمة للتفرقة بين الجنسين عندما طلبت منها أن تكون واضحة».

قالت براون إن مقالاتها ورسائلها على «تويتر» من تأليفها، وقد كتبت مؤخرا مقالي رأي في صحيفة «نيويورك تايمز»؛ أحدهما بعنوان: «وراء الأبوة المخططة آيديولوجية»، والآخر بعنوان: «قد يكون الرئيس أوباما متعال على النساء». ونفت اتهامها بأنها تابعة لآخرين، مؤكدة أنها مستقلة سياسيا، وقد يرى البعض أنه من الصعب فهمها بسبب تحولها من صحافية إلى كاتبة مقالات رأي رغم قولها إنها ترى ذلك تطورا طبيعيا.

كان مسار براون المهني تقليديا، حيث بدأت مراسلة لتلفزيون محلي في توبيكا بولاية كنساس وعملت بجهد وترقت إلى أن أصبحت مراسلة محطة «إن بي سي نيوز» في البيت الأبيض. وانتقلت في ما بعد إلى قناة «سي إن إن» لتعمل مذيعة أخبار تقدم برنامجا إخباريا في نهاية الأسبوع، قبل أن تقدم استقالتها طواعية عام 2010 معترفة بأن نسبة مشاهدة برنامجها تتضاءل أمام بيل أوريلي، مذيع قناة «فوكس نيوز»، وكيث أولبرمان، الذي كان مذيعا في قناة «إم إس إن بي سي» آنذاك. وقالت براون، التي عملت لمدة عام معلمة في تشيكوسلوفاكيا، إنها انجذبت إلى قضية سوء سلوك المعلمين من منطلق أنها أم لطفلين أثارت اشمئزازها قضايا السلوك الجنسي المنحرف للمعلمين التي تتصدر العناوين. لقد قالت أيضا إنها تأثرت بمقال بقلم رئيس إدارة نيويورك التعليمية، دينيس والكوت، وإنها رأت أنه تعبير واضح عن حنقه من النظام المختل. وقالت براون وكذا مؤسسة «ستوتيدنت فيرست نيويورك»، التي يديرها مايكل لاشر، كبير مساعدي العمدة سابقا في مقاطعة ألباني، إنها لم تحصل على مقابل مادي لدعمها القضية. وأكدت أن زوجها سينور لم يقدم أي إسهامات مالية إلى المؤسسة بصفته عضو مجلس إدارة. من الأشخاص الذين سوقوا للمناوشات ستيفن أوسترين، البالغ من العمر 59 عاما والذي أصبح «الدليل الأول» في حملة براون على سبيل التغيير. لم ير أحد أعضاء لجنة التحكيم أن أوسترين، المتهم بطلبه من طالبة في السنة قبل النهائية خلع ملابسها، حيث كانت تؤدي امتحان التاريخ في فصله بمدرسة بروكلين الثانوية الفنية في مارس (آذار) 2005، متورطا في عملية بيع هوى، بل كان ذلك فقط «مزاحا جنسيا» وتم إيقافه عن العمل لمدة ستة أشهر.

وتمت تبرئة أوسترين قبل ذلك في قضية نظرتها المحكمة بتهمة تعريض راحة طفل للخطر بسبب النوع نفسه من الممارسات. مع ذلك، لم تكن هذه مشكلته الأخيرة في إدارة نيويورك التعليمية، بل تم إنذاره بسبب لمساته المدنسة غير اللائقة للطلبة ورواية قصص تحتوي على تفاصيل جنسية. ودفعت الإدارة 149 ألف دولار عام 2008 إلى طالبتين؛ إحداهما صاحبة الشكوى التي قدمت عام 2005، أقامتا دعوى قضائية ضد الإدارة بسبب سلوك المعلم. ووصف أوسترين نفسه خلال مقابلة تمت بالقرب من منزله في لونغ آيلاند بأنه مبدع جدا ومعلم ناجح ساعدت طريقته غير القويمة بما فيها استخدام «لغة لاذعة» عددا لا يحصى من الأطفال. مع ذلك، أقر أنه ربما يبالغ بعض الشيء. وذهبت الإدارة إلى ساحة المحكمة من أجل إلغاء قرار عضو لجنة التحكيم وفصل أوسترين من العمل. في النهاية صدر الحكم لصالح أوسترين، لكنه تقاعد بسبب إصابته بعجز. وقال: «هل كنت لأقوم مرة أخرى بفعل أمور غبية كان لا بد لي أن أصلحها أو أغيرها؟». وأضاف: «نعم، عندما أنظر إلى الماضي أرى أنني قد أفسدت مهنة عظيمة». تعليقا على ما قالته براون، التي لا يعرفها، عنه، تساءل عما كان من الممكن أن يفعله، حيث قال: «هل أتوقف عن التعامل مع هذا؟ لا أريد أن يعود الماضي إلى حياتي. لماذا يصرون على دفعي إلى هذا الوحل؟ لا أفهم الأمر».

* خدمة «نيويورك تايمز»