«الوقائع» أقدم الصحف المصرية

TT

عرفت الصحافة في مصر لأول مرة أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر. وبعد سنوات قليلة في بداية عهد أسرة محمد علي ظهر الاهتمام بإصدار الصحف، وهو ما تبلور بصدور العدد الأول من جريدة «الوقائع المصرية» في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 1828، لتصبح أول جريدة مصرية وعربية وإسلامية، وصدرت باللغتين العربية والتركية وما زالت تصدر حتى اليوم وتنشر فيها القوانين الرسمية.

ورغم أن البعض اتهم تلك الفترة بأنها كانت تضيق على الصحافيين فإنها شهدت ميلاد كثير من الجرائد والمجلات حيث ظهرت عدد من الصحف الشعبية مثل وادي النيل، والحجاز، والمحروسة، وابو نظارة، وبعد ذلك صحف الأهرام التي أسسها سليم وبشارة تقلا، والوطن، ومصر، كما اشتهرت صحيفة التنكيت والتبكيت التي أصدرها عبد الله النديم عام 1881.

وفي الفترة التي سبقت ثورة يوليو 1952 من الممكن رصد عدد كبير من الصحف مثل السياسة، والبلاغ، وكوكب الشرق، والمصري، والجهاد، والأخبار، وآخر ساعة.

ومع زيادة صخب الحياة السياسية قبل ثورة يوليو 1952 ازدادت الصحف بجميع أنواعها والتي كانت تقوم على الملكية الخاصة لمؤسسيها، لكن الرقابة على الصحف في تلك الفترة تم فرضها أثناء الحرب العالمية الثانية وأثناء حرب فلسطين عام 1948 تم بعد حريق القاهرة 1952.

ومع قيام ثورة يوليو بقيادة الضباط الأحرار التي كانت ضد الملكية أيدت الصحف الموجودة الثورة رغم أنها كانت تمجد عهد الملك فاروق لكنها انقلبت مؤيدة لقادة الثورة، ورغم أن الثورة تركت الحرية للصحف في بادئ الأمر فقد تم إغلاق عدد كبير منها بعد فترة بحجة أنها تنتمي إلى أحزاب وأن الأحزاب انتهت، حتى بقيت في الميدان ثلاث صحف يومية فقط هي الأهرام والأخبار والجمهورية، ومجلات روزاليوسف وصباح الخير والمصور والجيل والكواكب وحواء وآخر ساعة. وتميز العهد الناصري بسيطرة التيار اليساري والقومي على الوسط الصحافي والنقابي عموما بفعل المد الاشتراكي الذي اجتاح العالم كله في ذلك الوقت.

ورغم أن الرئيس الراحل أنور السادات كان رئيسا لتحرير صحيفة الجمهورية في عهد عبد الناصر فإن عهده شهد صداما بينه وبين الصحافة وترتب على ذلك تحويل عدد من الصحافيين إلى وظائف حكومية بعضها لا علاقة له بالصحافة.

وبعد حرب أكتوبر 1973 وتحديدا في النصف الثاني من السبعينات أعطى السادات الحرية لإطلاق الأحزاب السياسية وإصدار صحف عنها فصدرت صحف الأحرار والأهالي والشعب والوفد بجانب إصدار عدد من المجلات والصحف الإسلامية مثل الاعتصام والدعوة التابعتين لجماعة الإخوان المسلمين، في حين ظلت ملكية الصحف القومية تابعة للدولة من خلال مجلس الشورى.

ومع دخول السادات في مفاوضات السلام مع إسرائيل حدث صدام بينه وبين الصحف الحزبية واليسارية ترتب عليه مصادرة أعداد بعض الصحف والمجلات مثل الأهالي اليسارية والدعوة الإخوانية. ورغم أن الرئيس السابق حسني مبارك أعاد الصحف التي أغلقها السادات فإن فتراته الرئاسية التي امتدت ثلاثين سنة شهدت إغلاق عدد من الصحف وملاحقة عدد من الصحافيين حيث تم إيقاف جريدة الشعب وجريدة الدستور الأولى في التسعينات. وفي الوقت نفسه اشتدت سيطرة الدولة على منابر الإعلام الرسمية وخاصة الصحافة القومية والتلفزيون. ولم يشهد عهد مبارك انفراجة كبيرة في إصدار الصحف الخاصة إلا بعد عام 2005 حيث صدرت مجموعة صحف، منها ما اتخذ سياسة تحريرية بعيدة عن قيود السلطة واستطاعت أن تكشف عن كثير من سلبيات النظام. واضطر نظام مبارك لتشديد عقوبات جرائم النشر خاصة ما يحدث في الصحف الخاصة، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير التي انحازت فيها الصحف القومية إلى الثورة بعد نجاحها. وبعد الثورة كثر الحديث على ضرورة إعادة هيكلة الإعلام المصري بما يتواكب مع المرحلة الجديدة وتحديدا ما يتعلق بالصحف القومية والتلفزيون الرسمي. إلا أن المخاوف ازدادت من سيطرة التيار الإسلامي على مقدرات سوق الإعلام في البلاد.