ليلى عوض.. الصحافية المثابرة الصبورة ترحل بعد 4 عمليات جراحية فاشلة

رئيسة القسم النسائي في «عكاظ» صاحبة مقولة «طالما القلب ينبض فلا مكان للعجز»

TT

ودعت الإعلامية السعودية ليلى عوض الحياة بعد عارض صحي استدعى خضوعها لمشارط الأطباء أربع مرات داخل غرف العمليات في جدة، ولم يتم الجزم بالسبب الذي أدى إلى وفاتها بعد آخر عملية جراحية، وصفت بأنها فاشلة مثل العمليات الثلاث التي سبقتها.

وجاء رحيل ليلى عوض رئيسة القسم النسائي في صحيفة «عكاظ» السعودية، بعد 32 عاما من العمل في مهنة الصحافة دون كلل أو ملل، وهي الفترة التي رفعت فيها شعارا عنوانه «طالما القلب ينبض فلا مكان للعجز»، ليكون هذا الشعار منهجا عمليا لها حتى آخر مرة دلفت فيها صالة تحرير القسم النسائي في الصحيفة.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» رجل الأعمال خالد عوض وهو الشقيق الأصغر للراحلة أن أسرة الفقيدة باشرت إجراءات تطالب فيها وزارة الصحة السعودية بالتحقيق في وفاتها، موضحا أن أسرتها ترى أن «سبب الوفاة والتدهور في صحتها كان بسبب خطأ طبي، من الطبيب المعالج، نظرا لأن دخولها المستشفى لم يكن بسبب مرض كانت تعاني منه، لكن الطبيب المعالج هو السبب الرئيسي في تدهور صحتها».

وأبان أن «ليلى عوض أجرت في بداية الأمر عملية خاصة بإنقاص الوزن (عملية تحزيم معدة)، وقبل وفاتها ببضعة أشهر، شعرت ببعض الالتهابات في المعدة، ذهبت على أثرها للمستشفى، وتابع حالتها أحد الأطباء، الذي أقر لها إجراء عملية لإزالة الحزام».

وقال خالد عوض إن «شقيقته الكبرى لم تر الخير بعد هذه العملية، واستلزم الأمر إجراء ثلاث عمليات في مدة عشرة أيام، وبقيت لمدة شهرين لديها فتح في منطقة البطن لم يغلق سوى بشاش، وبعدها أقر الطبيب المعالج إجراء عملية رابعة، وأخيرة، انتهت حياتها قبل الانتهاء من العملية الأخيرة».

وأضاف أن الراحلة «أخذت بنصيحة الطبيب المعالج الذي أبلغها في أول عملية أجراها، أنها تعاني من مشاكل كبيرة تتوجب إجراء عمليات أخرى، ولكن الغريب أن كل عملية من العمليات التي كانت تجرى لها، تستغرق من سبع إلى ثماني ساعات، وتخرج منها إلى غرفة العناية المركزة، ونلاحظ تدهور حالتها، بعدها قررنا إرسال أوراقها إلى ألمانيا لعلاجها، ولكن وافتها المنية قبل أن نتمكن من ذلك».

من جهته، قال محمد التونسي رئيس تحرير صحيفة «الرؤية الاقتصادية» عن الراحلة إنه عرف ليلى عوض عن قرب أثناء رئاسته لتحرير صحيفة «عكاظ»، كاشفا عن أنه طلب رسميا من جهات الاختصاص في السعودية تأجيل موعد تقاعدها لثلاث سنوات على الأقل، مبررا هذا الطلب بأن الفقيدة مثال يحتذى في «المثابرة والصبر والمبادرة والنشاط من حيث تقديم الأفكار وتنفيذها، فضلا عن مساعدتها في تدريب الفتيات المستجدات في مهنة الصحافة».

والمعروف أن ليلي عوض خريجة قسم الفلسفة في كلية الآداب جامعة القاهرة، عملت في بداية رحلتها المهنية في مجلة «الشرقية» المصرية لمدة سبع سنوات أثناء وجودها مع والدها، الذي كان يعمل مستشارا ثقافيا في سفارة الرياض في القاهرة، وبعد زواجها انتقلت إلى السعودية وعملت في صحيفة «عكاظ»، بعد تلقيها عرضا رسميا من رئيس تحرير الصحيفة الدكتور هاشم عبده هاشم. واستمرت ليلى عوض في العمل لدى الصحيفة السعودية «عكاظ»، 25 عاما، تسلمت أثناءها منصب رئيسة القسم النسائي.

وفي السياق ذاته أكدت منال الشريف مسؤولة الملاحق في صحيفة «عكاظ»، أن ليلى عوض رفضت البعد عن بلاط صاحبة الجلالة، وقهرت كبر السن، بحبها للإعلام، واستمرت في أداء العمل حتى بعد بلوغها سن التقاعد، إلا أن القدر هو من قرر أن يطوي آخر صفحة من صفحات كتابها الإعلامي، ليلى اعتبرت «عكاظ» بيتها الثاني، ورغم معاناتها مع المرض، فإنها كانت لا تغيب عن عملها. وبحسب أمل السريحي التي تعمل مصورة منذ 11 عاما لدى «عكاظ»، عادت بذاكرتها لأول أيام لقائها بالزميلة ليلى عوض قائلة: «عندما أتيت إلى (عكاظ) للعمل، لم أكن متزوجة بعد، ولكن كان يشدني كثيرا أسلوب تعامل الزميلة ليلى مع أبنائها، كنت أرى حرصها الشديد على السؤال عنهم بشكل مستمر يوميا، ومتابعة أمورهم إلى حين ذهابها للبيت، وبعد أن تزوجت وأصبح لي أبناء حرصت كل الحرص أن أطبق ما تعلمته منها في الاهتمام بالأبناء، والحرص عليهم والسؤال عنهم».

وعلى الرغم من وجود مكتب خاص لرئيسة القسم النسائي تقول أمل السريحي إن الفقيدة رفضت الانتقال إليه، وفضلت البقاء على مكتبها، إلى جانب أنها كانت تحتفظ بكافة الدروع والهدايا التقديرية التي حصلت عليها عن جدارة واستحقاق داخل خزانة: «ولم تفضل عرضها، لأنها تؤمن بأن عملها هو من سيتحدث عنها وليس الدروع وشهادات الشكر».

ولفتت أمنية خضري التي تعمل صحافية في «عكاظ»، إلى أن ليلى عوض كانت حريصة كل الحرص على مصالح الآخر، ورغم شدة تعبها في الشهور الأخيرة فإنها كانت تسعى، وحريصة على تعيينها ضمن ثلاث صحافيات نجحت في الحصول لهن على قرارات بالتعيين الرسمي.