مدارس سوريا

المراقب الصحافي

TT

رغم أن العنوان الرئيسي لموضوع «مدارس سوريا الباقية..» المنشور الأسبوع الماضي لم يكن جاذبا بما فيه الكفاية، فإنه كموضوع كان قصة صحافية مميزة.

أهمية هذه القصة الصحافية أو الـFeature تكمن في أنها سلطت الضوء على مرفق مهم من مرافق الدولة التي عادة ما لا تحظى بالاهتمام اللائق من التغطية الإنسانية المعمقة، لا سيما في غمرة أخبار الحروب والاشتباكات المسلحة.

وقد نجح التقرير في إبراز معاناة الطلبة وأولياء أمورهم وحتى المدرسين الذين يتوجسون خيفة من قرب الافتتاح الرسمي للمدارس في سوريا (الأحد الماضي) التي كانت وما زالت تعد مسألة مؤرقة لهؤلاء، لا سيما المدرسين الذين يعملون في مناطق بعيدة ويتطلب ذهابهم للعمل «قطع مسافات طويلة محفوفة بالمخاطر» كما ذكر التقرير. كما أن هاجس القناصين والاشتباكات المسلحة ما زال يخيم على أجواء الموقف، حيث اتخذ هؤلاء من المدارس ثكنات عسكرية للتمترس خلفها، وهو أمر ما زال يقض مضاجع الطلبة وأولياء أمورهم.

وقد رسم معد التقرير مشهدا جميلا كتب بطريقة سلسة ومباشرة صورت ما يدور في أذهان الطلبة السوريين الذين تعطلت لديهم العملية التعليمية وبات مصيرها مرهونا بمدى استقرار الاشتباكات المسلحة هناك، التي إن لم تتوقف فسوف ينذر ذلك بإيقاف المسيرة التعليمية برمتها، كما حدث مع عدة دول اضطرت لدمج السنوات الضائعة لتعويض التداعيات الناجمة من الحروب.

ما كان ينقص التقرير هو صور أكثر وأفضل تجسد المعاناة، فضلا عن لقاءات أوسع مع المسؤولين الرسميين ليدلوا بدلوهم حول المحاور التي أثارها التقرير. كما أن التقرير كان يفتقر إلى أسماء حقيقية يمكن الإشارة إليها بدلا من استخدام الكنية، غير أن إخفاء صحيفة «الشرق الأوسط» لتلك الأسماء ولمعد التقرير تحديدا كان أمرا مفهوما خشية أن يكون مصيرهم كمصير من رسم رسما يناهض النظام فهشمت أصابعه ومن غنى فاقتلعت حنجرته! السوريون بجميع فئاتهم، وتحديدا الطلبة البالغ عددهم نحو 5.3 مليون طالبا في جميع المراحل التعليمية، يواجهون تحديا كبيرا في انتظامهم بالعملية التعليمية، لا سيما المحافظة على أرواحهم. وقد نجح هذا التقرير الصحافي في تسليط الضوء على زاوية من زوايا تلك المعاناة، ونتمنى أن لا يكون الأخير في سلسلة المواضيع التي تكشف شدة وطأة الأزمة السورية على الحقل التعليمي.