فاطمة نبيل لـ «الشرق الأوسط»: المهارة هي الفيصل ولا خوف على غير المحجبات داخل «ماسبيرو»

أول قارئة محجبة للأخبار بالتلفزيون المصري: صفوت الشريف منعني من الظهور على الشاشة لمدة 11 عاما

الإعلامية فاطمة نبيل أول قارئة محجبة للأخبار في التلفزيون الرسمي بمصر
TT

رفضت الإعلامية فاطمة نبيل، أول قارئة نشرة أخبار في التلفزيون الرسمي (ماسبيرو) في مصر، تصنيف المذيعات من حيث الشكل محجبة أو غير ذلك؛ قائلة: «تصنيفهم يتم على أساس المهارة والخبرة، فلا يجب أن أفرض عليهن مظهرا بعينه أو أفرض الحجاب على غير المحجبات». وأضافت نبيل في حوار مع «الشرق الأوسط» من القاهرة أن «عودة المحجبات للتلفزيون هو مجرد رجوع الحق لأصحابه تحت مظلة العدالة الاجتماعية، وليس له علاقة بما يردده البعض من أن ذلك يتجه لأخونة التلفزيون».

وظهرت فاطمة نبيل، أول مذيعة محجبة تقدم نشرة الأخبار على التلفزيون المصري، للمرة الأولى مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي بقرار من وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود.

وحكت نبيل أن وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، وهو قيادي في الحزب الوطني المنحل، هو السبب في منع ظهورها على الشاشة لمدة 11 عاما، رغم وجود أحكام قضائية بأحقية المذيعة المحجبة في الظهور على الشاشة. وكان الرئيس السابق حسني مبارك يمنع ظهور المذيعات المصريات المحجبات على التلفزيون الرسمي بدعوى أن ذلك رمز ديني قد يدعو للفتنة في المجتمع.

قرار ظهور فاطمة نبيل على الشاشة الصغيرة، فتح الباب لكثيرات للظهور بالحجاب مثل نرمين البيطار التي ظهرت على القناة الأولى، وسارة الشناوي التي ظهرت في النشرة الجوية، إضافة إلى مذيعة أخرى بقناة «النيل» الإخبارية. وقد تم الاتفاق على ظهور المذيعات المحجبات في النشرات الإخبارية بـ«استايل ولوك» موحد في طريقة ارتداء الحجاب والملابس.

وسردت نبيل حقيقة عودتها للشاشة قائلة: «الفضل يعود للوزير صلاح عبد المقصود، فهو من قال لي بعد أن طرقت باب مكتبه: (لن نمنع المحجبات من العمل.. فنحن الآن في عهد الحريات.. وهناك مساواة بين الجميع والعبرة بالكفاءة)».. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* كنت أنت أول مذيعة محجبة تظهر في نشرة الأخبار.. ما الشعور الذي انتابك لحظتها؟

- استقبلت الخبر، بالطبع، بمنتهى السعادة والفخر، خاصة أن العمل في التلفزيون الرسمي هو أمنية أي مذيع يحب بلده، وشعرت بأنني أخيرا استرددت حقي، وأن كل صاحب حق سيأخذ حقه بعد ذلك الوقت من دون محسوبية أو واسطة، وأن الكفاءة وحدها ستكون هي المعيار الوحيد.

* عملت في قناة «الإخوان» (مصر 25) فترة ابتعادك عن «ماسبيرو».. هل لكونك تنتمين إلى الجماعة أم أنها كانت مجرد صدفة؟

- المعيار الأول الذي كانت تعمل به قناة «مصر25» هو الكفاءة ثم الالتزام الديني، لأنها في النهاية قناة تحترم وتفضل المذيعة الملتزمة بشرع الله؛ لكني لست عضوا في جماعة الإخوان؛ بل أغلب المذيعين الذين يظهرون على شاشة «قناة 25» لا ينتمون إلى الجماعة، والقناة في الحقيقة لا تقصر العمل على أعضاء الجماعة أو حزبها «الحرية والعدالة».

* ما رأيك في تصنيف المذيعات داخل التلفزيون الآن إلى محجبات وغير محجبات؟

- أنا ضد أن يكون هناك تصنيف للمذيعات من حيث الشكل محجبة أو غير ذلك؛ لكن لا بد من تصنيفهم على أساس المهارة والخبرة، وهذا التصنيف نابع في الغالب من كون ما يتردد عن أن وزير الإعلام ورئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل ينتميان إلى جماعة الإخوان المسلمين.

* ألا ترين أن ظهور مذيعة محجبة في نشرة الأخبار يعد انتصارا لـ«الإخوان»؟

- هناك محجبات ظهرن بالفعل بعد ثورة «25 يناير»، لكن في البرامج وليس في نشرات الأخبار، وعودة المحجبات للتلفزيون هو مجرد رجوع الحق لأصحابه تحت مظلة العدالة الاجتماعية، وليس لهذا علاقة بما يردده البعض من أن ذلك يتجه لأخونة التلفزيون المصري، خاصة أن 80% من نساء مصر يرتدين الحجاب ولسن كلهن ينتمين إلى جماعة الإخوان.

* في تقديرك.. هل سنرى اضطهادا في المستقبل لغير المحجبات داخل التلفزيون، خاصة المذيعات المسيحيات؟

- وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود، كرر كثيرا أن حرية التعبير والمظهر العام مكفولة للجميع؛ لكن بالطبع في إطار من الاحتشام والاحترام للتقاليد المصرية المتعارف عليها، لأننا في التلفزيون المصري الذي له تقاليده وأعرافه، وفي الوقت نفسه هناك مذيعات مسيحيات داخل التلفزيون، يجب ألا أفرض عليهن مظهرا بعينه أو أفرض الحجاب على غير المحجبات من المسلمات.

* وهل تعتقدين أن تسليط الأضواء عليك في الفترة الماضية ألقى على كاهلك مسؤوليات ثقيلة؟

- بالطبع، علي أن أظهر بشكل لائق، وأن أثبت أن كفاءتي كمذيعة ستكون إضافة للتلفزيون المصري، خاصة أني، حسب شهادة الجميع، أتمتع بحضور خاص على الشاشة.

* وما رأيك في ما يتردد عن أنه تمت مكافأتك بالظهور في نشرة الأخبار بعد عملك في قناة «مصر 25» الإخوانية؟

- لو كان ذلك صحيحا لماذا لم يتم انتقال جميع المذيعين في قناة «مصر 25» ومكافأتهم أيضا مثلي، فأنا في الأساس ابنة ماسبيرو وأعمل في التلفزيون منذ عام 1999. وعملي في قناة «مصر 25» كان عن طريق الإعارة الداخلية وبموافقة قيادات التلفزيون في عهد وزير الإعلام الأسبق أسامة هيكل.

* بصراحة.. هل وارد أن تخلعي الحجاب الذي كان سببا في شهرتك مستقبلا؟

- استحالة أن يكون ذلك، ولو كنت أنوى فعل ذلك لفعلته في عام 2003 حين تم استبعادي من العمل كمراسلة بسبب لبسي الحجاب؛ ولكن الحجاب جزء من التزامي الشرعي الذي ورثته عن أسرتي، والذي تعلمت منه ألا أتنازل عن أي مبدأ من مبادئي مهما كان الثمن.

* وهل من الممكن أن نراك قريبا في برنامج ديني أم ستكتفين بتقديم نشرة الأخبار فقط؟

- في الحقيقة، منذ بداياتي وأنا أعمل في تقديم نشرات الأخبار والبرامج السياسية، وليست لدي خبرة كبيرة في تقديم البرامج الدينية، وسبق أن قدمت في قناة «مصر 25» برامج اجتماعية، ولاقت استحسان الجميع؛ لكني لن أتردد لو عرض علي برنامج ديني لتقديمه.

* رأينا مذيعات كثيرات تحولن إلى التمثيل وأصبحن نجمات.. هل لديك هذا الطموح؟

- لا أملك موهبة التمثيل، فيجب أن يعمل كل فرد في المجتمع في المجال الذي تعلمه وتخصص به وأحبه، حتى يتم توظيف كل واحد من الشعب في المكان الذي يصلح له، ومن ثم ترتقي البلاد.

* حدثينا عن الظلم الذي تعرضت له خلال النظام السابق بسبب ارتدائك الحجاب؟

- تخرجت في كلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1999 في قسم اللغة الإنجليزية، وعملت في التلفزيون المصري بوظيفة محررة ثم مترجمة في قسم الأخبار، وفي عام 2003 تقدمت لمسابقة لاختيار مراسلين للتلفزيون بقطاع الأخبار، ونجحت بتفوق؛ ولكن تم رفضي من قبل وزير الإعلام وقتها صفوت الشريف - أحد رموز نظام مبارك، وبعدها تم تخييري بين أن أعمل في الإذاعة أو أعمل محررة مترجمة للتلفزيون؛ فطبعا اخترت التلفزيون، وجميع المذيعات المحجبات تعرضن للظلم بمنعهن من الظهور على الشاشة، رغم وجود أحكام قضائية منذ سنوات بأحقية المذيعة المحجبة في الظهور على الشاشة.

* وهل صحيح أنه تم رفض عملك كمذيعة حتى بعد الثورة؟

- بعد ثورة 25 يناير، قيادات التلفزيون أخبروني أن ظهوري بالحجاب ممنوع في نشرة الأخبار، فما كان منى إلا أن بحثت عن فرصة عمل في القطاع الخاص، ووقتها كانت قناة «مصر 25» تقوم بعمل اختبارات للمذيعين والمذيعات، وبالفعل تقدمت للقناة ونجحت وعملت معهم مذيعة لنشرة الأخبار ومقدمة للبرامج منذ بداية القناة، ثم جاء الوزير صلاح عبد المقصود، فتقدمت بمذكرة لمكتبه وأرفقت بها المستندات وصورا من نتيجة الاختبارات التي تشير إلى نجاحي وقت صفوت الشريف، حيث كنت المحجبة الوحيدة التي نجحت؛ ثم بعد فترة حددوا لي موعدا لمقابلة الوزير، والحقيقة وجدته مندهشا جدا من قرار منع المحجبات من الظهور على الشاشة مع أنه لا توجد لائحة داخل المبنى بهذا؛ بل هناك أحكام قضائية بعودة المحجبات للعمل، وقال لي: «نحن لن نمنع المحجبات من العمل؛ فنحن الآن في عهد الحريات.. وهناك مساواة بين الجميع، والعبرة بالكفاءة.. والحجاب في النهاية حرية شخصية؛ وليس معنى أن المذيعة ملتزمة بشرع الله أن تحرم من تحقيق طموحها الإعلامي».