المدير العام لـ«تومسون رويترز» في الشرق الأوسط : خدماتنا تتعدى القطاع الإخباري

باسل مفتاح لـ «الشرق الأوسط»: عدد صحافيينا يمثل 5% من أصل 60 ألف موظف

باسل مفتاح («الشرق الأوسط»)
TT

عندما تذكر «رويترز» فإن أول ما يخطر ببالك هو وكالة «رويترز» للأنباء المتخصصة في العمل الصحافي ونقل المعلومات والأخبار، إلا أن هناك سوء فهم لطبيعة عمل هذه المؤسسة العريقة والضخمة، فعملها لا يقتصر على الخدمات الإخبارية فقط؛ بل يتعداها إلى أربعة مجالات رئيسية؛ وهي: الخدمات المالية والخدمات القانونية والخدمات العلمية وحقوق الملكية والخدمات المحاسبية والضريبية.. إنها صناعة المعلومات كما يسميها باسل مفتاح، المدير العام لـ«تومسون رويترز» في الشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا، الذي أضاء على جوانب عديدة من نشاطات هذه المؤسسة في حوار خص به «الشرق الأوسط».في دبي. فإلى نص الحوار:

* على الرغم من وجود «تومسون رويترز» الطويل في المنطقة، فإنه لا يزال هناك سوء فهم لحجم الشركة وطبيعة أعمالها؛ حيث اقترنت بالعمل الإعلامي فقط. هل يمكن أن تحدثنا عن نوعية أنشطة الشركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

- إن قاعدة خدماتنا في المنطقة، كم هي الحال حول العالم، لا تقتصر على الخدمات الإخبارية فقط؛ بل تتعداها إلى أربعة مجالات رئيسية؛ وهي: الخدمات المالية والخدمات القانونية والخدمات العلمية وحقوق الملكية والخدمات المحاسبية والضريبية. وفي هذا الإطار، فإن نشاط الشركة الأساسي هو فعليا صناعة المعلومات في كل هذه القطاعات التي ذكرتها. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل تتميز «تومسون رويترز» في هذه الصناعة عن سواها من الشركات في الشرق الأوسط.. إنها تجمع بين الخبرة في مجال توفير المعلومات من جهة؛ وابتكار تكنولوجيا متجددة تناسب أسواق المنطقة لتقديم هذه المعرفة من جهة أخرى. إن وجود «تومسون رويترز» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذو جذور تاريخية بكل معنى الكلمة، وهو يعود إلى عام 1856؛ حيث بدأت الشركة بتوفير خدمات إخبارية انطلاقا من الإسكندرية. إن الخدمات الإعلامية تشكل جزءا بسيطا من هيكلية الشركة وقاعدة خدماتها. ولتوضيح هذا الأمر، لا بد من الإشارة مثلا إلى أن عدد الصحافيين العاملين في الشركة يبلغ نحو 3000 إعلامي، وهم يشكلون نحو 5 في المائة فقط من إجمالي عدد موظفي «تومسون رويترز» حول العالم، الذي يصل إلى 60000 موظف.

* هل يمكن أن تصف لنا طبيعة هذه الخدمات ورؤيتكم لتطويرها في المنطقة؟

- بالنسبة للمجتمع الاستثماري والمصرفي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الخدمات المالية تشمل توفير أحدث المعلومات في المجال المالي، التي تتضمن أيضا خدمات الاستضافة الإلكترونية وخدمات الحوكمة والامتثال وإدارة المخاطر؛ حيث نقدم حلولا متكاملة تتيح للزبائن التعرف بشكل سريع وشامل على البيئة التنظيمية والتغيرات التي يمكن أن تطرأ في القوانين والتنظيمات.

وضمن الخدمات المالية، نقدم أيضا خدمات متكاملة في مجال الصيرفة الإسلامية مثل «بوابة «تومسون رويترز للتمويل الإسلامي» وهي منصة عالمية محايدة تحوي دليلا شاملا للمعلومات والأخبار والتحليلات المرتبطة بالمنتجات المالية الإسلامية وروابط اتصال سريعة للمتخصصين والمتعاملين في قطاع التمويل الإسلامي ووكالات التصنيف وجهات مواصفات صناعة المال الإسلامية ومراكز التمويل الإسلامي وغيرها.

بينما تزود خدماتنا القانونية كلا من الشركات القانونية والمؤسسات الكبرى بقاعدة معلومات قانونية تشمل نصوصا محلية مترجمة باللغتين العربية والإنجليزية. وفي ما يتعلق بخدمات المحاسبة والضرائب، فهي توفر تطبيقات تتيح للحكومات أن تدير أنظمة الضرائب بفعالية أكبر خاصة في مجال تسجيل رخص الأراضي وتقييمها. وفي مجال الخدمات العلمية وحقوق الملكية، تقدم «تومسون رويترز» أحدث الأبحاث العلمية حول العالم لصناع القرار ومراكز الأبحاث في الدول التي تسعى للتحول إلى اقتصاد المعرفة.

* ما رؤيتكم المستقبلية؟

- رؤيتنا المستقبلية هي تمكين المجتمعات المحلية بهدف تطوير قدراتها والتواصل بعضها مع بعض بما يعزز معايير الشفافية ويسمح بنشر وانفتاح هذه المعرفة أمام المحترفين من الشركات العالمية.

ولتوضيح هذه الرؤية، أود أن أقدم مثالا على ذلك.. لنفترض مثلا أن شركة تنقيب روسية تعمل في الشرق الأوسط، فإن هذه الشركة تريد إنجاز الكثير من الأوراق القانونية والضريبية والمالية. بحلول عام 2015 يمكن لهذه المهام أن تكون ممكنة من خلال تطبيقات «تومسون رويترز» بحيث يستطيع الفريق القانوني لدى الشركة التعرف على البيئة القانونية للشرق الأوسط بالاعتماد على أنظمتنا بشكل كامل.

* بناء على ما ذكرت، فإن الخدمات التي تحدثت عنها تشكل جزءا رئيسيا من عوائد «تومسون رويترز» المالية.. وبما أن الشركة مدرجة في كل من سوقي نيويورك وتورونتو الماليتين، فما عوائد هذه الخدمات ومن أين تأتي، بمعنى آخر، من هم زبائنكم في المنطقة وحول العالم؟

- سأبدأ بالسؤال الثاني المتعلق بقاعدة زبائننا حول العالم. إن «تومسون رويترز» تقدم خدمات في القطاع المالي لأكثر من 40000 عميل وأكثر من 400000 مستخدم. ويستفيد من خدماتنا القانونية أكثر من 80 في المائة من شركات «فورتشون 500». وبالنسبة لخدماتنا في مجال المحاسبة والضرائب، فلا بد من الإشارة إلى أن الشركات الـ100 الأولى في قطاع المحاسبة عالميا تستفيد من قاعدة خدماتنا المتخصصة في هذا المجال. كما تشمل خدماتنا في مجال العلوم وحقوق الملكية أكثر من 20 مليون فرد حول العالم أجمع. وعليه، فإن عملاءنا هم الجهات الحكومية والشركات الكبرى والشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المالية ومكاتب المحاماة والمعاهد الأكاديمية والجامعات العالمية ومراكز الأبحاث العلمية.. وغيرها الكثير. باختصار، يسعنا القول إن أنشطة وأعمال الشركة تتنوع وتتعدد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث يستفيد من قاعدة المعرفة التي تملكها «تومسون رويترز» كبار صانعي القرار في أسواق المال والقانون والضرائب والمحاسبة والعلوم.

أما بالنسبة لعوائد الشركة المحققة خلال العام الماضي، فقد بلغت عوائد وحدات الأعمال مجتمعة حول العالم 12.7 مليار دولار. وحققت وحدة الخدمات المالية عوائد بقيمة 7.3 مليار دولار، وبلغت عوائد وحدة الخدمات القانونية 3.2 مليار دولار، ووصلت عوائد وحدة الضرائب إلى 1.1 مليار دولار، بينما بلغت وحدة خدمات حقوق الملكية والعلوم 852 مليون دولار.

* لقد بدأنا نتعرف على هذه الخدمات بشكل أكبر خلال العامين السابقين. من الواضح أن الشركة تعزز وجودها في أسواق الشرق الأوسط. ماذا تعني لكم هذه المنطقة؟

- تشكل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجالا حيويا واستراتيجيا لـ«تومسون رويترز». نحن ملتزمون بتعزيز التواصل مع المجتمعات الاستثمارية المحلية في هذه الأسواق وتوفير أجود المعلومات وأحدث الأدوات البحثية الرائدة عالميا لجميع الشرائح العاملة في هذه القطاعات؛ من ضمنها المحترفون والشركات والجهات الحكومية وغيرها. إن رؤيتنا تتلخص في التحول إلى إنجاز الأعمال إلكترونيا من خلال ضخ معلومات متخصصة وتطوير طرق عمل متجددة باستخدام تكنولوجيا حديثة. إننا نسعى إلى تطوير وتنمية الأسواق المحلية من خلال تعزيز معايير الشفافية وتقديم معلومات ذات نوعية عالية، هذا بالإضافة إلى مساعدة كل من الشركات والأفراد على أداء مهامهم واتخاذ قراراتهم بفعالية أكبر.

* إذن يمكننا القول إن الاستحواذ على شركة «زاوية» يأتي في إطار هذه الرؤية الاستراتيجية؟ ما المتغيرات التي يمكن أن تحدثها هذه الصفقة في مجال صناعة المعلومات على امتداد الشرق الأوسط؟

- بالطبع.. فإن صفقة الاستحواذ على شركة «زاوية» تأتي في إطار خطتنا الاستراتيجية هذه. إننا ننظر إلى تنمية وتحديث صناعة المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا يشمل ذلك القطاع المالي فقط كما هي الحال في صفقة الاستحواذ على «زاوية»؛ بل يمتد إلى تطوير صناعة المعلومات في المجال القانوني. فقد قامت «تومسون رويترز» خلال العام الحالي أيضا بالاستحواذ على «ليكس غالف» وهي شركة رائدة في مجال ترجمات النصوص والقوانين التجارية والمالية. وتعتبر عملية الاستحواذ هذه إضافة نوعية إلى خدمات المعلومات القانونية التي تقدمها «تومسون رويترز» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبالعودة إلى السؤال حول المتغيرات التي يمكن أن تحدثها صفقة «زاوية» في صناعة المعلومات على مستوى المنطقة، فلا بد من الإشارة إلى أن المستفيد الأول هي أسواق المنطقة، فإنجاز صفقة الاستحواذ ستتيح لفئات كبيرة وجديدة من المستخدمين والمحترفين؛ من ضمنها الشركات المتوسطة والصغيرة والمؤسسات الحكومية والشركات المالية، الحصول على معلومات غنية وفريدة من خلال مصدر واحد يوفر بيانات شاملة ومتخصصة. وستشمل عملية الاندماج توسيع قاعدة البيانات لتشمل شركات غير مدرجة في أسواق المنطقة، وهو ما يشكل إضافة نوعية بالنسبة للمحترفين في القطاعات المالية من الشركات الإقليمية والعالمية.

وبالحديث عن التخصص، أود الإشارة إلى أن «زاوية» تتمتع بتغطية جيدة لقطاع الخدمات المصرفية الإسلامية، وهو ما سيتيح لـ«تومسون رويترز» الاستثمار في تنمية وتوسيع خدمات المعلومات في هذا القطاع. ولدى «زاوية» علماء شريعة ذوو سمعة واسعة في المنطقة، وهي أيضا تمتلك قاعدة بيانات شاملة حول إصدارات الصكوك الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إن عملية دمج خدمات كل من «تومسون رويترز» و«زاوية» في هذا المجال سوف تنتج أفضل خدمات معلومات وأشملها حول قطاع الصيرفة الإسلامية في المنطقة.

* لقد ذكرت القطاع القانوني في معرض حديثك عن صفقة الاستحواذ الأولى لـ«تومسون رويترز» خلال العام الحالي. هل يمكن أن تصف لنا الواقع الحالي لصناعة المعلومات في المجال القانوني في الشرق الأوسط؟ أيضا، ما خطة الشركة في هذا المجال تحديدا؟

- تشهد منطقة الشرق الأوسط وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص اهتماما متزايدا من قبل المحترفين القانونيين ورجال الأعمال الذي يسعون إلى تعميق معرفتهم بالقوانين المالية والتجارية بهدف القيام بمهامهم بشكل أفضل في هذه الأسواق. وعليه، فإن هذه الفئات تتطلب ترجمات قانونية ذات نوعية عالية وتحتاج أيضا إلى قاعدة معلومات قانونية شاملة. وهذا ما دفع «تومسون رويترز» إلى إطلاق خدمة «ويستلو غالف» العام الماضي ومن ثم الاستحواذ على شركة الترجمات القانونية «ليكس غالف» خلال هذا العام. إن هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية «تومسون رويترز» الهادفة إلى قيادة قطاع صناعة المعلومات القانونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال قاعدة معلومات متكاملة يستفيد منها المحامون والعاملون في مجالات القوانين المالية والتجارية.