ناقدة ليبرالية تجد بؤرة الضوء في قناة «فوكس نيوز»

شقت طريقها في مجال الإعلام بعد تفوقها في عالم الاستشارات السياسية

سالي كوهن (وسط) خبيرة شؤون الساعة والانتخابات الأميركية على شاشة «فوكس نيوز»
TT

سالي كوهن هي شخصية عملت في التنظيم المجتمعي في السابق، تفضل الملابس الفضفاضة ولا تمتلك جهاز تلفزيون. تعيش سالي وزوجها وابنتهما ذات الأربع سنوات في «بارك سلوب» معقل الليبرالية في بروكلين، وقامت مؤخرًا بنشر حالتها الجديدة على موقع «تويتر» بالقول: «شخصية قيادية مشاركة في إحدى الجمعيات التعاونية الغذائية في منطقة «بارك سلوب»، ولكن من الواضح للغاية أنها لم تذكر أي شيء خاص بعملها في قناة «فوكس نيوز» الإخبارية.

وحاولت سالي في العام الماضي جاهدة صناعة اسم لها في عالم الاستشارات السياسية المزدحم للغاية، بعد أن تمكنت من شق طريقها في مجال الإعلام في قناة «فوكس نيوز»، التي تتمتع بأعلى نسبة مشاهدة بين القنوات الإخبارية في الولايات المتحدة الأميركية والوجهة المفضلة للمشاهدين المحافظين.

قام مايكل كليمنتي، نائب الرئيس التنفيذي لقناة «فوكس نيوز» لشؤون تحرير الأخبار، بعقد مقارنة بين سالي كوهين وغيرالدين فيرارو، المرشحة لمنصب نائب الرئيس الأميركي عن الحزب الديمقراطي والتي كانت من بين أبرز أعضاء فريق «فوكس» من الليبراليين.

ففي مكالمة تليفونية، قالت كليمنتي: «سالي تشبه غيرالدين، حيث تقول كل ما يخطر ببالها. لديها أيضا بعض الأفكار الجديدة، وهي ليست جزءا من الفريق».

ومن بين المرات التي ظهرت فيها على شاشة قناة «فوكس» في الأسابيع القليلة الماضية، طرحت سالي بعض الحجج الخاصة بإعادة انتخاب أوباما وعقدت كثيرا من النقاشات حول الناخبات والانتخابات وما إن كان قد جرى معاملة آن رومني بصورة غير منصفة من قبل النساء الموجودات في برنامج «ذا فيو». وتقول سالي: «إذا كان هذا هو الشواء، فأنا أعتقد أن أحدا لم يذهب لحفلات الشواء من قبل».

وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، جذبت كوهن، التي تكتب لموقع «Salon.com» وتنشر مشاركات مستمرة على موقع «تويتر» المزيد من اهتمام الأمة من خلال مقالها على Foxnews.com الذي انتقدت من خلاله خطاب المرشح لمنصب نائب الرئيس في المؤتمر القومي للحزب الجمهوري، حيث حمل المقال عنوانا بريئا هو «خطاب بول راين في ثلاث كلمات». كانت هذه الكلمات «مذهل» و«خادع» و«مشتت» ووصف التعليق الخطاب بالمحاولة الواضحة لتسجيل رقم عالمي للتضليل والأكاذيب الصريحة التي ترد في خطاب سياسي واحد. ورغم أن «فوكس نيوز» لم تتح لسالي فرصة الظهور على الهواء لمناقشة هذه المشاركة التي انتشرت بشكل كبير حيث نقر على الرابط 2.1 مليون شخص مما يجعله ضمن الخمس مشاركات الأولى على الموقع خلال العام الحالي.

وحصلت سالي، التي تبلغ من العمر 35 عامًا، على شهادة في القانون وعملت ضمن مجموعة «ناشيونال غاي آند ليشبان» وتتولى إدارة منظمة نسوية. وبدأ مسارها نحو عالم النقد الإعلامي في خريف عام 2009 عندما تركت وظيفتها في مركز تغيير المجتمع بعد ست سنوات من تنظيم المجموعات والعمل على قضايا متعددة من بينها إصلاح برامج الرخاء والرعاية الصحية والهجرة. وقالت: «لقد كنت من هؤلاء اليساريين الذين كانوا يشعرون بالغضب وكان هناك مجموعة أخرى تنتمي إلى الحركة التقدمية التزمت بكلمات البيت الأبيض». وأضافت أن عملها التنظيمي لم يكن أبدًا يتعلق بسياسة الحزب. وأوضحت قائلة: «لقد كنت أهتم بسياسة الحركة والأفكار والرؤية وكيفية إشراك الناس في العمل على جعل العالم مكانا أفضل». في مؤتمر «لا أوبرتيونيتي أجيندا» في ذلك العام، اقترب شخص غريب من سالي وأكد أنها بحاجة إلى التوجه إلى مجال التلفزيون. وتتذكر سالي: «أعتقد أنني ضحكت على ما قاله، حيث لم يكن هذا الدور الذي تتخيل نفسها فيه، فأثناء عملية التنظيم يكون المرء خلف الستار». وتبين أن هذا الشخص الغريب هو غيرالدين لايبورن، مسؤولة الـ«كيبل» التنفيذية التي تعمل على تطوير محطتي «نيكلوديان» و«أكسجين». وتتذكر غيرالدين في رسالة بالبريد الإلكتروني أن سالي تحدثت بطلاقة مذهلة عن موضوعات معقدة، وأنه كان لديها وجهة نظر وتستطيع أن تقدمها بطريقة تجذب الحضور. وأوضحت قائلة: «لقد شجعتها على أن تعمل معلقة إخبارية لحاجتنا إلى نساء لامعات ذكيات شابات مثقفات للظهور على شاشة التلفزيون».

ووافقت سالي، رغم شعورها بعدم الراحة في التلفزيون، على التدريب في المركز الإعلامي للمرأة. وقالت كارول جينكينز، رئيسة المركز: «أعتقد أنني وغيرالدين أقنعناها بقدرتها على استخدام هذا الصوت في القيام بأمور كثيرة جيدة». وبعد المشاركة عدة مرات على الإنترنت، ظهرت في برنامج شون هانيتي، الذي يُعرض في وقت متميز على قناة «فوكس نيوز»، في خريف عام 2010.

وبعد الظهور أكثر من مرة على محطتي «سي إن إن» و«إم إس إن بي سي»، بدأت تستمتع بالأمر. وقالت: «لقد بدأت أدرك أن هذا مثل التنظيم، لكن في ظل وجود عدد أكبر من الجمهور. بدلا من التحدث عن أفكار وقيم في قبو داخل كنيسة أمام 10 أشخاص أو مائة شخص، إنك تتحدث على شاشة التلفزيون أمام مليون شخص». وقال المذيع على محطة «إم إس إن بي سي»، كريس هايز، والذي تعرف عليها في مركز تغيير المجتمع واكتشف أن قدرتها على التنظيم أمر ذو قيمة لأنه «يعلّم المرء ألا يكون منغلقا عقائديًا وأن يستمع إلى الآخر. إنه يجبرك على التعامل مع السياسة بجدية من خلال عيون الناس العادية لا الناس الذين يتحدثون عن السياسة».

بعد إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى رئيس محطة «فوكس نيوز»، روجر آيل، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011، وقّعت على عقد العمل في المحطة. أثارت هذه الخطوة دهشة في صفوف اليسار، في حين وصفها مدير السياسات في مؤسسة «مواطنو آيوا لتحسين المجتمع»، آدم ماسون، بالخطوة الشجاعة التي تشبه التنظيم كثيرًا. وقال: «إنك لا ترى كثيرا من الناقدين يتوجهون نحو عرين الأسد»، في إشارة إلى محطة «فوكس نيوز». وأضاف: «إنك تقدم نفسك إلى كثيرين لا يرغبون في سماع ما تقوله». وأعربت كارول عن مفاجأتها بعمل سالي في «فوكس نيوز»، لكنها أوضحت قائلة: «أنا سعيدة بعملها هناك». وقالت سالي إنها أخيرا تود أن يكون لديها برنامجها الخاص على إحدى محطات الـ«كيبل»، لكنها لا تزال تجني رزقها من العمل في عدة أماكن. إنها تحصل على راتب من العمل في «فوكس نيوز»، لكنها لا تحصل على مقابل كتابتها على موقع Foxnews.com. ودعا الموقع الإلكتروني الليبرالي «دايلي كوس» المعجبين إلى التبرع من أجلها بعد تعليقها الخاص ببول راين. وحصلت سالي بالفعل على أربعة آلاف دولار وهو ما مسّ مشاعرها كثيرًا.

* خدمة «نيويورك تايمز»