بعد عامين على ثورة الياسمين.. التونسيون غير راضين عن إعلامهم

يتفنن الكثير منهم في التعبير عن عدم رضاه على أدائه

مئات أجهزة التلفزيون في الشواطئ كنمط جديد من التعبير عن الغضب من وسائل الإعلام («الشرق الأوسط»)
TT

يتفنن الكثير من التونسيين في التعبير عن عدم رضاهم على أداء الإعلام في بلادهم بعد عامين من ثورة 17 ديسمبر / 14 يناير، (اختلفوا في تحديد تاريخ الاحتفاء بالثورة يوم انطلاقتها أو يوم فرار بن علي فكانت هذه الصيغة الوفاقية) فقد فوجئ المارة بالعشرات من الأشخاص الذين احتجوا على وسائل الإعلام ولا سيما العمومية على طريقتهم، بردم أجهزة تلفزيوناتهم في رمال الشواطئ البحرية بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق ثورتهم. فيما قام آخرون بوضع أجهزتهم في غرف الإنعاج، أو على عربة متحركة خاصة بالمعاقين وعلقوا لها أكياس الدماء أو الكولوكوز.

وقال محيي الدين معالج لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بهذا العرض للتعبير عن مواقفنا من وسائل الإعلام التي لا تزال تستبله التونسي ولكن بطرق أخرى»، متابعا «خرج الإعلام من حيز حزبي إلى حيز آيديولوجي آخر، وهو لا يعبر عن المواطن».

مروان المهدواني، كان من بين الغاضبين على وسائل الإعلام التونسية، حيث كانت الردود سريعة ومقتضبة علق على موقفه من الإعلام العمومي، بتعبير فرنسي (زيرو بيان تورني) أي صفر محكم أو جيد الاستدارة.

بينما ردد آخرون عبارات يتداولها الكثيرون في تونس بعد الثورة وهي «إعلام المجاري». ولم يخرج عن هذه الأوصاف خالد بن محمود الذي اعتبر الإعلام العمومي «يلفظ أنفاسه الأخيرة».

لم يكن المشهد ولا الوضع النفسي لمن لا يزالون على شاطئ مدينة سوسة الساحلية يسمح بالتمادي في طرح الأسئلة فاكتفينا بالكلمات القليلة وحتى كلمة واحدة، ونحن نستعد لتلقي ما ليس في الحسبان، أو جعلنا كبش فداء فأم محمد كما قدمت نفسها ردت على سؤال حول تقييمها للإعلام العمومي في تونس بعد الثورة بقول «كارثي»، وقال ابنها الذي كان بجوارها (بوبال) يعني «نفايات» أو «زبالة». وهناك من قام أكثر بالتصعيد مطالبا بثورة ثانية ضد الإعلام مثل عمر المهيري.

لم تكن كل الساحة السياسية مع الموقف السابق، وإن كان يعبر عن افتقاد التوازن في الساحة الإعلامية وطغيان الآيديولوجيا والسياسيوية على المهنية في عدد من البرامج مثل برنامج «بتوقيت الأولى» (القناة الوطنية الأولى) فهناك من رفض التصريح باسمه ولكن يجد نفسه موافقا لتوجهات الإعلام العمومي بعد الثورة والذي يسيطر عليه جناحا المنتمين للنظام المنهار، وقوى اليسار التي تحالفت معه سابقا. وقال من أشار إلى نفسه ببوليو، وبعد استخدام كلمة مقذعة بل سوقية «هؤلاء يريدون من الإعلام أن يخدم أجندتهم هم لذلك يثورون عليه».

ولم ينف بوليو، وجود خلفيات آيديولوجية وسياسوية «وحتى مصلحية بمعنى يقبضون أموالا مقابل تمرير خطاب معين عن طريق الكثير من الإعلاميين»، وتابع «هناك من لم تعجبهم الثورة، وما زالوا يقولون ما يسمى بالثورة، وهناك من يدعون لثورة ثانية من أجل إعادة المنظومة السابقة».

البعض اكتفى باتهام الكثير من الإعلاميين باللاأخلاقية، في حين فضل البعض الصمت «نسكت خير». ورد البعض الآخر بسخرية «أمورو باهية برشا» أي أموره جيدة للغاية. وهناك من ألقى اللوم على الحكومة التي يراها متراخية في تحذير الإعلام من حيدته عما يراه صوابا «إعلام عار لم يكن في مستوى الانتظارات ولا يعمل بحياد».

تفاجأنا عندما قال لنا منجي شقير «لا أرى إعلاما حتى أقيمه» وعندما ألححنا عليه رد «يسيء أدبه ويحيد عن المهنية ويتمادى كلما تم انتقاده هو صنيعة التجمع واليسار الانتهازي لا يصلح ولا يصلح وهو ركن أساسي في الثورة المضادة».

كل هذه الانتقادات والاحتجاجات الميدانية أثارت مقدمة برنامج «بتوقيت الأولى» آمال الشاهد التي استضافت صحافية وأستاذ علوم سياسية، حيث تختار ضيوفها بعناية فائقة للحديث عن الثورة المضادة واعتبروا الحكومة ولجان حماية الثورة، ومن ينتقدون الإعلام العمومي هم الثورة المضادة، لتثير من جديد عاصفة من الانتقادات لم تخلُ هذه المرة من تهديدات.