«وكالة الأناضول» العربية.. جسر تواصل إعلامي بين تركيا والعرب

مديرها العام لـ «الشرق الأوسط»: نعمل لنكون من أهم 5 وكالات عالمية.. والتقيد بسياسة الدولة لا يتناقض مع المصداقية في نقل الأخبار

كمال أوزتورك المدير العام لوكالة أنباء الأناضول («الشرق الأوسط»)
TT

رغم إقراره بأن «وكالة أنباء الأناضول» بقسمها العربي الذي تم إطلاقه أخيرا، لن تخرج عن مظلة سياسة الدولة التركية في مقاربتها لكل المواضيع ولا سيما ما يتعلق منها بقضايا العالم العربي والشرق الأوسط، وذلك على غرار أي وكالة رسمية، يبدو كمال أوزتورك، المدير العام ورئيس مجلس الإدارة، واثقا من أن الوكالة ستنتزع موقعا أساسيا لها في عالم الإعلام العالمي وستكون جسر تواصل أساسيا بين الشعبين التركي والعربي، مؤكدا أن المصداقية والموضوعية هما الأساس في تغطية الأخبار ونقلها.

«الشرق الأوسط» التقت أوزتورك في مكاتب «وكالة أنباء الأناضول» في بيروت وكان معه هذا الحوار:

* لماذا افتتاح قسم وكالة أنباء الأناضول العربي الآن؟ وإلى أي حد يرتبط هذا القرار بما يحصل في الشرق الأوسط وأحداث العالم العربي اليوم؟

- قرار افتتاح القسم العربي كان أمرا بديهيا بالنسبة إلى وكالة أنباء هي من بين أهم عشر وكالات عالمية، ومن أكبرها في الشرق الأوسط، وهذا الأمر كان مخططا له منذ سنوات، من دون أن ننفي أن الثورات العربية والأحداث التي تمر بها المنطقة قد يكون لها دور إلى حد ما في تسريع البدء بالتنفيذ، لذا أقول «ربما تأخرنا ولكننا أتينا في الوقت المناسب». كما أؤكد أن القسم العربي يأخذ اهتماما واسعا من قبل القيمين والمسؤولين عليه إلى جانب القسم الإنجليزي، وهذا ما يظهر واضحا في البث التجريبي الذي بدأ منذ أشهر وسيظهر في المرحلة المقبلة من خلال تغطيتنا للأخبار التي تشكل مصادر لعدد كبير من وسائل الإعلام.

* هل يمكن القول إن وكالة الأناضول هي الناطق باسم تركيا وسياستها في العالم العربي؟

- مما لا شك فيه أن الوكالة تعكس سياسة تركيا، إذ لا يمكن لأي وكالة وطنية رسمية أن تكتب ما يخالف أو يتناقض مع سياسة الدولة، لكن هذا لا يتناقض مع مبدأ المصداقية الذي لطالما عرفت به الوكالة لعشرات السنين. وهي بلا شك ستكون همزة الوصل التي ستربط تركيا بالشعوب العربية بعدما كانت لسنوات طويلة تصل أخبارنا إليهم والعكس صحيح، عن طريق وكالات أجنبية.

وهذا ما انعكس بشكل واضح في نقل أخبار تركيا والمسؤولين فيها إلى وسائل إعلام العالم العربي التي كانت تحصل على هذه الأخبار من الوكالات الأجنبية، بينما اليوم أصبحنا كوكالة المصدر الأساسي والأهم لأي خبر أو موقف أو حدث تركي.

* هناك من يقول إن التغيرات السياسية في العالم العربي ودور تركيا الفاعل كلاعب إقليمي هو الذي أدى إلى افتتاح هذا القسم، ولا سيما أنه من خلال البث التجريبي لها يبدو واضحا الاهتمام بل والتركيز بشكل كبير على أخبار الدول التي تشهد أزمات ولا سيما مصر وسوريا.

- سبق أن قلت إنه من الممكن أن تكون الأحداث في العالم العربي قد سرعت في تنفيذ هذه الخطوة، لكن الأمر ليس سياسيا، وتغطيتنا للأحداث أمر طبيعي، فاليوم التركيز على مصر وسوريا، وغدا سيكون الحدث في مكان آخر لن نتجاهله، لصالح ما يصر البعض على وضعه في خانة السياسة، وانفتاحنا ليس فقط على الشرق الأوسط والدول العربية إنما على كل أنحاء العالم. وهنا لا بد لي أن أقول لمن يطلقون علينا تسمية «العثمانيين الجدد» إننا ننظر إلى الشرق والعرب على أنهم إخوتنا الذين خسرناهم وها نحن نحاول إعادة التواصل والعلاقات معهم من جديد. وبالتالي فإن الوكالة التي تأسست عام 1920، قبل 3 أعوام من إعلان تأسيس الجمهورية التركية، تهدف إلى تغطية أخبار المناطق التي ترتبط بها تركيا بعلاقات تاريخية، بشكل رئيسي. مع العلم أن كل الوكالات العالمية سبق أن أطلقت القسم الخاص باللغة العربية، ولا أظن أن الأمر يتعلق بأسباب سياسية بقدر ما هو انفتاح إعلامي.

* لكن المصداقية تختلف عن الحيادية التي باتت مفقودة في الإعلام العالمي بشكل عام والعربي بشكل خاص، وهذا الأمر بالتأكيد لن يكون مختلفا في ما يتعلق بسياسة الوكالة التي تنطلق بدورها من سياسة الدولة، ما المعايير التي ستطبع عملكم؟

- قد يكون صحيحا القول إن الإعلام فقد حياديته وهذا ما يظهر من خلال تغطية الأحداث، لكن ما يمكنني التأكيد عليه أن الموضوعية هي المبدأ الأساسي في عملنا، سننقل الأخبار كما هي وسنتعامل مع كل الأطراف وسنكون صوت كل الجهات بغض النظر عن المواقف السياسية، وعلى الجمهور العربي أن يحكم على عملنا في ما بعد.

* بماذا ستتميز «الأناضول» عن الوكالات العالمية الأخرى التي سبق لها أن افتتحت أقسامها باللغة العربية منذ سنوات ونجحت في انتزاع موقع مهم لها؟

- الأهم بالنسبة إلينا هو أننا لم نعد نحتاج إلى وسيط بيننا وبين العرب ليعرف كل منا أخبار الآخر، وأصبح التواصل مباشرة من خلال الوكالة التي أصبحت صوت تركيا العربي، وبعدما كانت هذه الأخبار تنقل عبر وكالات أنباء أجنبية، وبالتأكيد عملنا لن يكون مقتصرا على العالم العربي بل سيكون مصدرا للأخبار من كل أنحاء العالم، ومما لا شك فيه أنه من الطبيعي أن موقع وكالة الأناضول يضعها في منافسة مع أبرز الوكالات العالمية وأهمها. مع التأكيد على أن عملنا متكامل وينسجم مع تطور الإعلام والتكنولوجيا من خلال التقارير المصورة ووسائل التواصل الاجتماعي، التي نوليها الاهتمام نفسه.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن اهتمامنا لا يقتصر فقط على السياسة، فكما تثبت الدولة التركية موقعها في كل المجالات يوما بعد يوم، فدائرة عملنا ستشمل الاقتصاد كما الرياضة والترفيه والتكنولوجيا والقضايا الاجتماعية والإنسانية بالدرجة الأولى.

* إضافة إلى العربية والتركية، ما هي اللغات التي تبث بلسانها «الأناضول» أيضا؟ وهل يتم ترجمة كل الأخبار العربية إلى اللغات الأخرى ولا سيما التركية؟

- العام الماضي بدأ البث بخمس لغات، هي إضافة إلى التركية، العربية والإنجليزية والروسية والبوسنية. أما في ما يتعلق بترجمة الأخبار العربية، فيتم ترجمة نحو 40 في المائة منها، واختيارها يتم انطلاقا من أهميتها، وهذا ما يقرره محرر الموضوع أو المدير المسؤول.

* في أي عاصمة تم اختيار المكتب الرئيسي للقسم العربي؟ وأين تتوزع المكاتب الأخرى؟ وكيف يتم التنسيق والتعاون بينه وبين أقسام اللغات الأخرى؟

- تم اختيار القاهرة لتكون مركز المكتب الرئيسي للقسم العربي، وقد افتتح رسميا في نهاية العام الماضي، كما أن لمكتب بيروت الذي افتتح هذا الأسبوع دورا أساسيا أيضا في هذا المجال، وهو يعتبر المكتب الثاني من حيث الأهمية، لكن المكتب الموجود في القاهرة حيث يعمل عدد كبير من الصحافيين والمحررين والعاملين، يتولى مهمة إدارة الأخبار من 23 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا، أهمها تونس ولبنان وفلسطين وليبيا واليمن والمملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر، ونقل تلك الأخبار إلى وسائل الإعلام العربية، كما أن الأخبار تنقل أيضا إلى مكتب الوكالة في العاصمة إسطنبول، حيث تتم ترجمتها إلى اللغة التركية، وترسل إلى وسائل الإعلام التركية.

* بعد إطلاق القسم العربي وافتتاح عدد من المكاتب في بعض العواصم، ما هي خطة «وكالة الأناضول» المستقبلية؟

- تم في الأشهر الماضية افتتاح مكاتب إقليمية في القاهرة والبوسنة وبروكسل ونيويورك، إضافة إلى وجود مكاتب في 42 دولة في مختلف أنحاء العالم، والخطة لا تزال مستمرة نحو التوسع والعمل على افتتاح مكاتب في 80 دولة في الذكرى المئوية الأولى للوكالة التي تعتبر ضمن أكبر 10 وكالات أنباء في العالم، وهدفنا أن نكون ضمن أول 5 وكالات عالمية في عام 2020. كما تتابع الوكالة تحضيراتها لإطلاق خدمة بث الأخبار للمشتركين عبر نظام حديث يقوم بإيصال الخبر آليا لحظة وضعه في النظام مباشرة.