مزاعم بشأن منع فيلم «أجساد دافئة» من العرض في باكستان

يتناول مطاردة أسامة بن لادن.. وحديث عن تدخل الرقابة على المصنفات الفنية

TT

لم تمنع الحكومة الباكستانية رسميا عرض فيلم «Zero Dark Thirty» «أجساد دافئة» الأميركي، الذي يتناول مطاردة أسامة بن لادن، مع ذلك لم تبد أي دار سينما أي استعداد لعرض الفيلم، وعلى الرغم من زيادة مبيعات النسخ التي تسربت بسبب القرصنة وانتشارها في السوق، صرح أصحاب دور السينما الباكستانية ومسؤولو اتحاد الأفلام لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن الفيلم الأميركي لا يعد تجاريا بالنسبة إلى المستوردين في باكستان، ولم يعر رئيس اتحاد الأفلام الباكستانية، نديم مانديوالا، خلال حديثه في صحيفة «الشرق الأوسط» انتباها لانتقاد الصحف الغربية لدور السينما الباكستانية لمقاطعتها غير الرسمية للفيلم لأنه يظهر الجيش الباكستاني والاستخبارات الباكستانية بصورة سيئة، وصرح رئيس الاتحاد لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لم نستورد الفيلم لأنه غير صالح للعرض تجاريا». وأخبر نديم الصحيفة أنه في ظل الظروف الحالية يمكن للفيلم أن يحقق عائدات تتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف دولار، في الوقت الذي تزيد فيه تكلفة استيراده على 300 ألف دولار. وأوضح قائلا: «بهذه الطريقة يصبح غير تجاري بالنسبة لدور السينما والموزعين». وكانت النسخ غير الأصلية متاحة في السوق الباكستانية على الأقل قبل أربعة أسابيع من عرض استيراد النسخة الأصلية. وأضاف نديم: «يعني هذا أن عددا كبيرا من الباكستانيين قد شاهد الفيلم قبل إتاحة عرضه في دور السينما، لقد انتشر بسهولة على الأقراص المدمجة وأقراص الـ(دي في دي) ولن يشتري أي موزع فيلما انتشر في الأسواق على مدى الأربعة أسابيع الماضية، قد يتسبب هذا في كارثة في مجال السينما والمستوردين».

وصرح نديم لـ«الشرق الأوسط»: «تزعم وسائل الإعلام الغربية أن السلطات الباكستانية منعت عرض الفيلم لأن هذا هو ما يريدون ترويجه». كذلك أشار إلى أن منع الفيلم قد يحدث إذا كان قد تم شراء أي مستورد للفيلم وعرضه على مجلس رقابة الأفلام من أجل الحصول على تصريح، مع ذلك تورد وسائل الإعلام المحلية أنباء عن خوف دور السينما الباكستانية وموزعي الأفلام من عرض الفيلم لأنه يظهر الجيش الباكستاني والاستخبارات الباكستانية بشكل سيء.

هناك تاريخ لرفض مجلس الرقابة الباكستاني على الأفلام وأصحاب دور السينما عرض أفلام تتخذ موقفا ضد أجهزة الاستخبارات الباكستانية، فعلى سبيل المثال منعت الرقابة العام الماضي عرض فيلمين هنديين للسبب نفسه. وتم منع فيلم «إيك تا تايغر» «كان هناك نمر في يوم من الأيام» لأنه يصور قصة حب بين عميل في الاستخبارات الهندية وبين عميلة في الاستخبارات الباكستانية، وكان هناك فيلم مثير آخر تم منعه وهو بعنوان «أجينت فينود» «العميل فينود» لأن البطل، وهو جاسوس هندي بارز، ينتصر في النهاية على بعض عملاء الاستخبارات الباكستانية القوية. وأدى المنع إلى اندفاع عدد كبير من الناس إلى متاجر أسطوانات الـ«دي في دي» لشراء النسخة غير الأصلية.

مع ذلك تبدو حالة فيلم «أجساد دافئة» ذات طبيعة مختلفة؛ حيث لم تمنع السلطات الفيلم على حد قول رئيس مجلس الرقابة على الأفلام، راجا مصطفى حيدر؛ لأنه لم يطلب أحد من المجلس مشاهدة الفيلم لإجازة عرضه. وبدأ اهتمام المشاهد الباكستاني بالفيلم الذي رشح لنيل جائزة الأوسكار خمس مرات يتراجع بحسب أصحاب المتاجر. منذ ما يزيد على شهر مضى عندما تم طرح الفيلم للمرة الأولى في متجر «أميركا» بلغ عدد النسخ غير الأصلية المباعة من الفيلم 20 نسخة يوميا، بينما تراجع العدد حاليا ووصل إلى أربع نسخ يوميا كما يوضح زهير أباصير، أحد أصحاب متاجر «دي في دي» في إسلام آباد.

وتحاول الصحف الأميركية أن تربط بين الفيلم وفيلم هندي آخر عن بن لادن تم منعه في باكستان، ومنع مسؤولو مجلس الرقابة على الأفلام في يوليو (تموز) عام 2010 فيلم «تيرا بن لادن» «بدونك يا بن لادن» لوقاحته وبذاءته الشديدة وتعارضه مع القيم الثقافية الباكستانية.

وقال مسعود إلهي، نائب رئيس مجلس الرقابة على الأفلام، عند منع عرض فيلم «تيرا بن لادن»: «لقد استخدموا لغة بذيئة للغاية في الفيلم ولهذا السبب بالتحديد رأينا أنه من غير المناسب عرض الفيلم في دور السينما في باكستان».

في الوقت الذي رفض مجلس الرقابة الباكستاني على الأفلام التراجع عن القرار، انتقدت وسائل الإعلام الليبرالية في باكستان المجلس بشدة وقراره بمنع الفيلم. وعلى الرغم من أنه لم يتم السماح بعرض الفيلم في دور العرض السينمائي، حظي بنسبة مشاهدة عالية حيث انتشر الفيلم على أسطوانات الـ«دي في دي» في الأسواق بسعر أقل من دولار. وتدور أحداث فيلم «تيرا بن لادن» حول صحافي باكستاني لديه هوس البحث عن فرصة عمل في المؤسسات الإعلامية الأميركية الكبرى. وبعد عدة محاولات فاشلة للحصول على تأشيرة إلى أميركا، خطر ببال الصحافي فكرة إجراء مقابلة مع شبيه لبن لادن وبيعها لقنوات إخبارية أميركية. قال مسؤول في مجلس الرقابة على الأفلام: «اللغة التي يتحدث بها كل الشخصيات في الفيلم خاصة شبيه بن لادن غير مقبولة على الإطلاق؛ حيث يكيل شبيه بن لادن الشتائم لأي شخص أمامه».

وصرح نديم لـ«الشرق الأوسط» بأن مجلس الرقابة على الأفلام منع عرض فيلم «تيرا بن لادن» خشية أن يثير ردود فعل سلبية من قبل الجمهور. وانتقد الكثيرون في باكستان قرار مجلس الرقابة في ذلك الوقت على أساس أنه لم يسبق أن نظر إلى بن لادن في المجتمع الباكستاني على أنه رمز من الرموز الدينية ولهذا لا يثير التناول الكوميدي لشخصيته في الفيلم ردود فعل عاطفية من جانب الجمهور، وأوضح نديم قائلا: «نادرا ما يفكر مجلس الرقابة على الأفلام بهذه الطريقة، لقد أرادوا (صناع الفيلم) التحايل على القانون والنظام في الدولة ولهذا تم منع عرض فيلم تيرا بن لادن». للمفارقة أنه على الرغم من منع عرض فيلم «تيرا بن لادن»، حقق نجاحا كبيرا في المجتمع الباكستاني وتم بيع الآلاف من النسخ غير الأصلية في السوق الباكستانية. وحدث هذا أيضا في حالة فيلم «أجساد دافئة» حتى وإن كان تم منع عرضه بشكل غير رسمي.