70% من الشباب العربي على «فيس بوك»

«منتدى الاتصال الحكومي» جمع 2000 شخص في إمارة الشارقة > ناقش آليات التقارب بين الإعلام والمسؤولين

مريم بن فهد المدير التنفيذي لنادي دبي للصحافة («الشرق الأوسط»)
TT

«للعرب 1100 محطة تلفزيونية يعمل بها 700 ألف شخص غالبيتهم ليسوا من خريجي كليات الإعلام، ولم يكونوا يوما على معرفة بالبعد الفلسفي للإعلام. كما أن السعوديين هم أكبر مستهلكين في العالم، على الإطلاق، لخدمة (يوتيوب)» هذا بعض المعلومات التي تحدث عنها علي جابر، مدير عام قنوات «إم بي سي» أثناء منتدى الاتصال الحكومي الذي أقيم في الشارقة، وشارك به ما يقارب 2000 شخص، وتركزت محاوره على بحث أفضل الأساليب لتحقيق التواصل الفعال بين الحكومات والشعوب. موضوع شائك خاصة وأن الثورات على أشدها.

جيلبير ضومط، مدير شركة «بيوند للإصلاح والتنمية» نبه إلى أن الشركات المختصة كانت تطور الاستراتيجيات لتوضع في الأدراج الآن المطلوب أن يكون المواطنون مشاركون فعليون في التغيير، لافتا إلى أن 70 في المائة من الشباب العربي بات يتفاعل على الـ«فيس بوك»، بينما يكتفي السياسيون باستخدامه كما كانوا يستخدمون التلفزيون، ولا يدخلون في حوارات مع مواطنيهم، وعليهم أن يستدركوا الأمر. أما رائد برقاوي، مدير تحرير صحيفة «الخليج» فرأى أن أحد أهم أسباب الثورات هو الانفصال بين الناس والحكومات، وسيادة البروباغندا. أما اليوم فبات من المفترض أن يكون للحكومة منتج جيد كي تتمكن من تسويقه. إذ أصبح بمقدور المسؤول السياسي لو أحسن استخدام وسائل التواصل الحديثة أن يفاجئ الناس. لكن مدير تحرير جريدة «النهار» اللبنانية غسان حجار، قلل من أهمية المواقع الاجتماعية والإنترنت بشكل عام، قائلا: «كذبة كبيرة أن تعتبر الإنترنت سببا رئيسيا في اندلاع الثورات العربية، فثمة مناطق تحركت واحتجت رغم أن الإنترنت لم تصلها بعد، ولعل الأصح القول إن الوسائط الإعلامية من تقليدية وحديثة تضافرت لتصل بنا إلى هذه النتيجة».

حتى السياسيين الذين حضروا الجلسة الافتتاحية تحدثوا عن التواصل، رئيس وزراء تركيا، رجب طيب أردوغان ميز بين التواصل بالعقل والتواصل بالقلب الذي يصل إلى الناس، وكوفي أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة أكد على عنصر الثقة ورغبة الناس الجامحة في الحصول على المعلومات والمعرفة. مؤكدا على ضرورة إشراك المواطنين العرب في النقاشات، وحثهم على التواصل والتفاعل مع المسؤولين.

لكن هل حقا، هذا متاح أمام المواطنين العرب؟ وزير الداخلية اللبناني السابق زياد بارود، الذي له 60 ألف متابع على «تويتر» و60 ألف صديق على «فيس بوك» بدا حاسما في إجابته: «نحن نعاني، في ما يتعلق بالحكومات من ثقافة عدم الرد، وأحيانا لا تكون ثمة إجابات لتزويد المواطن بها، وأحيانا أخرى هناك رغبة حقيقية من المسؤولين في إقامة حواجز بينهم وبين الناس. لهذا أدعو إلى تطوير صحافة استقصائية تكشف هذه العيوب والثغرات» وشرح الوزير بارود بالقول: «نحن لم نبلغ مستوى التواصل بعد كي نصل إلى مرحلة التفاعل».

سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس «مركز الشارقة الإعلامي»، الجهة المنظمة للمنتدى، تحدث عن جهود إمارة الشارقة، وإقامتها لـ«وحدة لاتصال الحكومي» التي تعنى بتدريب الكوادر على الاتصال، وتكون منصة لتسهيل التواصل بين الإدارات. لكن الجلسة التي خصصت لوضع الإعلام والاتصال في إمارة الشارقة بحضور صحافيين من الإمارة، لم تخل من الانتقادات، التي وجهت تحديدا إلى هذه الوحدة التي تم تأسيسها.

الصحافي سامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة «الإمارات اليوم» قال معلقا: «أنا شخصيا لا أحبذ وجود وحدة أو مكتب علاقات عامة، لأنه مع الوقت يتحول إلى عائق يحول دون اتصالنا بالمسؤولين. المعلومة باتت حقا للجمهور، وإذا لم يوصل المسؤول الخبر للناس، هناك المئات ممن سيتبرعون لنقل المعلومات. نحن بلد صغير وهناك وسائط اجتماعية كثيرة يتوجب الاستفادة منها». وأضاف الريامي «ليست مشكلتي مع الوحدة أو تسميتها وإنما مشكلتي هي مع المحتوى. قلنا للمسؤولين نريد المعلومة المناسبة في الوقت المناسب. نريد سهولة في تدفق المعلومات. هناك ثقافة جديدة بدأت وهذا المنتدى هو جزء منها». أثار الشعار الذي اختاره منتدى الاتصال الحكومي الثاني الذي نظمته إمارة الشارقة يومي 24 و25 من فبراير (شباط) الماضي، جدلا، واستثار تعليقا من عدد من المشاركين.

فشعار «تواصل فعال خطاب موحد» بدا القسم الثاني منه غير ديمقراطي بالنسبة لوزير الداخلية اللبناني السابق زياد بارود، كما اعترضت عليه الإعلامية السابقة في «سي إن إن» أوكتافيا نصر للسبب ذاته، واقترح عضو مجلس إدارة مؤسسة الشارقة للإعلام أحمد سالم بوسمنوه لما تثيره كلمة موحد من توجس - أن يصبح الشعار «تواصل فعل خطاب متحد». وشرح بوسمنوه قائلا: «مصطلح الخطاب الموحد يثير حذر الأكاديميين، قد يكون استخدم بحسن نية، ولكن تعديل المصطلح يجعلنا نفك الاشتباك».

من الجلسات التي كان يفترض أن تكون مهمة تلك التي شارك فيها جيم ماسينا، مدير حملة أوباما الانتخابية لعام 2012 وكولين هاريس، المستشارة الصحافية السابقة للأمير شارلز وولديه، ويليام وهاري، إلا أن المتحدثين بقيا حذرين وهما يعطيان المعلومات. ماسينا شرح بأن الحملة الثانية لأوباما كان يفترض أن تختلف في رسالتها بشكل جذري عن الحملة الأولى، وهذا ما حصل. وقد كلفه أوباما بإدارة الحملة قبل 23 شهرا من بدئها، واشترط منذ تلك اللحظة، أن يوافق أوباما على التغيير، تماما كما تغير الشركات حملتها التسويقية كل مرة. كان «فيس بوك» حاسما قال ماسينا خلال الحملة الأولى كان عشر الموجودين الآن، قد دخلوا على «فيس بوك». كما أن الهواتف الذكية بدأت تصبح أساسية أيضا. (إلى الأمام) كان شعارنا وبه انطلقنا. كان لا بد أيضا من فلترة الإعلام ووضع ضوابط للمناظرات. نجحنا كذلك في جعل خطابنا الانتخابي متناسقا، من خلال مختلف الوسائل الإعلامية التي استخدمناها، من راديو وتلفاز وإنترنت. لكننا أحدثنا الاختراق الكبير عندما قال بيت رومني وهو مدير شركة ويفهم في الاقتصاد إنه لا يلقي بالا لـ47 في المائة من الأميركيين لأنهم لم يصوتوا له. هذا ساعدنا كثيرا، وعزز حظوظنا. مما شرحه ماسينا أن أمرا أساسيا كان لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار وهو أن كتابة بيان ونشره لا يمكن أن يؤثر على الأميركيين في شيء، حتى لو وضع على «تويتر» و«فيس بوك». والأمر الثاني أن المواطن الأميركي لا يفكر في السياسة أكثر من 20 دقيقة في الأسبوع، ومن هنا كان علينا أن نتدبر أمرنا ونجد وسائلنا. أما مستشارة الأمير تشارلز السابقة للشؤون الصحافية كولين هاريس، فلفتت إلى أن العائلة الملكية البريطانية لم تكن تحب الإعلام، لكن منذ عشر سنوات تغيرت الأحوال بالكامل، وباتت العائلة اليوم موجودة على «تويتر» و«فيس بوك»، وأصبحت أكثر قربا من الناس. صارت العائلة تهتم بالموضة وبإطلالتها، وفازت الملكة بجائزة المرأة الأقوى في المملكة المتحدة رغم أنها غير منتخبة. لم يرد المنظمون الخروج بتوصيات بقدر ما كانوا يريدون الإفادة من أجواء الحوارات التي جاءت ساخنة في بعض الأحيان. فقد اعتبر علي جابر، مدير قنوات «إم بي سي» مثلا أن خطاب التلفزيونات العربية الرسمية غبي وغير فعال، وليس ناجحا في معظم الأوقات سواء من حيث اللغة أو الأدوات، وهو خارج عن الإطار بشكل كامل ودعا المسؤولين الذين يريدون الاهتمام برأي شعوبهم أتباع وسائل القياس الحديثة التي تستخدمها التلفزيونات ومنها «إم بي سي» وتحلل مشاعر وردود فعل مشاهديها ليعرفوا لحظة بلحظة ما يرغب به المواطنون. ثمة من احتج أيضا على كلمة اتصال التي يحمل شعارها المنتدى ورأى أنها تختلف عن التواصل الذي يعني تبادلا بين طرفين، وهذا هو المبتغى وليس الاتصال من طرف واحد. المنتدى ليس سوى حلقة في سلسلة وما يزال في عامه الثاني، أخطأ هنا وأصاب هناك، وجاءت بعض الجلسات لتصب خارج الموضوع بالكامل، لكن اجتماع هذه النخبة من الإعلاميين والسياسيين في مكان واحد لا بد أن يأتي أكله ولو بعد حين.