أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان تؤسس للإعلام المتخصص في السعودية

إدراج ستة برامج للصحافيين في مجالات محددة

TT

وضعت أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي بالتعاون مع وزارة العدل، أولى الخطوات التي سترتكز عليها المؤسسات الإعلامية في المدى المنظور، لصناعة وتخريج الصحافي المتخصص في مختلف القطاعات التي تتعامل معها الوسيلة الإعلامية، وبحسب حاجتها للكوادر العاملة في المجال الصحافي المتخصص، وذلك بعدما شرعت حديثا في إنجاز أولى دورات التخصص تحت اسم «الإعلام العدلي».

وأخذت أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي، التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2008 برعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، على عاتقها تأهيل الكوادر البشرية في مجال الإعلام التطبيقي، من خلال تطوير المؤسسات الصحافية والإعلامية، ودعمها من خلال تخريج وتقديم الكفاءات المؤهلة لسوق العمل، الأمر الذي يسهم في إيجاد فرص وظيفية مناسبة للكوادر السعودية للانضمام إلى قطاع الإعلام.

وتمكنت الأكاديمية حديثا من الاتفاق مع ستة قطاعات حكومية مختلفة، لإطلاق دورات متخصصة، تتماشى مع احتياج سوق العمل والوسائل الإعلامية، التي ترغب بدورها في إيجاد صحافيين متخصصين في تلك القطاعات التي لم يتم الإعلان عنها بعد.

وقال عبد المحسن البدر المدير العام لأكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي، إن خلق مثل هذه الدورات المتخصصة، واللقاءات مع الجهات ذات العلاقة، يسهم بشكل كبير في إيجاد صحافيين مؤهلين ومتخصصين في قطاعات مختلفة، وتعمل الأكاديمية على هذا الخط وهذه الاستراتيجية من منطلق رؤيتها وأهدافها في تطوير الكوادر الوطنية، لافتا إلى أهمية التعاون والتجاوب مع كل المؤسسات الإعلامية في هذا الشأن، والتي بدأت تؤمن بأهمية وجود الصحافي المتخصص لديها.

وأضاف البدر، أن أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان، ستطلق العديد من الدورات في الفترة القادمة، ضمن الإعلام المتخصص بالتنسيق مع الجهات المعنية، وقال «نهدف من إطلاق مثل هذه الدورات التدريبية إلى توصيل كافة المعلومات التي يحتاجها الصحافي المتخصص، الذي نبحث عنه، ونقدم له كل الدعم، ضمن برامج تنمي مهارات المتدربين في مجال عملي محدد وتسهم في رفع مستوى الاحترافية في أداء أعمالهم الوظيفية، وذلك ببرامج ودورات تصمم حسب طلب واحتياجات الصحافي من حيث المحتوى والفترة التدريبية».

وتعمل أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان، على جلب أفضل الحلول التطويرية للقطاع الإعلامي وتنفيذها، ووضع معايير وسلوكيات احترافية لمهنة الإعلام التطبيقي من خلال البرامج التعليمية والدورات التدريبية، مع تقديم الحلول المعرفية والتدريبية المبنية على المعايير الدولية في مجال الإعلام، وذلك بهدف تقديم الحلول التطويرية والتأهيلية لقطاع الإعلام في السعودية والعالم العربي، من خلال إنشاء قنوات اتصال، وشركات استراتيجية مع الجهات الإعلامية، والمراكز التطويرية والتعليمية، إضافة إلى المساهمة في تنمية الموارد البشرية، وإعداد جيل من المتخصصين السعوديين للعمل في الأكاديمية، عن طريق ابتعاث المبدعين من الطلبة السعوديين للالتحاق بالجامعات والأكاديميات المتخصصة الخارجية.

وتقدم الأكاديمية برامج ودورات متخصصة تتماشى واحتياجات السوق الإعلامية والصحافية، من خلال مدربين محليا وعالميا يمتلكون الخبرة في هذا القطاع، وذلك ضمن أساليب تدريب وتعليم مبني على المرونة في مواكبة احتياجات المتدرب، وخليط من المعرفة والمهارة والتطبيق المكثف، تمهيدا لتأهيل المستفيد للانضمام مباشرة لسوق العمل الصحافية، بالإضافة إلى تطبيق عملي وتدريب تعاوني مشترك مع الشركات الإعلامية والصحافية المحلية والإقليمية.

من جهته، أوضح فهد البكران، وهو المشرف العام على برنامج «الإعلام العدلي» والمتحدث الرسمي لوزارة العدل، مدى تفهم الإعلاميين لمفهوم استقلال القضاء، وأين تنتهي حرياتهم في إطار الحرية المسؤولة التي تضفي على عملهم مهنية باعتبارها السلطة الرابعة.

وقال البكران «من الضرورة أن يفهم دور الإعلام لدى المؤسسة القضائية، فلا إعلام من غير معلومة، ولا معلومة من غير شفافية، وعندما تغيب هذه الشفافية من قبل المؤسسة القضائية وتختفي المعلومة، فإن ذلك يفتح باب الإشاعات التي تؤثر على القضاء». وأضاف أن «القضاة ليس من شأنهم التعاطي مع الإعلام في ما يتعلق بالأعمال الموكلة لهم والقضايا المنظورة لديهم، إلا عبر المتحدث الرسمي لوزارة العدل»، موضحا أن الوزارة وفقا لرؤيتها ترى في التعاطي مع الإعلام ضرورة، مع الحفاظ على هيبة واحترام القضاء وعدم المساس به، وذلك في إطار ما يسمى بـ«الإعلام العدلي» ضمن ضوابط يجب التقيد بها.

وعرض المتحدث الرسمي لوزارة العدل وجهة رأي «المتحفظين» حسب قوله، في التعاطي الإعلامي للقضاء، بأنه يعطل سير العدالة ويؤثر على قرار القضاة، بينما رأى المؤيدون، وهي وجهة النظر المغايرة للمتحفظين، في تناول الإعلام للقضاء في الحياة المعاصرة، أنه مكمل لدور القضاء ويفي بحق الجمهور في المعرفة. بقي الفريق الثالث بين الاتجاهين وهو يؤمن باستقلال القضاء، ويعترف بدور الإعلام في نقل القضايا وذلك حسب القضية والظروف المحيطة بها. ويرى الدكتور عبد العزيز النهاري، الإعلامي السعودي، في محاضرة ألقاها «ضرورة المعالجة الصحافية المحلية للقضايا في المحاكم، والتي تعتمد على سلوك المحرر الصحافي نحو مضمون الخبر»، وهو ما يتطلب الحياد والأمانة اللذين اعتبرهما النهاري عنصرين مهمين في تكوين الصحافي، مع الشفافية في الطرح للخبر. ويقول «بذلك يكون الصحافي معتدل السلوك فيما يذهب إليه من نقل المعلومة بكل دقة ومهنية، تحديدا في القضايا وما يدور في أروقة المحاكم». وحدد الدكتور النهاري ثلاثة معايير يجب توفرها في المحرر العدلي أو المحرر القضائي، في مقدمتها المعرفة والدراية بالقانون (النظام) الذي تسير عليه المحاكم السعودية، إلى جانب التأهيل العلمي، ومن خلال هذه المكونات الأساسية في الصحافي سيتمكن من التعامل مع القضية وما هو متاح للنشر من معلومات وردت في سير القضية، وما يخالف أنظمة المطبوعات من التشهير أو الإفشاء بمعلومات يتطلب أن تكون سرية وغير معلنة.

من ناحيته، يؤكد ماجد قاروب المستشار القانوني، أنه في حالات كثيرة يؤثر الطرح الإعلامي السلبي على المتقاضين ويضعهم في مأزق من التشهير بهم أثناء المحاكمات، خاصة إذا تبنى الإعلام وجهة نظر واحدة في الحديث عن القضية، والتي معها يصعب إظهار الحقيقة العكسية، وذلك بعد أن رسخ لدى المتلقي عبر الإعلام صورة واحدة لحقيقة ناقصة.

ويعول المستشار القانوني على الثقافة القانونية التي يجب أن تسود، والتأهيل الحقوقي لكامل منظومة العمل التشريعي والتنظيمي والقضائي، على أن يتم هذا بوتيرة سريعة، مشيرا إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تحتاج إلى رفع مستوى الثقافة الحقوقية لديها، وأن تعمل على أن يكون الطرح للقضايا من قبل إعلام متخصص مؤهل، وليس من أصحاب المصالح أو المتحمسين للإثارة الإعلامية التي تضر ولا تنفع.

وأشار قاروب إلى أهمية مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء وديوان المظالم، الذي يشمل التأهيل والتدريب، وهو من أهم مفاتيح تطوير العمل القضائي والحقوقي والأمني، والعدلي، وهذا يتطلب من الإعلام بكل مسمياته تخصيص المساحة والاهتمام والدعم لما تمثله السلطة القضائية من دعم وحماية لما يصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية لأنهما المسؤولتان عن العدل وآلية تحقيقه في المجتمع.

وأطلقت أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان برامج الدبلومات المتخصصة، التي تهدف للتأهيل المهني المتخصص في مجال إعلامي تطبيقي محدد، يمنح المتدرب فرصة وظيفية احترافية في مجال إعلامي، ويتيح له بعد التخرج الدخول في مسار وظيفي يخدم الشركات والمؤسسات الإعلامية والصحافية، بينما يتوقع أن تضخ هذه الدورات لسوق التوظيف الإعلامية طاقات مؤهلة تساهم في تغطية متطلبات بعض الوظائف الحيوية في تخصصات فنية مختلفة.