صحافيو البيت الأبيض.. مجموعة صغيرة قفزت إلى قمة المراسلين

ينقلون إلى أميركا وإلى العالم أخبار أهم مكان في أهم عاصمة في العالم

الرئيس الأميركي أوباما خلال الاجتماع الأسبوعي بالبيت الأبيض
TT

يسمونهم «صحافيي البيت الأبيض»، أي الذين يغطون أخبار البيت الأبيض. ويسمونه «نادي صحافيي البيت الأبيض». لا يوجد لهم نادٍ هناك، ولكن القصد أنهم مجموعة صغيرة «مدللة»، قفزت إلى قمة المراسلين والمخبرين.

الذي يدخل البيت الأبيض يمر بمراسلي التلفزيونات، وهم يتحدثون أمام كاميراتهم. كاميرا بعد كاميرا، ينقلون إلى أميركا، وإلى العالم، أخبار أهم مكان في أهم عاصمة في العالم.

والذي يدخل قاعة المؤتمرات الصحافية، يري المقاعد «50»، على الرغم من أن عدد الصحافيين المعتمدين أكثر من ذلك. لكن، مرات كثيرة، لا يحضر المؤتمرات الصحافية غير نسبة قليلة من هؤلاء. مثل هيلين توماس، الصحافية الأميركية العربية، التي توفت في الأسبوع الماضي عن عمر وصل إلى 92 سنة، لا يتغير كثير من الصحافيين بتغيير الرئيس (توماس غطت عشرة رؤساء، أولهم آيزنهاور، وآخرهم أوباما).

لهذا السبب، ولأن عددهم قليل، ولأن لهم مكانة خاصة وسط بقية الصحافيين، ووسط عامة الناس، ينتقدهم البعض، ليس لأسباب شخصية، ولكن لأسباب أخرى:

أولا: يحتكرون الأخبار، مما يقلل المنافسة.

ثانيا: قريبون من المسؤولين في البيت الأبيض، مما يؤثر على حيادهم.

ثالثا: يتشابهون كثيرا في طريقة التفكير، مما يقلل فرص آراء وإبداعات آخرين.

لهذا، في الأسبوع الماضي، كان جزء من المؤتمر الصحافي الذي يعقده المتحدث باسم البيت الأبيض، عن موضوع قديم جديد؛ قديم لأنه عن العلاقات بين البيض والسود في أميركا، وجديد لأن صحيفة «واشنطن بوست» كتبت تقريرا يكاد يتهم هذا «النادي» بالتفرقة العنصرية.

وكأن حشرة قاتلة لسعتهم، هب الصحافيون يسألون المتحدث الرسمي عما نشرت «واشنطن بوست». ورد الرجل بأن عليهم سؤال «واشنطن بوست». وقال: «إنهم صحافيون مثلكم، اسألوهم. أنا شبعت من أسئلتكم». كتب رأي «واشنطن بوست» المعلق الثقافي بول فارهي، تحت عنوان «صحافيو البيت الأبيض لا يمثلون الطوائف العرقية»، ويكاد العنوان يتهم «النادي» بالعنصرية.

ولأن التفرقة العرقية موضوع حساس في أميركا، ولأنه موضوع مهم، ولأن أوباما هو أول رئيس أسود في تاريخ أميركا، كان الموضوع مفاجئا. ليس فقط بالنسبة لصحافي البيت الأبيض، ولكن، أيضا، بالنسبة لصحيفة «واشنطن بوست» نفسها. رغم حرية الصحافة، وعلى الرغم من انفتاح المجتمع الأميركي، حتى «واشنطن بوست» تحاول تحاشي الحديث عن العلاقة بين البيض والسود. ناهيك عنها وسط الصحافيين الذين يغطون أخبار أول رئيس أسود.

وكان الاتهام واضحا؛ من بين 50 صحافيا، هناك ثلاثة أو أربعة سمر، أو سود، أو هنود. والبقية بيض (مثل «زهرة ليل»، كما يقول المثل الأميركي).

وعندما تحدث أوباما، في الأسبوع الماضي، عن قتل الشاب الأسود تريفون مارتن في ولاية فلوريدا بمسدس لاتيني أبيض، ثم تبرئة القاتل، كان أوباما منفعلا، وعبر عن أحاسيس أغلبية الأميركيين السود.

ولهذا، كان السؤال: هل يقدر الصحافيون البيض على نقل مشاعر السود، بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة؟ (طبعا، نقل المشاعر ليس مثل نقل التصريحات والأخبار). لكن، لا تقتصر المشكلة على صحافيي البيت الأبيض.

حسب أرقام الجمعية الأميركية لرؤساء تحرير الصحف، يوجد في الولايات المتحدة 40 ألف صحافي متفرغ ومهني. منهم 12 في المائة فقط غير بيض. لكن تزيد النسبة إلى 21 في المائة وسط مذيعي ومذيعات التلفزيون.

وحسب إحصاء السكان في عام 2010. تبلغ نسبة البيض في الولايات المتحدة الثلثين، والثلث الباقي سود، وسمر، ولاتينيون، وآسيويون.

وقال غريغوري لي رئيس اتحاد الصحافيين الأميركيين السود: «لا يمثل التكوين الحاضر لصحافيي البيت الأبيض التكوين السكاني للولايات المتحدة».

السؤال هو: هل يؤثر لون الصحافي على الأخبار التي يجمعها؟

لي، الأسود، أجاب بـ«لا». قال: «لا يجب أن تكون كاثوليكيا لتغطي أخبار الكاثوليك. أو من أصل بولندي لتغطي زيارة رئيس بولندا. صحافيو البيت الأبيض هم خيرة الصحافيين. ولا أعتقد أن مثل هذه الأشياء تؤثر عليهم».

لكن، قالت أبريل ريان، سوداء تغطي البيت الأبيض: «أحيانا كثيرة أنا الوحيدة التي أسأل أسئلة لها صلة بمواضيع الأقليات، وخاصة السود»، وأضافت: «لا يمكن فصل هويتي عن أسئلتي. بالعكس، هويتي تساعدني على معرفة معلومات أكثر عن السود، وبالتالي، أستطيع أن أسأل أسئلة أحسن من غير السود».

وقال ريتشارد برنس، صحافي أبيض يدير موقعا على الإنترنت: «تشكيلة صحافيي البيت الأبيض مهمة، لأن هناك أشياء كثيرة لا تُسأل، ولا تُكتب، ولا تُسمع. خاصة أشياء تهم رئيس الولايات المتحدة، وسياساته».

وقالت دوريس ترونغ، صحافية في «واشنطن بوست»، وأصلها من فيتنام: «يختار رؤساء التحرير الصحافيين الذين يتفقون معهم في الرأي، أو يميلون نحو ذلك».

وقال جوينت كومار، أستاذ صحافة: «لا تقدر الصحف السوداء على صرف تكاليف إرسال مراسلين سود إلى البيت الأبيض. أو لا تهتم كثيرا بذلك».

حتى مع وجود رئيس أسود في البيت الأبيض. ربما لقناعة كثير من السود أن العلاقة مع البيض أكبر وأهم وأكثر تعقيدا من عدد الصحافيين السود في البيت الأبيض.