هل الأكاديمي رضا أصلان وقع فريسة لـ«فوكس نيوز»؟

جدل حول مهاجمة الأكاديمي لكتابه عن النبي عيسى لأنه مسلم

لقطة من حوار لورين غرين مع أصلان
TT

«أنت مسلم، فلماذا أصدرت كتابا عن النبي عيسى؟» كان هذا هو السؤال الذي طرحته مذيعة قناة «فوكس نيوز» الأميركية لورين غرين على الباحث رضا أصلان، في مقابلة تلفزيونية أحدثت ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية خلال الأسبوع الماضي. حاولت مدونة «إريك ويمبل» إجراء حوار مع أصلان حول تلك المقابلة، ولكنه كان مشغولا بلقاءات أخرى، ولحسن الحظ أنه شارك في المساء في فقرة «اسألوني عن أي شيء» على موقع «رديت»، وسئل عدة أسئلة، من بينها هذا السؤال:

* هل تفاجأت بأسئلة لورين غرين على قناة «فوكس نيوز»؟ وهل كان هناك أي إشارة إلى أسلوب الحوار مسبقا؟ - كان لدي مؤشر على ما سيحدث من خلال هجوم القناة علي قبل عدة أيام من هذه المقابلة. كنت أعتقد أننا سنتحدث في هذا الأمر أولا، ثم ننتقل للحديث عن الكتاب موضع النقاش، ولكن هذا لم يحدث.

الهجوم الذي يشير إليه أصلان هو تلك المقالة الافتتاحية التي كتبها جون ديكيرسون، الذي دائما ما يصف نفسه في مقالات الرأي بأنه «صحافي ومؤلف». وقال ديكيرسون: «أنا مسيحي، ولا أتخيل أنه يمكنني كتابة السيرة الذاتية للنبي محمد بشكل موضوعي، ثم أقوم بإخفاء صراع المصالح بالنسبة لي في المقابلات الإعلامية»، في إشارة إلى أصلان لأنه كاتب مسلم ويكتب عن سيرة النبي عيسى. وكانت هذه هي المزاعم التي نفاها أصلان بشدة خلال حواره مع غرين، التي استشهدت بهجوم ديكيرسون على أصلان. وباختصار، استعانت قناة «فوكس نيوز» بالمقالة التي كتبها شخص تابع لـ«فوكس نيوز» لعرض أسئلة غبية على رجل دين مسلم، وهذا ما تسمونه التعاون عبر المنابر الإعلامية المختلفة.

وكثير مما أثير في مقابلة موقع «فوكس نيوز» مع أصلان، الباحث ومؤلف كتاب «المتعصب» وهو كتاب جديد حول النبي عيسى في التاريخ، مرعب إلى حد كبير. الشيء الذي بدا مجري المقابلة أنه يعرفه عن رضا أصلان هو أنه مسلم. كيف واتته الجرأة على الكتابة عن النبي عيسى؟ لقد أمضى الرجل عشرين عاما من البحث، ألا يكفي هذا للكتابة عن شيء حتى وإن كان لا يؤمن به؟ وجهت راتشل كارسون سؤالا إلى رضا أصلان:

* أنت مسلم، لماذا كتبت كتابا عن مؤسس النبي عيسى؟ - أصلان: بداية، أنا باحث في مجال الأديان وأحمل أربع درجات جامعية بما في ذلك واحدة في العهد الجديد، وأتكلم اليونانية التوراتية بطلاقة، وأدرس في أصول النبي عيسى منذ عقدين، وأنا أيضا مسلم، ولكن كوني مسلما لا يحول دون أن أكتب عن النبي عيسى. أنا خبير أحمل شهادة الدكتوراه في تاريخ الأديان. وأحمل حبا كبيرا للمسيح.

* لكن، لا يزال السؤال قائما، لماذا تهتم بمؤسس النبي عيسى؟ - حملت ردود الفعل من مشاهدي البرنامج الكثير من الانتقادات لكارسون، فقال بعضهم: أنت إنسانة يا راتشل كارسون، لكني لا أستطيع أن أتغافل عن أنك ألفت كتابا عن الطيور. فكيف تبدين اهتماما بالطيور وأنت لا تنتمين إلى فصيلة الطيور - أو حتى شجرة؟ فهل تعبدين الطيور؟ أما ديفيد ماكول، فعلق بالقول: «أعتقد أنك كتبت السيرة الذاتية لجون آدامز، لكنك مسيحية - صححي لي إن كنت مخطئا ـ وآدمز ليس مقدسا، وأعتقد أنك ترين أن جون آدمز ليس إلها، فكيف يمكنك كتابة كتاب عنه إذن؟ وقال آخر: لاحظت أنك ألفت كتابا عن نابليون، لكنك لست فرنسية. وقال آين راند، لك كتاب بعنوان «أطلس ينتفض»، بداية، من أطلس؟ ثانيا: أنا لم أشاهدك تقدمين قربانا لهذا الإله اليوناني. أخيرا، أنت سيدة، فكيف لك أن تكتبي شيئا عن رجل؟ ربما كان السبيل الوحيد كي لا تزداد الأمور سوءا هي أن تحدق في الكاميرا لتعلن أسفها. والمذيعة لورين غرين ونتيجة لحجم النقد الذي جلبته لنفسها ولمحطتها نتيجة هذه المقاربة، اعتبر معلقون كثيرون أنها أمنت لكتاب أصلان رواجا لا يحلم به، مع العلم أنه احتل المركز الثاني في لائحة الكتب الأكثر مبيعا لصحيفة «نيويورك تايمز» عند نشره في الأسواق مباشرة. وقد سبق لصاحبه أن أصدر كتابا ترجم إلى 13 لغة وصنف من الأكثر مبيعا عالميا، موضوعه الإسلام وعنوانه: «لا إله إلا الله: جذور الإسلام وتطوره».

أفكار قليلة تسلحت بها غرين، وأعاقت بواسطتها نمو الحوار في أي اتجاه آخر، حتى لفتها أصلان إلى أنه يكرر على مسمعها، للمرة الرابعة، تخصصه الأكاديمي في الأديان، مستحضرا العشرين سنة الأخيرة التي قضاها يدرس شخصية النبي عيسى. وهو يحمل إجازة جامعية في الدراسات الدينية من جامعة «سانتا كلارا»، وماجستير في اللاهوت من كلية اللاهوت في جامعة هارفارد، وشهادة دكتوراه في الفلسفة متخصصا في سوسيولوجيا الأديان من جامعة كاليفورنيا، وماجستير في الفنون الجميلة من محترف الكتاب في جامعة إيوا.

لكنها لم تبد كأنها تسمع ملاحظات أصلان الموجهة إليها أو حول الكتاب، وإنما انتظرت صمته أو قاطعته حتى، لتعيد صياغة معنى واحد في عدة جمل استقتها من حملة شنها متطرفو المحافظين خلال الأسبوع الماضي على الكتاب ترافقت مع بدء الترويج له في أميركا، قوامها أن الكتاب مسيء إلى المسيح لأن كاتبه مسلم. وبينما هو يقول بأن كتابه يأتي نتيجة أبحاثه كمؤرخ وأكاديمي وليس من إيمانه الشخصي، وبينما يبلغها مرارا أن أسئلتها كانت تتوالى على النحو التالي: «أنت مسلم، لماذا تكتب كتابا عن مؤسس النبي عيسي؟».