«آي تي في» بعد «آي فون»

نهاية شبكات التلفزيون.. أم نهاية التلفزيون نفسه؟

TT

كما تكتمت شركة «أبل» على تطوير تليفونها الذكي «آي فون»، حتى أصدرته فجأة وسط إثارة إعلامية حققت الهدف منها، واجتاح «آي فون» العالم في سرعة لم تسبق لإنتاج تكنولوجي جديد في التاريخ، تتكتم «أبل» الآن على تطوير تلفزيونها الذكي «آي تي في». ويتوقع أن تصدره وسط زخم إعلامي مماثل. ويتوقع أن يهز، ليس فقط شبكات التلفزيون الرئيسية، ولكن ربما جهاز التلفزيون نفسه.

خلال عشر سنوات تقريبا هز الإنترنت الصحف والمجلات، بل الكتب المطبوعة، وتوقف بعضها، وخفض بعدها حجم نشاطاته. ثم هز التليفون الذكي «آي فون» و«سامسونغ» وغيرهما، التليفونات القديمة. وأنهى عهد التليفونات التي تتكلم فقط، وجاء بعهد التليفونات الكومبيوتر التي تتكلم، وتكتب، وتسجل، وتذيع، وتتجول في آفاق الفضاء السايبري.

والآن، يأتي دور التلفزيون التقليدي. رغم أنه تطور بعد أن كان في حجم صندوق كبير، يضغط الناس على أزراره ليحددوا قنواته وحجم صوته. ورغم أنه صار مسطحا نحيفا يعلق على الجدران، ويضغط الناس على «ريموت» بعيد ليحدد قنواته وحجمه وفيديوهاته وتسجيلاته. لكن، ها هو في طريقة ليكون التلفزيون الكومبيوتر (مثل التليفون الكومبيوتر).

بريان ستتلر، محرر الشؤون التكنولوجية في صحيفة «نيويورك تايمز»، قال أخيرا إن شركة «أبل» لم تعمل منفردة عندما طورت «آي فون» وإنها تعاونت مع شركات تليفونات أميركية. والآن، تتعاون «أبل» مع شركات تلفزيونية وهي تطور «آي تي في».

وقال تيموثي كوك، المدير التنفيذي لشركة «أبل»: «نحن على أعتاب (قفزة عملاقة) في عالم التلفزيون». وطبعا، لم يفصل ذلك. بينما العالم ينتظر المفاجأة الكبرى.

لكن، تنبأ الصحافي ستتلر بأن التلفزيون الذكي (الذي لا بد أن يكون نحيفا ليعلق على الجدران) سيكون مثل «تلفزيون كومبيوتري» أو «كومبيوتر تلفزيوني».

وسيختفي شيئان (كانا «آخر تطور تكنولوجي» قبل ثلاثين سنة فقط»):

أولا: سيختفي الريموت كنترول؛ لأن لوحة المفاتيح ستحرك كل شيء. وطبعا، ستكتب على التلفزيون، وتدخل الإنترنت، وتحمل، وتنزل، وتفتش، وتحرر، وترسل البريد وتتسلمه.

ثانيا: سيختفي صندوق الكيبل الذي يوضع فوق التلفزيون أو إلى جواره. وذلك لأن الإنترنت سيفتح الأبواب أمام التلفزيون الذكي ليتجول في الآفاق العنكبوتية. ولن يعرض فقط شبكات الكيبل المحلية، أو شبكات الفضائيات الأجنبية، ولكن أيضا تلفزيونات من كل العالم. وأيضا إذاعات، وفيديوهات، وأفلاما.

ومثلما ارتجف المديرون والمستثمرون في شركات الصحف (مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز») مع ظهور صحف الإنترنت، يرتجف الآن المديرون والمستثمرون في شبكات التلفزيون التي ظلت تسيطر على التلفزيون منذ سبعين سنة تقريبا. يرتجفون، أو سيرتجفون. ذلك لأن التلفزيون الذكي سيتلقى برامجه من الإنترنت، وليس من الكيبلات والفضائيات، بالضرورة.

ماذا ستفعل تلفزيونات «آي بي سي» و«سي بي إس» و«إن بي سي»؟

ربما مثلما تفعل «واشنطن بوست» الآن. كما يقول المثل الأميركي: «إذا لم تقدر على هزيمتهم، فانضم إليهم»، أسست الصحيفة قناة تلفزيونية تقليدية. وعندما لم تنجح الفكرة (وكيف تنجح والتلفزيونات التقليدية في طريقها إلى الفناء؟)، أسست قناة إنترنت. لكنها لا تزال في مراحلها الأولية.

ما دام التلفزيون الذكي سيكون تلفزيون إنترنت، صار طبيعيا أن تهتم به شركات الإنترنت، مثل «غوغل». وها هي «غوغل» تريد منافسة، ليس فقط شبكات التلفزيون التقليدية، ولكن أيضا شركات نقل هذه الشبكات، مثل «كومسات» و«فرايزون».

والتكنولوجيا والمنطق يقفان إلى جوار «غوغل»: لماذا يشترك الناس في شركات نقل التلفزيون، وفي شركات التلفزيون نفسها، إذا كانوا يقدرون على الحصول على البرامج التلفزيونية من الإنترنت؟

ولا بد أن شركات إنترنت أخرى مثل «ياهو» و«مايكروسوفت» و«تويتر» تريد أن تفكر في الموضوع، إذا لم تكن فكرت فيه، وإذا لم تكن بدأت العمل فيه. وها هي شركة «ياهو» تبدأ في إنتاج أفلام فيديو إخبارية، توزعها في الإنترنت (وتنافس قنوات التلفزيون التقليدية). ويمكن أن تبدأ في إنتاج برامج تلفزيونية توزعها في الإنترنت (وتنافس المسلسلات التلفزيونية). ويمكن أن تبدأ في إنتاج أفلام سينمائية توزعها في الإنترنت (وتناقش شركا الإنتاج السينمائي).

وإذا استمر هذا التطور التكنولوجي الخيالي التاريخي فلن يمر وقت طويل قبل أن يزار متألما «أسد فوكس» (علامة شركة «فوكس» للإنتاج السينمائي). وقبل أن يهتز، في خشوع «جبل باراموانت» (علامة شركة «باراموانت» للإنتاج السينمائي). وقبل أن تدور في الاتجاه المعاكس «كرة يونيفيرسال الأرضية» (علامة شركة «يونيفيرسال» للإنتاج السينمائي). وقبل أن تبكي «فتاة كولومبيا» (علامة شركة «كولومبيا» للإنتاج السينمائي).

ذلك لأن التلفزيون الذكي سيفتح الباب أمام شركات إنتاج سينمائي ذكية أمام «آي هوليوود».