فروست.. رحيل «محاور نيكسون»

حاور آخر سبعة رؤساء للولايات المتحدة.. واستجواب نيكسون حصل على نسبة غير مسبوقة من المشاهدة حول العالم

ديفيد فروست مع الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون
TT

توفي ديفيد فروست مقدم البرامج والكاتب البريطاني الشهير عن عمر يناهز 74 عاما إثر أزمة قلبية، وكان فروست مقدما للبرامج المتلفزة وكاتبا كوميديا، وكان من أشهر برامجه «تقرير فروست». وأجرى فروست لقاءات ومقابلات صحافية مع أغلب القادة والرؤساء العالميين طوال الحقب الثلاث الأخيرة من القرن العشرين. «ويعتبر الشخص الوحيد الذي حاور آخر سبع رؤساء للولايات المتحدة». كما اشتهرت أيضا عدة مقابلات أجراها فروست مع الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون تم تسجيلها عقب فضيحة «ووترغيت» وهو ما منحها نسبة غير مسبوقة من المشاهدة. وكتب فروست نحو 15 كتابا، وحصل طوال تاريخه المهني على أغلب الجوائز المرموقة، البريطانية والأميركية والعالمية، ونال فروست لقب «سير»، كما حصل خلال مسيرته المهنية الطويلة على العديد من الجوائز المرموقة. آخرها جائزة «إيمي» عام 2009 عن مجمل أعماله. وأنتج فروست ثمانية أفلام ونال عدة جوائز مرموقة عن برامجه التلفزيونية وأعماله، كما حصل على وسام الإمبراطورية البريطانية. وقال بيان أصدرته عائلة فروست إن الأخير «توفي بعد إصابته بأزمة قلبية، بينما كان على متن سفينة سياحية».

من جانبه نعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد فروست وقال: «إنه يشاطر أسرته الأحزان وإنه كان بالنسبة إليه صديقا وصحافيا ذا رهبة خلال المقابلات الصحافية». وأضاف: «كان السير ديفيد رجلا غير عادي مع سحر وخفة ظل. يتميز بالموهبة والذكاء والدفء، وترك تأثيرا كبيرا على التلفزيون والسياسة».

وخلال 50 عاما أمضاها السير فروست في مهنة الإعلام والمقابلات التلفزيونية، قدم بعضا من أنجح البرامج التلفزيونية في العالم، فقد استجوب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بعد فضيحة «ووترغيت»، وهو حوار استقطب أكبر عدد من المتفرجين على حوار متلفز في العالم. استجوب شخصيات شهيرة كفرقة «البيتلز» و«مايك غاجر»، والأمير تشارلز عشية تنصيبه لأمير ويلز، ومحمد علي كلاي، وغيرهم. ومن أبرز مقابلاته أيضا حواره التلفزيوني مع مارغريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا إبان حرب الفولكلاند إثر غرق المدمرة الأرجنتينية «بولغرانو»، وكان آخر مذيع تلفزيوني يحاور محمد رضا بهلوي آخر شاه لإيران قبل ثورة الخميني، ومن المشاهير والنجوم الذين حاورهم أيضا وودي ألن، والممثل بيتر استينوف، والنجم ارسون ويلز، والنجم الأميركي كلينت إيستوود، وسير أنطوني هوبكنز، ووارن بيتي، ونورمان ميلر، وآخرون.

تقول بارني جونز التي شاركته العمل في «بي بي سي» لمدة عشر سنوات: «لقد كان فروست محبا لتقديم البرامج وقام بذلك لأكثر من 50 عاما، كما كان يتطلع لتقديم المزيد، مثل مقابلة كان من المفترض أن يديرها مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبوع المقبل».

ولد فروست في مقاطعة كنت قرب لندن ودرس في جامعة كمبردج، حيث التقى عددا من فناني الكوميديا لاحقا، مثل بيتر كوك، غراهام شابمان وجون بيرد. وظهر فروست في عدة قنوات تلفزيونية، منها «بي بي سي»، «إي تي في» و«الجزيرة الإنجليزية».

كانت مقابلة الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون هي الأهم من حيث عدد المشاهدة حول العالم، لكن كان هناك مقابلات أخرى، أبرزها مع صناع القرار عبر الأطلسي، وبالأخص آخر سبعة رؤساء أميركيين، ورؤساء الحكومة الستة الأواخر لبريطانيا. قدم برنامج «بريكفاست وذ فروست» الذي كان يذاع صباح كل يوم أحد، وكان من أبرز البرامج السياسية في هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

أثناء دراسته في كمبردج، ترأس تحرير صحيفة «إسكواش» الطلابية، ومجلة «غرانتا» الأدبية. كما كان سكرتيرا لنادي أضواء المسرح الشهيرة. بعد أن ترك الجامعة عمل متدربا في «أسوشييتد ريديفيشون» وموظفا في محطة «تلفزيون أنجليا».

والسير فروست من مواليد 7 أبريل (نيسان) 1939. ترك خلفه زوجته كارينا وثلاثة أبناء، وهو نجل راهب من مقاطعة كنت، وتلقى تعليمه الإلزامي في مدرسة غيلينغهام للغات، قبل أن يلتحق بجامعة كمبردج. درس في صف الكتاب المقدس في كنيسة والده بينما كان يعيش في غيلينغهام، وبدأ بعد ذلك التدريب كواعظ ميثودية، ولكنه لم يكمل ذلك. درس في مدرسة بارنسول الابتدائية في غيلينغهام، ثم مدرسة متوسطة النحو بغيلينغهام. وآخرا مدرسة نحو يلينغبورو. التحق بعد ذلك بكلية غنفيل وكيوس في جامعة كمبردج، حيث تخرج بشهادة في اللغة الإنجليزية. طوال سنوات دراسته كان متعطشا للعب كرة القدم والكريكيت وعرض عليه بالفعل عقدا مع فريق نوتينغهام فورست، ورفضه لإكمال الجامعة.

كما نعته «شبكة الجزيرة» في بيان قالت فيه إنها ستفتقد في الراحل فروست مهنيته العالية ولطفه وحس الفكاهة العميق لديه.

وأكثر ما جعل فروست شهيرا المقابلة التلفزيونية التي حاور فيها الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون بعد فضيحة «ووترغيت» عام 1977؛ إذ استقطبت أكبر عدد من المشاهدين بالعالم في ذلك الوقت، وقدم نيكسون خلالها اعتذاره عن فضيحة التنصت على الحزب الديمقراطي.

وعمل الراحل مع قناة «الجزيرة الإنجليزية» منذ إطلاقها قبل سبع سنوات، وأول ما قدمه فيها كان برنامجه «فروست حول العالم» وآخر برامجه «مقابلات فروست» (فروست إنترفيوز).

وتوالت عبارات الرثاء من أصدقاء وزملاء فروست ومن عملوا معه، فقالت إستر رانتزن مقدمة البرامج التلفزيونية: «أعتقد أن زملاء فروست في المهنة كانوا مبهورين بقدرته على استخلاص أقوال مهمة وتاريخية من شخصيات مهمة في كل المجالات (رؤساء، رؤساء وزارة ومشاهير). ولكن بالنسبة لمن حظي بمعرفته على المستوى الشخصي فسيفتقد طيبته وكرمه ووفاءه وحس الدعابة الذي تميز به».

أما وزير الخزانة في حكومة الظل إد بولز فكتب على موقع «تويتر»: «حزين جدا لسماع خبر وفاة سير ديفيد فروست المفاجأة، فقد كان شخصا ودودا على الدوام، ولكنه كان محاورا بارعا جدا أيضا».

أما رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير فقال في بيان: «أمر حزين جدا. كان الظهور في برنامج ديفيد فروست بالنسبة لي ممتعا دائما.. ديفيد كان رجلا مهنيا عظيما وصديقا أيضا».

وخلال عمله في شبكة «الجزيرة» باللغة الإنجليزية، قدم برنامجا أسبوعيا حول الأحداث الحالية وكانت آخر اللقاءات التي قدمها مع الروائية إيزابيل أليندي من شيلي وسائق سيارات سباق «فورمولا وان» لويس هاميلتون.

وشملت قائمة الأشخاص الذين حاورهم الراحل تقريبا كل معاصريه من الرؤساء الأميركيين ورؤساء الوزارة في بريطانيا.