نادين هاني لـ «الشرق الأوسط»: هيلاري كلينتون اختياري لشخصية عالمية ناجحة

المذيعة المتألقة على شاشة «العربية» تتمتع بخلفية ثرية في المجال الاقتصادي ورزانة في التقديم

نادين هاني
TT

مع خلفية ثرية في المجال الاقتصادي، ومع رزانة التقديم والحضور، واكبت المذيعة نادين هاني مشاهديها خلال المراحل والجوانب المختلفة للحياة الاقتصادية. قدمت الأخبار وتوسعـت في تحليلها سعيا لتقديم صورة تتجاوز الأرقام والأسماء.

* كيف ومتى اخترت العمل في الإعلام.. وما هي دوافعك الخاصة والعامة لذلك؟

- عملي في الإعلام كان صدفة، ولم أخطط يوما لأكون إعلامية أو أظهر على شاشة التلفزيون. فقد تخرجت في الجامعة الأميركية في بيروت بماجستير إدارة أعمال، وبدأت حياتي المهنية في مصرف أجنبي (ABN Amro)، حيث عملت في الصيرفة الخاصة. كنت أنصح أصحاب الثروات حول الطريقة المثلى لاستثماراتهم، ومن ثم انتقلت إلى مصرف عالمي آخر (BNP Paribas). كنت سعيدة بنجاحي ولم أفكر يوما في الانتقال إلى مجال آخر. لكن الصدفة جعلت صديقا يتصل بي وأنا في مقهى مع أصدقاء، ليعرض علي فكرة العمل (part time) في تلفزيون لبناني من أجل تقديم فقرة حول الأسواق العالمية والأسهم. كانت فكرة جديدة على الشاشات العربية حيث كانت الأخبار الاقتصادية حتى ذلك الحين تقتصر على العموميات من دون تغطية أسواق المال بالتفصيل. وقد عرضوا الفكرة علي لأنهم كانوا يبحثون عمن يقدر أن يعد ويقدم الفقرة، وبالتالي يتمتع بالخلفية الاقتصادية، فأعجبتني الفكرة وقدمت أخبار الأسواق بالتزامن مع عملي في البنك. بعدها بسنتين تلقيت عرضا لأنتقل إلى دبي للتفرغ للعمل الإعلامي، وهكذا بدا المشوار لكي أصبح مقدمة «الأسواق العربية»، البرنامج الاقتصادي الأكثر مشاهدة في العالم العربية. لو سألني أحد في أيام الدراسة عما إذا كنت سأصبح شخصية تلفزيونية لكنت ضحكت كثيرا، لأنني كنت خجولة جدا، ولم أكن أتخيل أن بإمكاني أن أكون مقدمة برامج أمام الملايين من المشاهدين أبدا.

* ماذا كان طموحك في مطلع عملك في المهنة التي اخترتها.. هل كان العمل كمذيعة هو رغبتك من البداية؟

- في البداية أردت أن أصبح مديرة بنك. لكن بعد دخولي المجال الإعلامي أصبح الهدف أن أكون أفضل مقدمة برامج اقتصادية في العالم العربي. أما اليوم فهدفي أن أحظى بحياة سعيدة. أنا أهدف إلى التميز في أي مجال كان. اليوم أنا أحب عملي وأقوم به بشغف، وأعتقد أن هذا هو الأهم. أطل على الناس من أفضل منبر إعلامي في العالم العربي، قناة «العربية»، فلم يكن ليتحقق النجاح من دون دعم المحطة والقيمين عليها الذين آمنوا بقدراتي ومنحوني الفرصة لأنجح، ومن دون العمل الشاق من ناحيتي والإصرار على أن أكون كل يوم أفضل من الذي سبق.

* ما هي الخطوة اللاحقة في مشروع حياتك المهني.. ما الذي تطمحين إليه؟

- أكيد أنني أفكر دائما في مشاريعي المستقبلية، وأعتبر أن لدي القدرات للانتقال إلى «الجانب الآخر» من عالم الأعمال ما بعد الظهور على الشاشة، فأنا أصلا أتيت منه، ولكن أنا من النوع الذي يعطي 100 في المائة من قدراته للعمل الذي يقوم به، وبالتالي أنا في الوقت الحاضر متفرغة لعملي كمقدمة برامج اقتصادية، ولدي الكثير من الطموح في هذا المجال قبل أن أنتقل إلى أمور أخرى.

* من كان (كانت) قدوتك في الإعلام؟

- أقدر النجاح بكل أشكاله، وأحاول أن أدرس شخصيات ومهارات قصص النجاح لكن من دون أن أقلدهم. أعتقد أن كل إنسان ناجح هو الذي يتصرف بتلقائية وبشخصيته هو، فمن يقلد الآخر سيكون دائما نسخة رديئة لأن التقليد لن يكون يوما بنفس جودة الأصل. وكوني لم أخطط يوما لأصبح إعلامية بالتالي لم يكن لدي قدوة من المجال الإعلامي لأنه لم يكن محط اهتمامي، أما بعد دخولي هذا المجال فقد أصبحت أراقب الإعلاميين على الشاشات الغربية لأتعلم منهم، فأحاول أن أراقب أداءهم لاكتشف سبب النجاح، ومن ثم أعمل على تطوير نفسي من دون أن أتمثل بأحد. أما إذا أردت أن اختار شخصية عالمية ناجحة بالمطلق (ليس في نطاق الإعلام) فستكون هيلاري كلينتون، لأنها أكبر مثال على نجاح المرأة في واحدة من أصعب المهن في العالم، الدبلوماسية والعلاقات الخارجية لدولة بمكانة الولايات المتحدة.

* من هو كاتبك المفضل (كاتبتك المفضلة) محليا وعالميا؟

- كاتبتي المفضلة هي جين استون، فقد كتبت عددا من القصص التي أصبحت كلاسيكية وهي صغيرة السن، مما يدل على حنكتها وقوة المراقبة لديها. فقد تأثرت بالشخصيات التي ابتكرتها، فكانت بطلات قصصها شخصيات نسائية ذكية وذات جوانب متعددة. هن دائما سريعات البديهة، فريدات في مجتمعهن، جريئات في خوض التجارب حتى لو أخطأن. القصة المفضلة لدي لأوستن هي «كبرياء وتحمل»، رغم أنها من أكثر القصص رومانسية في الأدب الإنجليزي، إلا أن شخصيات هذه القصة تتمتع بعمق من النادر أن نراه في هذا النوع من القصص.

* ما عدد ساعات العمل التي تمضينها خلال الأسبوع، وهل يترك ذلك لك الكثير من الوقت لكي تمضيه مع الأسرة؟

- لست أدري إن كان من الإيجابيات أم السلبيات للعمل الإعلامي أنه لا يتوقف مع خروجك من المكتب، فلا يكفي أن تقضي عددا من الساعات في مكان العمل ثم تذهب إلى البيت وتتفرغ للعائلة. عليك أن تكون متابعا للأخبار على مدار الـ24 ساعة. فإذا كنت تلحق قصة معينة فعليك أن تتابع مع مصادرك حتى لو في وقت متأخر من الليل، لأنك لا تتحكم في الوقت بل هدفك الحصول على المعلومة لتحقيق السبق الصحافي. كما أن متابعة الأسواق لا تتوقف، فالسوق الأميركية تبقى عاملة حتى ساعة متأخرة من الليل بتوقيتنا، وتغلق ليبدأ التداول في آسيا، فحتى وقت وجودي في المنزل أتابع على شاشات التلفزة المحطات الاقتصادية الأجنبية والأخبار على «تويتر». وفي أوقات فراغي أقرأ المجلات العالمية المتخصصة التي تختلف عن الأخبار اليومية في أنها تعطيك الجانب التحليلي للأخبار. فالعمل لا يتوقف، وهذا أكيد على حساب الحياة الشخصية، فلا شك لدي أن عملي دائما كان على حساب حياتي الشخصية.

* ما رأيك في الإعلام الجديد (إنترنت ووسائل اتصال أخرى) وهل–في رأيك–سيحل محل الإعلام السائد (صحافة، وتلفزيون)؟

- مهم جدا، ومكمل للإعلام التقليدي، لكن لن يحل محله. أنا من الإعلاميين الذين استقبلوا الإعلام الجديد بحماس، وكنت دائما نشطة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية. كلنا نتذكر قبل سنوات ليست طويلة أيام الجلوس في البيت لانتظار مخابرة هاتفية. مذهل التقدم الذي حصل في سنوات قليلة، ومذهل أنك تستطيع الحصول على المعلومة اليوم في أي وقت وأي مكان. ووسائل الإعلام التقليدية هي المؤهلة بالدرجة الأولى لاعتناق وسائل الإعلام الجديدة والتميز بها. فالتلفزيونات الناجحة لديها صحافيون ذوو مصداقية وخبرة طويلة ومصادر قوية، فتستطيع أن تستخدم كل هذه المقومات لتقدم لمتابعيها على وسائل التواصل الاجتماعي المعلومة في الوقت نفسه الذي تبثه على الشاشة التقليدية. والمشاهدون يتابعوننا على الشاشة الأولى، التلفزيون، والثانية، هاتفهم الذكي أو الحاسوب اللوحي، مع طابع تفاعلي أكثر هنا.

* هل تتأثرين بالأخبار السياسية أو التي تقدمينها على الشاشة على نحو شخصي، أو تستطيعين الحفاظ على مسافة بينك وبينها؟

- يكذب من يقول إنه لا يتأثر بالأخبار السياسية أو الإنسانية أو حتى بالأسواق عند نزولها وتعرض الملايين لخسائر تفقدهم في بعض الأحيان كل ما يملكونه. لكن المهنية تفرض عليك أن تضع هذه المسافة عندما تكون على الهواء لأن واجبنا تقديم المعلومة بموضوعية. مع ذلك لا أعتقد أن هناك إعلاميا يستطيع الوصول إلى درجة من التجرد تجعله لا يتفاعل أبدا مع الأخبار، إنما كلما استطعت التقليل منها زادت مهنيتك ومصداقيتك لدى الناس. أما في أخبار الأسواق فهناك بعد آخر هو الأجندة أو المصلحة الشخصية. فمن السهل أن يتم استغلال المنبر الإعلامي لتحقيق المصلحة الشخصية، ولكن هذا يفقدك المصداقية تماما لو ظهر للناس. فأنا كنت حريصة كل الحرص منذ بداية عملي الإعلامي على أن أغطي أخبار الأسواق بكل تجرد، وعدم الاستثمار بأي أدوات استثمارية أغطيها من خلال عملي على الشاشة، حتى لا يكون هناك تضارب مصالح، وفي السياق نفسه إذا شعرت بأن ضيفي يتحدث وفق أجندة مسبقة أغير موضوع النقاش أو أنهي المقابلة باكرا. فلا شيء يعيد للإعلامي مصداقيته إذا فقدها أمام الناس.

* ما هي، بالنسبة لك، المدونة المفضلة أو الموقع الإلكتروني المفضل؟

- لا أتابع المدونات، لكن أكثر وسائل التواصل الاجتماعي المفضلة لدي «تويتر» لأن طابعه إخباري أكثر من غيرها، و«يوتيوب» بالطبع. أما المواقع المفضل، فمن بينها «alarabiya.net» و«Bloomberg» للأخبار. ولا ينتهي نهاري من دون «wikipedia»، فأنا أحب أن أعرف معنى وخلفية كل شيء، فأستعين بـ«ويكيبيديا» لمعرفة خلفية أي قصة. وللترفيه، مواقع الأزياء والموضة.

* ما هي نصيحتك للصحافيين والصحافيات الشباب في بداية حياتهم الإعلامية؟

- دقائق الظهور على الشاشة هي مجرد عمل، كأي وظيفة أخرى. من السهل جدا أن يصاب الإعلامي بالغرور، وعندها يبدأ في الخسارة، خسارة محبة وتقدير من حوله ولاحقا مشاهديه. أما النجاح فلا يتحقق من دون العمل الشاق والمجهود الذي لا يتوقف. الثقة بالنفس مهمة، لكنها لا تكفي من دون الإلمام بالموضوع أو المادة التي تقدمها. فالمتابعة اليومية للأخبار وقراءة التحاليل ضرورية للنجاح. وأخيرا عدم التصنع، فالطريقة الوحيدة للتميز هي التصرف على طبيعتك.

* ما هي الشروط التي يجب توافرها، حسب رأيك، في أي صحافي؟

- الذكاء الشديد والدراسة والإلمام بالمادة التي يقدمها، لأن غلطة الشاطر بألف، فعندما تخطئ فأنت تخطئ أمام الملايين ليس فقط أمام رب عملك. أنا لا أوافق الرأي السائد بأن الأهم في المقدم هو طريقة القراءة أو الإلقاء، لأن القراء كثيرون، إنما التميز هو بتقديم المادة بذكاء، وأن تفهم كل جوانبها لتسأل السؤال المناسب، وتستخرج من حوارك مع ضيفك جوانب جديدة وتحليلية تجذب المشاهد لك. كما أن الإلمام باللغات ضروري، فمن غير المسموح الأخطاء في التحريك والنطق في اللغة العربية. أما الإنجليزية فهي ضرورية هذه الأيام لأنها لغة الأعمال، حتى ولو كنت لا تستخدمها على الشاشة. وأخيرا الكاريزما التي تحبب المشاهد بك، وهذه خلطة من الصفات الشخصية، التلقائية، المصداقية، والأناقة.

* في رأيك، ما هي أنجح قصة إخبارية قدمتها حتى الآن؟

- هي ليست أبدا ناجحة لكنها مؤثرة، وتطلبت الكثير من المجهود لتغطية مهنية للحدث. خلال 10 سنوات من العمل الإعلامي مررت بتجربة تغطية الصعود والنزول في أسواق المال.

أكثر الأحداث التي أثرت في كانت في 2006 و2008. أولها هبوط الأسواق الخليجية في 2006، حيث خسر الملايين أموالا طائلة، والبعض خسر مسكنه المرهون للبنك لقاء محفظة أسهم، فكانت تردني اتصالات من أشخاص خسروا كل شيء، وأنا عاجزة عن المساعدة. وكذلك عند وقوع الأزمة المالية العالمية في 2008 حيث خضت تجربة الذهاب إلى أرض بورصة نيويورك لأغطي الأحداث من هناك، فكانت تجربة مهمة جدا في حياتي المهنية وتعلمت خلالها الكثير، فكانت أسباب أزمة الرهونات العقارية في الولايات المتحدة معقدة جدا وأخذت الكثير من الجهد لفهمها وفهم تداعياتها وتفسيرها للمشاهد بطريقة مبسطة. لن أنسى هاتين المرحلتين.