«تويتر» ليست فقط «اجتماعية» ولكن «إخبارية» أيضا

«المخبر الحديث» و«الخبر الحديث»

TT

يوم السبت الماضي، تناقلت وسائل الإعلام هذه الأخبار:

من واشنطن: «نشرت شركة غوغل في موقعها، وفي صفحتها في تويتر، أنها قامت بخطوات تكنولوجية متشددة لمواجهة كشف تجسس وكالة الأمن القومي على كل معلومات الشركة وزبائنها».

من بيروت: «نشرت الجبهة الإسلامية السورية، التي يسيطر عليها أحرار الشام، وغيرهم من السلفيين، في صفحتها في تويتر انتقادا لقرار أوباما بضرب مواقع في سوريا، وليس ضرب كل مواقع نظام الأسد، والقضاء عليه».

من بيرمنغهام (ولاية ألاباما): «قررت ميلفا جمرسون، وزوجها نورمان جمرسون، نقل مقتنيات من بقايا الكنيسة، التي قصفها عنصريون هنا قبل خمسين سنة، إلى واشنطن لعرضها. وتعتبر هذه خطوة إيجابية من هذه العائلة البيضاء التي جمعت المقتنيات، وفتحت موقعا في الإنترنت، وصفحة في تويتر، للدعاية لها».

ما نقاط الاتفاق في هذه الأخبار الثلاثة السابقة؟

لم تجمع وسائل الإعلام هذه الأخبار من مصادرها (شركة غوغل، الجبهة الإسلامية السورية، عائلة جمرسون). لكن، نشرت المصادر هذه الأخبار في صفحاتها ومواقعها على الإنترنت. ليس ذلك فحسب، بل نقلتها على موقع «تويتر»، الذي صار مثل وكالة أخبار، ينقل الأخبار، بالإضافة إلى نقل التعليقات، والصور، والفيديو.

عندما بدأ موقع «تويتر»، ركز على ملاحظات وتعليقات لا تزيد على 140 حرفا ومساحة. ثم طورته الشركة لينقل صورا وفيديوهات. ثم صار يركز على الأخبار. وصارت حتى وكالات أخبار مثل «رويترز» و«أ.ب» و«أ.ف.ب»، لها صفحات في موقع «تويتر»، تنقل فيها أخبارها المختصرة. مع روابط للأخبار الرئيسة لمن يريد تفاصيل أكثر.

وهكذا، تطور «الخبر الحديث» و«المخبر الحديث» و«الوسيلة الحديثة».

وعن هذا، قال ديفيد كار، صحافي في صحيفة «نيويورك تايمز»: «هذا هو الصحافي الحديث: يعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، من أي مكان في العالم. من مكتب، أو منزل، أو طائرة، أو حافلة، أو سيارته. وينشر أخباره في حدود 140 حرفا ومساحة ليقرأها الناس على عجل». وأضاف: «ليست تويتر هي وكالة أخبار الصحافيين في كل مكان، ولكنها، أيضا، وكالة أخبار كل الناس. صار صاحب كل صفحة في تويتر ينشر أخباره، هامة أو غير هامة». وكتب بيتر هامبي، صحافي في تلفزيون «سي إن إن»: «صار الصحافيون يغردون في كل لحظة بعد أن كانوا يرسلون أخبارهم إلى رؤسائهم الذين ربما ينشرونها أو لا ينشرونها، وإذا نشروها ربما يحذفون منها أجزاء، أو يجرون عليها تعديلات».

وأضاف: «مع تويتر وإنستاغرام وآي فون، صار الصحافي ليس فقط أكثر حداثة، ولكن أقل سنا. قل متوسط عمر الصحافي، لأن الجيل الجديد يقدر على أن يجمع الأخبار ويوزعها ربما أحسن من الجيل القديم».

كتب هامبي ذلك في تقرير لقسم الدراسات الإعلامية في جامعة هارفارد عن دور «تويتر» في الحملة الانتخابية لمرشح الحزب الجمهوري ميت رومني في انتخابات سنة 2012. وقال إن رومني ومستشاريه الإعلاميين فشلوا في فهم «المخبر الحديث، والخبر الحديث». وصاروا يقرأون الأخبار والتغريدات ويدافعون عن أنفسهم. من دون أن يبادروا، ويستغلوا «تويتر» لخدمة أهدافهم. وقارن التقرير بين تغطية حملة أوباما وحملة رومني سنة 2012. وقال: «في الماضي، كانت التغطية بواسطة صحافيين بدفاترهم وأقلامهم، ومصورين بكاميراتهم. وعلى هؤلاء ركز رومني. ولهذا، أصيب بالهلع عندما وجد أن كثيرا من الصحافيين والمصورين لا ينتظرون حتى تنشر صحفهم أخبارهم، أو حتى تنقل تلفزيوناتهم فيديوهاتهم. وجد أن كل واحد من هؤلاء يرسل أخبارا قصيرة عن طريق تويتر». وقال تيم ميلار، صحافي سابق، ويدير الآن مكتبا للعلاقات العامة في واشنطن: «في الوقت الحاضر، يقدر أي شخص على الحصول على أي خبر من أي مصدر. لم يعد الصحافيون يحتكرون جمع الأخبار، ويحتكرون نشرها. في الوقت الحاضر، يقدر كل شخص على متابعة أقرانه والذين يتفقون معه في الرأي. إذا يريد موقعا محافظا، يجده. وإذا يريد موقعا ليبراليا، يجده».

وأضاف: «نعم، توجد في أخبار تويتر مبالغات. لكن، المبالغات توجد في أي مكان، وأي زمان». ما مستقبل «تويتر الإخبارية»؟ كيف ستغطى انتخابات الرئاسة في عام 2016 مثلا؟

قال هامبي إن هيلاري كلنتون، إذا ترشحت للرئاسة، ستستعمل الأسلوب الإخباري القديم، الذي يسيطر فيه المرشح على الأخبار، وطرق نشرها، وطرق توزيعها، بل توقيت توزيعها. وقال إن «السياسيين الجدد»، مثل كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، ومارتن أومالي، حاكم ولاية ماريلاند، صاروا يعترفون بأن توزيع أخبارهم صار مختلفا في عهد «تويتر».

وقال: «أشك في أن هيلاري كلنتون والسياسيين القدامى سيقدرون على التعامل مع أخبار تويتر وإنستاغرام وفيس بوك» وأضاف: «انتهى عهد المخبر التقليدي. ولا بد أن ينتهي عهد السياسي التقليدي».

لكن، يبدو أن السياسيين بدأوا يتعلمون الدرس، وصاروا يبادرون ويعلنون آراءهم وأخبارهم في «تويتر» قبل أن يقولوها إلى الصحافيين، أو يصدروها في بيانات صحافية.

قبل قمة الدول العشرين في روسيا في الأسبوع الماضي، حذف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اسم الرئيس الأميركي باراك أوباما، من قائمة أصدقائه في صفحته في موقع «فيس بوك». ورد أوباما، وحذف اسم بوتين من قائمة الذين يتابعهم في صفحته في موقع «تويتر». رغم أن نائب أوباما، جو بايدن، وبوتين لا يزالان صديقين في موقع «فيس بوك». وفي الأسبوع الماضي، أيضا، استعمل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف صفحته في موقع «تويتر»، وهنأ، باللغة الإنجليزية، اليهود بمناسبة العام اليهودي الجديد.

وسريعا، ردت عليه مسؤولة في الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، كريستين بيلوسي، ابنة الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي، وقالت: «شكرا. ربما تكون السنة الجديدة أفضل إذا توقفتم عن إنكار الهولوكوست».

وأجاب ظريف: «لم تنكر إيران الهولوكوست. الرجل الذي كان ينكر ذلك (الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد) رحل. كل عام وأنتم بخير».

وهكذا، صارت «تويتر الإخبارية» لا تنشر أخبار السياسيين والمشاهير بألسنتهم وفي صفحاتهم فقط، ولكن، أيضا، تساهم في مناقشات بينهم.