باكستان: عدد مستخدمي «فيس بوك» يتجاوز عشرة ملايين مستخدم

دعوات حفلات الزفاف وأعياد الزواج والميلاد تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي

TT

بحسب فرق إدارة «فيس بوك» في إسلام آباد، تجاوز عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» 10 ملايين. ويستخدم أصحاب حسابات «فيس بوك» صفحاته في الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية من مختلف الأنواع.

وتعتبر أكثر المجموعات شيوعا بين مستخدمي «فيس بوك» الباكستانيين بلا شك هي الشباب. ومن المثير للاهتمام أن الشباب يقومون بمعظم عمليات التفاعل والتواصل الاجتماعي بمواقع الإنترنت الاجتماعية هذه.

وقد أنتج هذا ثقافة يقوم فيها الباكستانيون بمعظم أعمال التفاعل الاجتماعي عبر موقع «فيس بوك».

ويضم هذا وضعا يتعين على الشخص فيه أن يخطر أقاربه وأصدقاءه بأي حالة مرض في الأسرة. في حفلات الزفاف أو عيد الزواج أو أعياد الميلاد المقبلة، تنتشر الدعوات عبر موقع «فيس بوك».

ويملك القادة السياسيون والمذيعون التلفزيونيون صفحات منفصلة خاصة بهم على موقع «فيس بوك». يجذب الفنانون البارزون معجبيهم إلى صفحة «فيس بوك» خاصتهم عبر إعلانات الإنترنت.

ويتراوح عدد مستخدمي موقع «فيس بوك» الباكستانيين ما بين 10.6 إلى 11.8 مليون، من بينهم 7.4 إلى 8.2 مليون من الرجال، فيما يتباين عدد النساء ما بين 3 ملايين إلى 3.4 مليون.

وتشير أحدث أرقام في هذا الشأن إلى أن 2.3 إلى 2.5 مليون نسمة عزاب، من بينهم نحو 1.7 إلى 1.8 مليون من الرجال، والباقي من النساء.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك نحو 1 إلى 1.2 مليون نسمة مدرجون بوصفهم متزوجين أو مخطوبين أو في علاقة.

وتتراوح أعمار نصف المستخدمين من باكستان ما بين 18 و24 عاما - إشارة واضحة على أن أكثر مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي من الشباب. ويشير آخر تقرير إلى أن أكثر من نصف مستخدمي «فيس بوك» في باكستان ينتمون إلى أغنى الأسر في الدولة.

ويقول خبراء إعلاميون مثل آصف فاروق، وهو منتج رفيع المستوى بمكتب «هيئة الإذاعة البريطانية» في إسلام آباد إن موقع «فيس بوك» قد غير الطريقة التي ينظم بها الشعب الباكستاني أنشطته الاجتماعية وحياته.

ويضيف آصف فاروق: «من الخوف من الموت في الأسرة إلى دعوات الاحتفالات بذكرى الزفاف السنوية، ومن إخطار الأصدقاء بخطبة الابنة إلى إخطار الأقارب والأصدقاء بزيارة إلى لندن، تتجه الطبقة المتوسطة الحضرية لاستخدام صفحات فيس بوك».

ويقول خبراء إعلاميون آخرون إن منصات مواقع التواصل الاجتماعي الجديدة هذه قد أتت بالناس معا في مجموعات مرنة، على المستويين السياسي والاجتماعي. ومن نشر تغريدات للتبرعات بالدم إلى الإعلان عن معارض فنية إلى الاعتراض على هجمات بطائرات من دون طيار، تعتبر هذه هي المرادفات الإلكترونية للمقابلات التقليدية بين الجيران، «موقعا التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر والرسائل النصية تمثل الآن وسيلة شائعة للحراك في القضايا السياسية والاجتماعية، خاصة في المناطق الحضرية»، حسبما يشير خبير إعلامي آخر مقيم في إسلام آباد.

ولكل حزب سياسي في إسلام آباد صفحة على «فيس بوك» مخصصة لأنشطته ولجذب أنصاره. على سبيل المثال، هناك آلاف المتابعين لحساب حزب «الجماعة الإسلامية» على موقع «فيس بوك». ينطبق الأمر بالمثل على أحزاب سياسية رئيسة أخرى.

بل إن حتى المؤسسات الطائفية، التي تشارك بشكل واضح في العنف الطائفي وتم حظرها من قبل الحكومة، تدير بالمثل حسابا منفصلا خاصا بها على موقع «فيس بوك». وليس من الغريب أن لديهم آلاف المتابعين.

وعلى الرغم من ذلك، فإن احتمال المشاركة في نشاط سياسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد فتح أبوابا للمجموعات الغامضة التي ليس لها مكانة في المجتمع. انظر مثلا لحالة مؤسسة غامضة تعرف باسم «مجتمع ستالين في باكستان». تدير هذه المؤسسة حسابا كاملا على موقع «فيس بوك»، مع أنه لم يسمع شيئا عن أنشطتها في المجتمع.

للمجتمع الباكستاني تاريخ طويل مع السياسات ذات التوجه اليساري، مع أنها تركت الجماعات ذات التوجه اليساري مختفية بشكل عام عن المشهد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. غير أن «مجتمع ستالين في باكستان» ما زال يزعم أنه يمثل الثورة الشيوعية في باكستان.

وأوضح خبراء إعلاميون باكستانيون لصحيفة «الشرق الأوسط» أن موقع «فيس بوك» قد بات واحدا من مصادر التواصل الرئيسة بين مجتمعات المغتربين الباكستانيين الذين يعيشون في دول الخليج والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وأسرهم في أرض الوطن.

وتقول عائشة خان، ربة منزل، لصحيفة «الشرق الأوسط» إن أخاها يعيش في ملبورن (باستراليا) على مدار العشرة أعوام الماضية. وفي هذا العام، انضمت ابنة أخيها إلى أسرة باكستانية منفية. ولم تتوفر لها التكلفة اللازمة لزيارة أستراليا لحضور الحدث، وهناك، طلبت من أخيها إعداد مقطع فيديو عن الحدث ونشره على موقع «فيس بوك»، «شاهدت الأسرة بأكملها مقطع الفيديو وشعرت كما لو أنها كانت تشارك فيه»، هذا ما قالته عائشة خان.

وأشار آصف فاروق إلى أن موقع «فيس بوك» يثبت كونه نقطة اتصال، يستطيع من خلالها المغتربون الباكستانيون مشاركة أحزانهم وأفراحهم مع محبيهم في أرض الوطن، «أخبرك مرارا وتكرارا بأنني قد سمعت أناسا يخبرونني بأنهم قد شاركوا مقاطع فيديو لأفراح في الأسرة على موقع فيس بوك»، بحسب آصف.

وحتى داخل الدولة، يعتبر موقع «فيس بوك» بمثابة نقطة اتصال متأصلة بين الشباب، «يسمح فيس بوك للشباب بالاتصال بالعالم خارج سكنهم الجامعي والبقاء على اتصال بالأسرة ونشر مقالات إخبارية ممتعة، ومشاركة جوانب حياتهم مع أصدقائهم»، بحسب ناهد حامد، وهي مدونة شابة على صلة بصحيفة محلية.

ويرى بعض الخبراء أن هذا قد غير الطريقة التي اعتاد الشباب التواصل من خلالها مع بعضهم البعض، «عني التواصل المنتظم بين الشباب في العصور القديمة غيابا لفترة طويلة عن المنزل وقضاء الأمسيات في أحد المقاهي»، بحسب تنزيل فاروق، وهي معلمة بإحدى المدارس في إسلام آباد. وأضافت: «هذا يتغير الآن، فقد أمضى الشباب ساعات في فصولهم ملتصقين بأجهزة الكومبيوتر والحاسبات المحمولة خاصتهم».

لقد قامت بعض الأحزاب السياسية في باكستان بمحاولة لاستغلال إدمان «فيس بوك» بين الشباب في نشر رسائلهم السياسية. ويعتبر الحزب الأول بين هذه الأحزاب الباكستانية هو «تحريك إنصاف» الباكستاني، الذي يعتبر قائده، عمران خان، لاعب الكريكيت الذي تحول إلى سياسي، بحسب الكثير من المحللين السياسيين، مسؤولا عن خلق طبقة من النشطاء السياسيين الإلكترونيين. ويستغل حزب «تحريك إنصاف» الذي يرأسه عمران خان موقع «فيس بوك» وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بكثافة في نشر رسالته السياسية. ويتم تسجيل كل نشاط سياسي ورسائل وتصريحات قائد الحزب على الفيديو ونشرها على صفحة «فيس بوك» الخاصة بالحزب.

قبل الانتخابات البرلمانية في مايو (أيار) 2013، نظم حزب «تحريك إنصاف» حملة عضوية موسعة في الدولة عبر صفحته على موقع «فيس بوك». وعلى الرغم من ذلك، فإنه مع عدم نشر توفر الإنترنت في المناطق الريفية، ظلت شعبية عمران خان مقيدة في الطبقات المتوسطة الحضرية، الذين يمثلون زائرين منتظمين لصفحات «فيس بوك». «وفي المدن التي يكون فيها معدل توفر الإنترنت مرتفعا، حقق حزب عمران خان نتائج جيدة في انتخابات مايو (أيار) البرلمانية»، بحسب آصف فاروق.

وقد انكشف وجه قصور آخر لموقع «فيس بوك» وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى في تحفيز النشاط السياسي في المجتمع السياسي عندما جذبت حملات الأحزاب السياسية على «فيس بوك» التي تدعو الناس للاحتجاج ضد النظام عددا محدودا من الناس.