الإعلام اللاتيني يتوسع في الولايات المتحدة

باللغة الإنجليزية.. ومجلات أكثر بـ «الإسبانية»

TT

مجلة «لاتينا»، مجلة «لاتينو ستايل»، مجلة «أي إم لاتينا» هي ثلاث مجلات، من بين مجلات أخرى كثيرة، تخاطب النساء اللاتينيات في الولايات المتحدة. ناهيك عن مجلات تخاطب الرجال اللاتينيين، ومجلات تخاطب الجميع، وفي مواضيع مختلفة. هذه باللغة الإنجليزية، ناهيك عن مجلات أكثر باللغة الإسبانية.

يسمونهم «لاتينيين» أو «إسبانا». لأنهم هاجروا إلى الولايات المتحدة من دول أميركا اللاتينية، الاسم الذي يطلق على أميركا الجنوبية، وأميركا الوسطى. ولأنهم يتكلمون الإسبانية، لأن كثيرا من تلك الدول كانت مستعمرات إسبانية.

يشملون بيضا وسمرا وسودا، والأغلبية سمراء «بروان». والأغلبية مسيحية كاثوليكية. لهذا، يمكن فرزهم بلونهم، وبلغتهم، وبلكنتهم عندما يتكلمون الإنجليزية، وبامتلاء الكنائس الكاثوليكية بهم أيام الأحد.

وهكذا، هم مجموعة عرقية وثقافية وإثنية معينة، وسط الأغلبية البيضاء المسيحية (أنغلو ساكسون). وهكذا، صارت لهم أجهزة إعلامية خاصة بهم.

وصارت هذه الأجهزة تزيد كثيرا وسريعا، لأن عددهم يزيد كثيرا وسريعا. اقتربوا من 20% من السكان. واقترب عددهم من 60 مليون شخص. ويتوقع، في عام 2050 أن يصيروا نصف السكان، أو ربما أكثر.

ولا يذكر الإعلام اللاتيني في الولايات المتحدة إلا وتذكر ثلاث قنوات تلفزيونية: «يوينفيشان» و«تيليموندو» و«ازتيكا». يرمز الاسم الأخير إلى إمبراطورية مكسيكية سبقت اكتشاف أميركا، والحضارة الغربية. ويشير إلى «أجندة» ليست سرية، وهي أن المهاجرين اللاتينيين ليسوا مثل غيرهم من المهاجرين الآسيويين، والأفارقة، والعرب، وحتى الأوروبيين. يعتنقون في أعماقهم أنهم السكان الأصليون.

يبدو هذا الاعتقاد في إعلامهم. ليست المجلات النسائية السابقة الذكر باللغة الإسبانية، ولكن باللغة الإنجليزية. وتخاطب لاتينيين ربما حتى لا يتكلمون الإسبانية. ويبدون من صورهم أنهم أكثر بياضا، وأقل سمرة.

لماذا، إذن، هذه «الانفصالية»؟

تجيب غلوريا باميرا، رئيسة تحرير مجلة «لاتينا ستايل» الإنجليزية: «هذه مجلة المرأة اللاتينية الحديثة. مجلة نساء هن جزء من المجتمع الأميركي، وفخورات بتراثهن، وبأسلوب حياتهن».

يلاحظ الذي يتصفح المجلة أنها تركز على جمال وأناقة المرأة اللاتينية («لاتينا» المرأة، و«لاتينو» الرجل). والذي يغلب عليه الشعر الأسود الكثيف والبشرة السمراء، والإكثار من المساحيق والزينات، والعقود والأساور، بالمقارنة مع الأميركية البيضاء. وتركز أيضا على المواضيع العائلية والدينية.

وفي كتابها «سلينداد»، كتبت الأميركية اللاتينية يبورا باريديز عن قومها، وعن ثقافتهم، وعن مسلسلاتهم التلفزيونية. وقالت: إنها خليط أميركي ولاتيني. وإن تلفزيونات وصحف اللاتينيين تصور «حبا لأميركا، واندماجا فيها، وفخرا بتراثنا». لم تقل «التراث الأميركي» ولم تقل بأنه ربما يوجد تناقض.

ولهذا، يبدو أن الإعلام اللاتيني الناطق باللغة الإسبانية يقوم بدور طبيعي، وهو مخاطبة جالية لغوية معينة. مثل الإعلام الكوري، والفيتنامي، والصيني، والعربي أيضا. لكن، يبدو الإعلام اللاتيني الناطق باللغة الإنجليزية وكأنه يريد تذكير أميركيين وأميركيات، أغلبيتهم ولدوا في أميركا، بتراث خاص بهم، وبأسلوب حياة ربما يختلف عن غيرهم.

ويمكن ربط ازدهار الإعلام اللاتيني، ليس فقط بزيادة السكان اللاتينيين، ولكن، أيضا بزيادة رغبتهم في تكوين هوية خاصة بهم. إذن ليست «انفصالية»، ربما «ذاتية». في عام 1995، عندما توفيت «سالينا»، ربما أشهر مغنية أميركية لاتينية، زادت هذا الإحساس وسط السكان اللاتينيين. ويعتقد أن ذلك كان من أسباب انتشار الإعلام اللاتيني، وانتشار الوعي اللاتيني، والذي كان قليلا جدا بالمقارنة بما هو الآن.

واليوم، توجد في الولايات المتحدة آلاف من وسائل الإعلام الناطقة باللغتين الإسبانية والإنجليزية. وتتراوح في حجمها من التجارية العملاقة إلى غير التجارية والخاصة. وتوزع بعضها بالملايين (مجلة «لاتينا» توزع أكثر من ثلاثة ملايين نسخة). وتوجد إذاعات عملاقة تغطي كل الولايات المتحدة، وغيرها محلية، أو حتى عائلية، أو كنسية. وتوجد مئات من وسائل الإعلام اللاتينية في الإنترنت. وليس سرا أن نسبة غير قليلة من إعلانات الإنترنت موجهة نحو اللاتينيين. وأغلبيتها باللغة الإسبانية.