صحافي أميركي من أصول أفريقية يتذكر التفرقة العنصرية

روى قصصا كثيرة خلال عمله مع مجلة «غيت» السوداء في واشنطن

TT

صدر أخيرا كتاب «شوكنغ ذا كونشياص» (صدمة الضمير: مذكرات صحافي عن حركة الحقوق المدنية)، للصحافي الأميركي الأسود العجوز سيمون بوكر (عمره 95 سنة)، وقد كتب الكتاب بمساعدة صحافي أميركي أسود شاب.

كرس حياته المهنية في العلاقات العرقية، وسياسات السود، وحركة الحقوق المدنية. وفي الكتاب كثير من القصص والأحداث التي غطاها ومعه زملاؤه الصحافيون السود. وخلال «برود» (إن لم يكن تفرقة) من جانب الصحافيين البيض، مع مواجهة وحشية حكومات ولايات الجنوب البيضاء العنصرية. وأيضا أسهم في تعبئة تدريجية ضد النظام العنصري القمعي هناك.

كان جزء كبير من هذه التغطية خلال عمل بوكر مع مجلة «غيت» السوداء في مكتبها بواشنطن (رئاسة المجلة في شيكاغو). خاصة خلال سنوات الرئيسين أيزنهاور وكيندي (الخمسينات وبداية الستينات). ورغم أن أيزنهاور كان قائد قوات الحلفاء التي حررت أوروبا (والعالم)، من النازية والفاشية، ورغم أن كيندي جاء بتطلعات الجيل الجديد، قال الصحافي بوكر إنهما:

أولا: «تمنيا، بطريقة ما، وقف نضال السود».

ثانيا: «اعتقدا أن المظاهرات طارئة، وسوف تتوقف، وسوف ينساها الناس».

قبل مجلة «غيت»، عمل بوكر في صحف سوداء، مثل: «أفرو أميركان» (الأميركي الأفريقي) في مدينة بالتيمور (ولاية ماريلاند)، و«كول» (النداء) في مدينة كليفلاند (ولاية أوهايو). ثم في صحيفة «واشنطن بوست» (في واشنطن العاصمة). كان ذلك في أوائل الخمسينات. ومن دون أن يستعمل عبارات قوية، قال إن الجو داخل الصحيفة كان «شديد البرودة»، وواضح أنه واجه مشكلات عنصرية لأنه كان الصحافي الأسود الوحيد. ولهذا، انتقل إلى مجلة «غيت» (اسم المجلة من دخان الطائرات النفاثة الأسود). وهناك غطى أحدث ولايات الجنوب العدائية. ومرات كثيرة كان يتخفى ويترك وراءه ماكينة الكتابة، أو يشطب اسم صحيفته، أو يحمل «بايبل» (الكتاب المسيحي المقدس)، ويدعي أنه واعظ خفاء هويته كصحافي.

ومن الأحداث التي غطاها: محاكمة قتلة إيميت تيل، المناضل الزنجي عام 1960، و«فريدوم يرايدز» عام 1961 (رتل حافلات بيض ليبراليين من نيويورك إلى ولايات الجنوب تأييدا لنضال الزنوج)، ومظاهرات برمنغهام (ولاية ألاباما) وواشنطن بقيادة القس الأسود مارتن لوثر كينغ. ولم ينس بوكر أن يشيد بالصحافيين السود الذين غطوا هذه الأحداث، رغم عدم شهرة كثير من صحفهم، ورغم المعوقات من الشرطة، بل ومن صحافيين بيض. وكتب: «كانت أي مظاهرة عن الحقوق المدنية في الجنوب مناسبة لتقديم عمل صحافي زنجي رائع. لقد غطينا الأحداث مع المتاعب، ومع التفرقة العنصرية، ومع القليل من المساعدة من الشرطة». ولد بوكر في بالتيمور (ولاية ماريلاند)، ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة يانغز (ولاية أوهايو). وهناك تأثر بمساهمات والده في حركة الحقوق المدنية، مثل تأسيس فرع خاص بالسود لمنظمة «واي إم سي إيه» (شباب مسيحيين أميركيين). وهو في المدرسة الثانوية هناك، بدأ يكتب في صحيفة «أفرو أميركان» في مسقط رأسه، بالتيمور. ومما كتب: التفرقة ضد لاعبي كرة السلة السود، ومنعه من دخول نادي «واي إم سي إيه»، والتحقيق معه لأنه أجرى مقابلة مع فتاة بيضاء. خلال كل هذا، وبسبب عمره، كان رائدا في العمل الصحافي الزنجي، وفي عام 1950 نال أول منحة لأسود لدراسة الصحافة في جامعة هارفارد، وفي عام 1952 كان أول صحافي أسود يعمل في صحيفة «واشنطن بوست»، وفي عام 1982 كان أول صحافي أسود ينال جائزة «فورث ستيت» التي يقدمها نادي الصحافة الوطني في واشنطن، وفي عام 2007 تقاعد من وظيفته كمدير مكتب واشنطن لمجلة «غيت»، عندما بلغ عمره 88 سنة، وبعد أن قضى في المنصب 51 سنة.