تغطية أخبار مشاهير السياسة

واحدة من أهم معالم العصر الحديث في الاتصالات والإعلام

TT

صدر أخيرا كتاب «سليبريتي بوليتكز» (سياسات الشهرة: الصورة والهوية في الاتصالات السياسية الراهنة) للأستاذ الجامعي مارك هويلر، والكتاب عن زيادة الاهتمام في الإعلام الأميركي (وإعلام الدول الأخرى) بالمشاهير. وقسم الكتاب المشاهير إلى: رياضيين، وفنانين، وسياسيين، ومؤرخين، وأدباء، و«عابرين». هؤلاء الأخيرون يسمون أحيانا أصحاب «فيفتين مينيتز أوف فيم» (الذين يشتهرون لمدة 15 دقيقة). لكن يركز الكتاب على مشاهير السياسة. وقسم هؤلاء إلى ثلاثة أقسام:

أولا: سياسيون يستخدمون أساليب مشاهير الفن والرياضة لزيادة شعبيتهم، مثل الرئيس باراك أوباما، وكل من توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، وديفيد كاميرون رئيس الوزراء الحالي.

ثانيا: فنانون ورياضيون يستخدمون شهرتهم للاشتراك في قضايا سياسية عالمية عامة، مثل المغني بونو، والممثلة أنجلينا جولي، وسفراء الشرف الذين تعينهم الأمم المتحدة.

ثالثا: فنانون ورياضيون تركوا مجالاتهم ودخلوا مجال السياسة، مثل الرئيس السابق رونالد ريغان، وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق أرنولد شوارتزنيغار، وكانا ممثلين.

وهذه هي فصول الكتاب:

* سياسات الشهرة في عصر الحداثة الأخير.

* تحليل تاريخي لسياسات الشهرة.

* سياسات الشهرة خلال الحملات الانتخابية.

* مشاهير صاروا سياسيين.

* مشاهير سياسيات عالمية.

وقال مؤلف الكتاب: «يمكن اعتبار سياسات المشاهير واحدة من أهم معالم العصر الحديث في الاتصالات والإعلام. إنها نوع جديد من (بابليك ريليشنز) (العلاقات العامة). في الماضي، كانت هذه دعايات للشركات والمؤسسات والحكومات، ثم صارت تهتم بالمشاهير، بداية باختيار كل مشهور وكيلا لعلاقاته العامة، وهو، باختصار، وكيل الدعاية له. وهي دعاية شخصية بحتة، تعتمد على الصور والأفلام والأغاني والتصرفات الشخصية. في وقت لاحق، صار السياسيون يقلدون المشاهير».

وقال الكتاب إن فن الدعاية لمشاهير الفنون والرياضة ليس جديدا، لكن الجديد هو تحول السياسيين نحو هذا الفن. في الوقت نفسه، لا يبدو أن الأكاديميين يهتمون بدراسة هذا الموضوع. ربما بسبب نظرتهم الدونية نحوه: موضوع شخصي، ودعايات شخصية، وليست قضايا حياة وموت، أو حق وباطل.

ليس هذا الكتاب هو أول كتاب يبحث في هذا الموضوع. في عام 2005 كتب الباحث الاجتماعي الأميركي ليو لوينثال كتاب «ترايامف أوف ماس آيدولز» (انتصار معبودي الجماهير). وقال فيه إن الإعلام الأميركي (ومعه الإعلام العالمي) صار يهتم أكثر بمشاهير الفنون والرياضة. وقال إن هذا الاهتمام المتزايد له صلة بزيادة ثقافة الترفيه في المجتمع الأميركي. وقال: «نعمل نحن (الأميركيين) كثيرا، ونخلص في العمل، وها نحن حققنا هذه الحضارة الأميركية العملاقة التي لم يشهد التاريخ مثلها. وطبيعيا، الذي يعمل أكثر يحتاج لترفيه أكثر». وقال إن ذلك من أسباب زيادة الاهتمام بالفرق الرياضية، والأفلام، والمسلسلات التلفزيونية، وبالرياضيين، والممثلين والممثلات.

وقال: «تحول الاهتمام بمعبودي السياسة الجادة (العمل السياسي) إلى معبودي الاستهلاك (الترفيه)». ووصف مشاهير الفنون والرياضة بأنهم «ايليت وثاوت باور» (صفوة من دون قوة سياسية)، وأنهم، رغم قدرتهم على تسخير الإعلام لمتابعة كل كبيرة وصغيرة في حياتهم، فشلوا في تحويل هذه المتابعة إلى موضوع جاد. ومن هنا جاء النوع الثالث الذي أشار إليه كتاب «سياسات المشاهير»، وهو نوع الممثلين الذين تحولوا إلى سياسيين، مثل ريغان، أو، على الأقل، إلى سفراء شرف باسم الأمم المتحدة لحل مشاكل عالمية، مثل: الفقر، الجوع، الجهل، الإيدز، السرطان، الملاريا.. إلخ. لكن «بسبب خلل أساسي في شهرة هؤلاء (يقصد أنها شهرة «غير جادة» وأنها مجرد «شهرة ترفيه»)، صارت التغطية الإعلامية لنشاطاتهم «تغطية مصطنعة»، صارت «حشودا إعلامية تهكمية لخلق قوة خرافية لأشخاص غير مهمين تاريخيا».

ومن الشخصيات الأميركية السياسية التي تتبع أساليب مشاهير الفن والرياضة، أشار الكتاب إلى سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا سابقا، ومرشحة سابقة لنيابة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري (مع السيناتور جون ماكين). وقال الكتاب إنها مثال لسياسيين «يبحثون عن وسائل رخيصة لبناء تاريخ جاد».

وأشار إلى أنها اعتمدت على ترديد شعارات مثل «الفرق بين أم تلعب رياضة الهوكي (هي) وكلب متوحش (القوية) هو أن الأم تضع أحمر الشفاه». وسارع السيناتور باراك أوباما، الذي فاز في تلك الانتخابات، ورد: «حتى إذا وضع خنزير أحمر شفاه، يظل خنزيرا».

وقال الكتاب إن مثل هذه التعابير ليست سياسية، ولكنها تعابير تريد استغلال إعلام الشهرة لصالح السياسيين. وأخيرا، أشار الكتاب إلى أنه، في وقت صارت فيه المشاركة الديمقراطية أقل اهتماما مما كانت عليه في الماضي، يمكن إنعاشها بهذا النوع من التغطية الإعلامية التي تركز على الشخصية (لا على المبدأ)، وعلى الترفية (لا على الجدية).لكن حذر الكتاب: «يحتاج السياسيون المشاهير والمشاهير الفنيون إلى التركيز، ليس على شخصياتهم، ولكن على مبادئهم». لكن، حتى إذا فعلوا ذلك، هل سيركز الإعلام (الذي صار أكثر إثارة بسبب منافسات الإنترنت) على الشخصية؟ وسيركز على القضية؟