كتاب: مسؤولية أكبر على صحافيي الأخبار الاقتصادية

يحتاج العاملون في «بيزنس جورناليزم» إلى الدقة أكثر من غيرهم

TT

ينظر كثير من القراء إلى صحافيي الأخبار الاقتصادية على أنهم أقل أهمية من صحافيي الأخبار السياسية، وذلك لأن الأوائل يعملون في مجال الشركات والبنوك، بينما يعمل الآخرون في مجالات محلية وعالمية أهم، في مجالات الحكومات والسياسات والسياسيين والحروب والعسكريين. وبدليل أن الصحافة الاقتصادية أقل توزيعا.

لكن يقول هذا الكتاب الجديد إن المسؤولية أثقل على عاتق صحافيي الأخبار الاقتصادية.

هذا هو كتاب «بيزنس جورناليزم» (صحافة الأعمال، الصحافة الاقتصادية) الذي كتبه صحافي أميركي بريطاني هو كيث هيز. عمل في وكالة «رويترز» وتلفزيون «بي بي سي» البريطانيين، وتلفزيون «سي بي سي» الكندي، وتلفزيوني «بيزينس ريبورت» و«سي إن بي سي» الأميركيين.

كتب: «يحتاج صحافيو الأخبار الاقتصادية إلى الدقة أكثر من غيرهم، وذلك لأنهم ينشرون أشياء تؤثر مباشرة على حياة الناس (الآكل، والشرب، والمأوى)».

غير أن الكتاب انتقد كل الصحافيين، وقال: «نعرف كلنا عناصر الخبر الخمسة: من؟ ماذا؟ أين؟ متى؟ لماذا؟ لكن، لا يهتم كثير من الصحافيين بالعنصر الأخير: «لماذا؟» لا يسأل هذا عدد كبير جدا من الصحافيين في كل دول العالم. وبالتالي، يفشلون في أداء واجبهم كصحافيين».

وسأل الكتاب: لماذا لا يسألون «لماذا؟»، وأجاب: «لأنهم كسالى. لأنهم أتباع «بروتوكول جورناليزم» (صحافة البروتوكول، صحافة تهتم بالمظاهر). يطلعون على الخبر، ويعيدون صياغته، وينشرونه. إنهم ليسوا أكثر من ماكينات النسخ التي تخرج نسخا كثيرة من مكتوب واحد. لماذا، إذن، يسمون أنفسهم صحافيين؟» لكن، يركز الكتاب على صحافيين الأخبار الاقتصادية. ويقول: «إنهم يتحملون مسؤولية متابعة الأرقام والإحصائيات، وتحليلها، وتقديمها للقراء والمشاهدين والمستمعين بطرق بسيطة يفهمونها. سهل نقل كلام السياسيين لأنهم يتعمدون الحديث البسيط ليفهمهم الناس. لكن، يستعمل الاقتصاديون عبارات فنية وحسابات معقدة».

ويخاطب الكتاب صحافيي الأخبار الاقتصادية: «تابع الأخبار التي تهم المواطنين. تابع أخبار العمل، والشراء، والبيع، والعطالة، وزيادة تكاليف العلاج، وتكاليف التعليم، وزيادة أسعار المنازل، وإيجاراتها، والنقص في المواد الغذائية، وزيادة أسعارها.. تابع دخول الناس، وكيف يصرفونها، وبنود الصرف، وعجز الدخول عن تلبية بنود الصرف».

ويتحدث الكتاب عن «إنفيستيغيتغ جورناليزم» (صحافة التحقيقات)، وقال إنها الأهم بالنسبة لصحافيي الأخبار الاقتصادية. وذلك لأن الأخبار السياسية عبارة، في كثير من الأحيان، عن نقل تصريحات السياسيين. ومناوراتهم، ومناوشاتهم، وخدعهم. ونعم، يمكن التحقيق في هذه. وأيضا، في فساد السياسيين، وفي سلوكهم الشخصي، بحكم أنهم يحتلون مناصب هامة، ولا يجب الفصل بين العام والخاص عندهم.

لكن، التحقيقات الاقتصادية تهتم، عادة، بما يمس المواطن العادي. وليس فقط بعرض المشكلات، ولكن، أيضا، بالبحث عن أسبابها. مثلا: لماذا ارتفعت فاتورة الكهرباء في منزل مواطن عادي؟ يسأل الصحافي شركة الكهرباء. وعندما يسمع أن السبب هو ارتفاع سعر النفط، يسأل شركة النفط. وعندما يسمع أن السبب هو مضاربات في أسعار النفط، يسأل المضاربين. وعندما يعرف أن هناك تواطؤا بين المضاربين والمسؤولين عن مراقبتهم، يكشف المعلومات التي حصل عليها عن هذا الفساد.

في هذه الحالة، إذا وجد المواطن صاحب الفاتورة أن مشكلته قد حلت، لا بد أن يكون مدينا لهذا الصحافي. وإذا لم تحل المشكلة، لا بد أن يكون، على الأقل، قد عرف جوانبها وخلفياتها. ويكون، أيضا، مدينا للصحافي.

وحكي مؤلف الكتاب قصة زيارة قام بها إلى أوكرانيا. قال إنه زار مكاتب صحيفة اقتصادية، وسمع خبر استثمار أجنبي في شركة لصناعة الصلب. وعاد إلى لندن، واتصل مع وكالة «دو جونز» الاقتصادية، التي حققت في الخبر، ونشرته. وفيه إن شركة استثمارات سويسرية اشترت مصنع الصلب.

وقال مؤلف الكتاب: «هنا، يظهر الفرق بين صحافي وصحافي. واحد، مشكورا، جمع معلومات ونشرها. وواحد لم يكتف بذلك. حقق مع المستثمرين السويسريين، ومع المسؤولين في حكومة سويسرا. وحقق مع أصحاب المصنع في أوكرانيا، وعن دور المسؤولين في حكومة أوكرانيا. وحقق مع الذين يعملون في المصنع، وتأثير ما حدث عليهم. وحقق مع آخرين تأثروا، حتى تجار اللحوم والخضراوات. وحقق مع المسؤولين في مصلحة الضرائب عن ما قبل وما بعد بيع المصنع للمستثمرين السويسريين».

وخلص الكتاب إلى أنه، لهذا، يوجد فرق بين صحافي سياسة وصحافي اقتصاد. وفي هذه القصة، لا يجب أن يكشف الصحافي فسادا (في سويسرا، أو في أوكرانيا)، لأنه، حتى إذا لم يكن هناك فساد، يكون الصحافي قدم معلومات مفيدة عن مختلف جوانب خبر بدا عاديا (سمعه مؤلف الكتاب خلال زيارته إلى أوكرانيا).