«ذا تونايت شو» يعود إلى نيويورك بعد أربعة عقود

المكان الجديد للبث علامة فارقة ثقافيا وتجاريا

جيمي فالون مقدم برنامج «تونايت»
TT

ليلة الاثنين الماضي ولأول مرة منذ نحو 42 عاما، جرى بث برنامج «ذا تونايت شو» (The Tonight Show) – الذي تعرضه شبكة «إن بي سي» (NBC) - من نيويورك. وبذلك عاد البرنامج، الذي يعتبر أولى تجارب أشكال الترفيه المعروفة باسم السهرات التلفزيونية، إلى مسقط رأسه الذي ظهر منه لأول مرة عام 1954: إنها الجادة السادسة في حي مانهاتن الراقي، في المبنى المعروف باسم 30 روك (Sixth Avenue، 30 Rock).

وكان الكثير من الاهتمام في صناعة التلفزيون قد انصب خلال الشهر الماضي على هذا التحول الكبير في البرنامج العريق الرائد في مجال عروض السهرات المسائية مع تسليم المضيف جاي لينو، الذي قدم البرنامج لفترة طويلة من الزمن، إلى نجم البرنامج الجديد جيمي فالون. لكن تغيير المكان الذي كان يجرى بث البرنامج منه - بربانك، كاليفورنيا - مثل أيضا علامة فارقة سواء من الناحية الثقافية أو من الناحية التجارية.

ويعلق فالون على عودة بث البرنامج من نيويورك بقوله: «هذا هو المكان الذي ينبغي أن يكون فيه «ذا تونايت شو». من هنا تنبع الإثارة، إنها مدينة رواد كل شيء جديد، إنها المدينة الأكثر نبضا بالحياة في العالم أجمع».

وكانت شبكة «إن بي سي» والشركة الأم «كومكاست» قد رصدتا مبلغا كبيرا لاستثماره في إعادة «ذا تونايت شو» إلى نيويورك، إلا أن القائمين على البرنامج امتنعوا عن إعطاء أية أرقام عن حجم تلك الاستثمارات، مكتفين بالقول إنها عدة ملايين من الدولارات. ومن المتوقع أن تثمر تلك الخطوة عن خلق فرص عمل جديدة، ليس فقط في البرنامج، بل أيضا في مجالات السياحة ذات الصلة. يقول عمدة نيويورك، بيل دي بلاسيو، في رسالة بريد إلكتروني: «عودة (ذا تونايت شو) إلى مدينتنا يعني أننا نوفر أكثر من مائة فرصة عمل جديدة لسكان نيويورك، بالإضافة إلى توفير عامل جذب جديد للسائحين لزيارة مدينتنا».

وتتضمن التكلفة الاستثمارية لإعادة «ذا تونايت شو» إلى نيويورك إنشاء استوديو جديد يضم أحدث تقنيات التصوير، وكذلك غرفة تحكم جديدة، بالإضافة إلى إنشاء بهو جديد لاستقبال الجمهور الذي يحضر العرض. وعهد ستيفن بي. بيرك، الرئيس التنفيذي لـ«إن بي سي يونيفرسال» (NBCUniversal)، بالنواحي المالية للمشروع لتيد هاربرت، رئيس هيئة البث في شبكة «إن بي سي»، بطريقة سهلة وبسيطة يقول عنها هاربرت: «كل ما قاله لي ستيف هو: (قم بالأمر على أكمل وجه)».

وتتضمن عبارة «قم بالأمر على أكمل وجه» الاستعانة بخدمات يوجين لي، المصمم المسرحي الشهير، بهدف استحداث مظهر وشكل جديد للاستوديو يبرُز فيه منظر أفقي لبنايات حي مانهاتن جرى تشكيله من الخشب. يصف لورن مايكلز، المنتج التنفيذي للبرنامج، تصميم الاستوديو الجديد بقوله: «أعتقد أنه التحفة الأروع في مسيرة يوجين لي». وكان مايكلز قد استعان بخدمات يوجين لي في الماضي عندما صمم الأخير استوديو «ساترداي نايت لايف» (Saturday Night Live)، كما رصدت «إن بي سي» مبلغا كبيرا للمخرج سبايك لي لتصميم الشارة الافتتاحية.

يضيف مايكلز: «لقد شهد البرنامج تراجعا كبيرا منذ أن بدأت العمل في الشبكة في عام 1975. لم يكن أحد يسعى لإنفاق أية أموال لتطوير (ذا تونايت شو). ورغم النجاح الكبير الذي حققه (ساترداي نايت لايف)، يبقى (ذا تونايت شو) هو البرنامج الرئيس للشبكة. أما الآن، فيسعى هؤلاء الرجال، ستيف بيرك وبريان روبرتس من كومكاست، لتوفير أموال لاستثمارها في تطوير البرنامج لأنهم يعتقدون أن هذا هو المستقبل، بعكس الفرضية الأخرى القائلة: (ينبغي علينا أن نتمسك بالحاضر بقدر ما نستطيع)».

وسيضم الاستوديو الجديد نحو 50 مقعدا إضافية للجمهور، ومنصة بارزة لفرقة «ذا روتس» (the Roots) التي عملت طوال خمسة أعوام مع فالون أثناء تقديمه لبرنامج «ليت نايت ويذ جيمي فالون» (Late Night with Jimmy Fallon).

ويفوح من استوديو البرنامج الجديد عبق تاريخ «ذا تونايت شو» الطويل. إنه نفس الاستوديو الذي بزغ فيه نجم جوني كارسون قبل مغادرته إلى كاليفورنيا في مايو (أيار) من عام 1972، كما صعد فيه نجم جاك بار قبل كارسون. وفي استوديو «ذا تونايت شو»، جلس مايكلز نفسه وسط جمهور البرنامج عندما قدم لأول من تورونتو إلى 30 روك عندما كان في سن المراهقة، وهو ما جعله يستوعب ليس فقط حلقة بار عشية عيد الميلاد، بل أيضا تشرب أجواء مركز روكفلر، حيث شجرة عيد الميلاد المزينة وحلبة التزلج والردة الشهيرة - التي جرى تصميمها تبعا لموجة تصميم آرت ديكو الشعبية التي راجت بين عامي 1920 و1939 – في مبنى 30 روك، الذي يعتبر واحدا من أعرق أماكن البث التلفزيوني في أميركا. ويعلق مايكلز على تلك التجربة قائلا: «لقد كانت مثيرة». ومثل مايكلز، هناك تاريخ طويل يجمع فالون، الذي برز نجمه في برنامج «ساترداي نايت لايف»، ومبنى 30 روك. وقد ثبت أن تلك العلاقة، التي تتشكل على مدى سنوات طويلة، تمثل عاملا حاسما عند اتخاذ قرار نقل البرنامج إلى مكان آخر.

يقول مايلكز: «ببساطة، لم يدُر بأذهاننا للحظة أن ننقل البرنامج إلى لوس أنجليس». ويضيف مايكلز أن فالون وُلد في باي ريدج، بروكلين، ونشأ في مدينة سوجرتيس، الواقعة في شمال نيويورك. ويعلق على أهمية نقل البرنامج إلى نيويورك بقوله: «هذا هو بيت فالون. من المؤكد أنه سيشعر بالرغبة إذا نُقل البرنامج إلى لوس أنجليس».

حقق «ليت نايت» نجاحا كبيرا عندما كان فالون يقدمه، وعليه فقد بدا منطقيا أن ننقل «ذا تونايت شو» باتجاه الشرق إلى نيويورك. لقد حقق «ذا تونايت شو» نجاحا كبيرا وأصبح على رأس برامج السهرة التي تعرض في ساعة متأخرة من الليل حتى بعد أن أصبح وقت الذروة على التلفزيون مزدحما بالكثير من البرامج المتنافسة، لا سيما أن وقت عرضه يبدأ بعد انتهاء برامج أخرى مثل برنامج جون ستيوارت، الذي يعرض في الساعة الـ11 مساء على «كوميدي سنترال»، وبرنامج كريغ فيرغسون على شبكة «سي بي إس» (CBS)، الذي ينتهي بعد الساعة 1:30 صباحا. يقول مايكلز: «هناك قول مأثور عن صانع الساعات الشهير، بولوفا: (ما دامت الساعة تدق، فلا تحاول إيقافها)».

*خدمة «نيويورك تايمز»