محطات التلفزة الأميركية على صفيح ساخن خلال 2015

مع تزايد عدد الإعلانات والقنوات والمحتوى.. ما زالت أسعار الإعلانات آخذة في الانخفاض

جيف زوكر رئيس محطة «سي إن إن» يتحدث عن خطة برامج طموحة (نيويورك تايمز)
TT

رغم أن العلم باتجاه الاقتصاد نحو التعافي ببطء نبأ سار، فإن من المهم أن نتذكر أن الموجة الصاعدة لا تدفع بالضرورة بجميع ركاب السفينة نحو بر الأمان. وينطبق هذا الأمر خصوصا على قطاع الإعلام، حيث تسبب الاتساع السيئ في الدعاية والتحديات الواسعة التي تواجه نماذج الأعمال الحالية في ضرر لأطقم العمل القديمة الأسطورية. ومع عدم تسبب الدورة الاقتصادية الآن في مثل هذه التحديات الشديدة والتيارات المعرقلة، سيكون من الصعب اختلاق الأعذار. ولن يشهد العام المقبل استمرارا في التعطل فحسب، بل سيشهد كذلك الحساب على الأفعال.

هناك بعض الحقائق الجديدة التي لا يختلف عليها أحد: تصاعد الفوضى وتزايد عدد الإعلانات، وتزايد عدد القنوات والمحتوى، وما زالت أسعار الإعلانات آخذة في الانخفاض، والجماهير تبرمج عالمها في صيغ مكتوبة ومرئية ومسموعة. ولا يرغب المستهلكون في مشاهدة الإعلانات التجارية، ويفرون من الشبكات، ويكرهون إعادة البرامج، وزاد مللهم وضجرهم من برامج الواقع، ويتحاشون المنتجات المطبوعة، كما أنهم لا يرغبون في دفع مزيد من الأموال من أجل المحتوى.

هنا في مقر شركة «ميديا إكويشن إتش كيو»، التي تتكون في الواقع مني أنا ومكتبي وبعض الدمى، رأينا أنه من المناسب أن نقوم بتقييم الشركات ورجال الأعمال والمسؤولين التنفيذيين الذين قد يواجهون مصاعب خلال العام المقبل.

ها هي لائحة التحديات الموجودة في عام 2015:

أي شخص يعمل في شركة تصوير سينمائي أو دور السينما بغض النظر عن القرصنة، من الذي سرق كل مرتادي دور السينما؟ لقد انخفضت مبيعات التذاكر بنسبة 4 في المائة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وخلال الأشهر الـ9 الأولى من العام، وتراجعت أرباح شركة «ريغال إنترتينمنت»، التي تعد سلسلة دور السينما الأولى، بنسبة 50 في المائة مقارنة بالعام السابق. وما يزيد القلق ما أعلنته شركة «نيلسن» الأسبوع الماضي من أن نسبة الذهاب لمشاهدة الأفلام بالنسبة للأميركيين، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و24 عاما، انخفضت بمعدل 15 في المائة خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2014، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

لقد أصبحت صناعة السينما تعتمد على الأفلام التي تحقق إيرادات ضخمة من مبيعات شباك التذاكر محليا وعالميا، وتمنح شركة التصوير السينمائي امتيازات لمدة سنوات. إذا أصبح الشباب، وهم شريحة عمرية مهمة، منشغلين كثيرا بمشاهدة شاشات هواتفهم أو مشاهدة شاشات أكبر في المنزل، فهذا سيضع شركات التصوير السينمائي في موقف حرج. سيخبرك الأشخاص المتابعون للأخبار التلفزيونية أن السيد غريفين من أذكى الشخصيات، ولكنك لن تعرف ذلك من تصنيفات محطة «إم إس إن بي سي». وتراجع معدل مشاهدة البرامج الأساسية على القناة الليبرالية، برنامج «راشيل مادو شو» و«مورنينغ شو»، إلى أقل مستوى لهما، بينما ذهبت بعض الإصلاحات التي قدمها غريفين أدراج الرياح.

تجري عادة مقارنة المحطات الإخبارية بمحطة «فوكس نيوز»، ولكن هذه القناة لها عملها التجاري الخاص بها، الذي يشتمل على الطهي وتقديم اللحوم الحمراء للمشاهدين المحافظين. ومع وجود رئيس ديمقراطي في سدة الحكم ينظر إليه كثيرون على أنه مخيب للآمال، وفي ظل سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، تراجع اهتمام الليبراليين بضبط حالة الغضب المزمنة. ويقال إن الأخبار التلفزيونية عمل تجاري تجري فيه انتخابات، على شكل تقييمات شعبية، كل ليلة، وبهذا المعيار، فإن محطة «إم إس إن بي سي» تخسر قاعدتها الجماهيرية. وسينصب التركيز في النهاية على كل من النهج العام والطرف المتصدر.

فيليب دومان، الرئيس التنفيذي لـ«فياكوم» يحصل فيليب دومان، بوصفه الرئيس التنفيذي لمجموعة «فياكوم» على مبالغ طائلة، فيتلقى راتبا يبلغ 37.2 مليون دولار وأسهما وعقود خيارات، وهو مبلغ ضخم بالنسبة له، ولكن ينبغي أن يأتي مقابل هذه الأموال الوفيرة توقعات كبيرة كذلك. وأصبحت مجموعة القنوات التابعة لمجموعة «فياكوم» تشبه الأشياء التي تجدها في سلة الأشياء التي عليها حسومات. وانخفضت تقييمات شبكاتها، بما في ذلك محطة «إم تي في» و«كوميدي سنترال» و«نكلوديون» بنسبة 15 في المائة خلال الربع الذي انتهى في شهر سبتمبر (أيلول). وبينما قال دومان إن بيانات نيلسن فشلت في رصد نسب المشاهدة على محطات أخرى، لا شك في الاتجاه الأكثر شمولا.

محطة «نكلوديون»، التي تدرّ ما يقرب من نصف أرباح الشركة، أصبحت في حالة تراجع واضح، وستضطر «كوميدي سنترال» لإعادة عرض جزء من برامجها ليلا الآن لأن ستيفن كولبير اتجه إلى محطة «سي بي إس». لست أنا المتشكك الوحيد، فقد ارتفعت أسهم «ديزني» بنحو 25 في المائة عن العام، بينما انخفضت أسهم «فياكوم» بنسبة 11.75 في المائة. وليس لدى سمنر ريدستون، وهو رئيس مجلس إدارة الشركة والمساهم الأكبر ويبلغ من العمر 91 عاما، من يخلفه في المنصب بشكل واضح، لذلك من الصعب أن تعرف بالضبط من أين سيأتي الضغط. ولكن في مواجهة أي معيار موضوعي، فإن دومان يواجه بعض الحقائق القاسية في عالم محطات الكابل التي تتزايد فيه سيطرة المبادئ الداروينية.

ديبورا تيرنس رئيسة محطة «إن بي سي نيوز» الإخبارية جرى التعاقد مع تيرنس، الرئيسة التنفيذية لمحطة إخبارية بريطانية في شهر أغسطس (آب) عام 2013 لتحسين قطاع تهاوى فيه برنامج «توداي» من قمة البرامج الصباحية، وتتعرض فيه صدارتها في نشرات الأخبار المسائية لتحديات، فقامت بالتعاقد مع جيمي هورويتز، وهو مسؤول تنفيذي جاء من «إي إس بي إن»، لإدخال إصلاحات على البرنامج الصباحي بزيادة المحتوى الإخباري له. واستمر في هذا المنصب لمدة 10 أسابيع. وجاءت إقالته إحراجا كبيرا لتيرنس، بعد ورود تقارير عن وجود صراعات مع المواهب والمديرين التنفيذيين في الشبكة. وتسببت إقالة ديفيد غريغوري من برنامج «واجه الصحافة» في مزيد من الانتقادات السلبية حول أسلوب الإدارة الذي تنتهجه. ويعد مجال الشبكات الإخبارية من المجالات الصعبة، ولكن تيرنس تواجه عقبة كبيرة، حيث ينبغي عليها أن تنفض الغبار عن نفسها لأن عام 2015 لن يكون عام سلسا.

ومسألة كيفية توفير وكالات الأنباء الجيدة للمال الكافي لدعم الموظفين الجيدين في قطاع الأخبار لا تنطبق على طومسون الذي أتى ليتقلد منصب الرئيس التنفيذي من محطة «بي بي سي» قبل عامين، ولكن كانت له آثار كبيرة على شركة «نيويورك تايمز». يواجه مزودو الأخبار الرقمية والمطبوعة ضغطا شديدا من المبيعات الممنهجة، وهو ما يقلل من عوائد الإعلانات؛ والتحول إلى الهواتف الجوالة، التي من الصعب الحصول على أموال عن طريقها، وصعود نجم منابر مثل موقع «فيس بوك»، الذي يتنافس على جذب القراء المهتمين بمتابعة الأخبار.

في صحيفة «التايمز»، يأتي أكثر من نصف الإيرادات الآن من المستهلكين وليس المعلنين، ونصف المستهلكين الرقميين يأتي من خلال الأجهزة المحمولة. ولكن 10 في المائة من الإعلانات الرقمية من الهواتف الجوالة، وهو أمر قد يسبب مشاكل كبيرة إذا استمر الوضع على هذا النحو.

* خدمة «نيويورك تايمز»