مذيعات لبنان يغازلن هواء الفضائيات الخاصة في مصر

وجوه بارزة انتقلت إلى القاهرة ونالت إعجاب المشاهدين

المذيعة بالتليفزيون المصري فاتن عبد المعبود - ليليان داود المذيعة في قناة «أون تي في»
TT

فيما اعتبره خبراء إعلام مغازلة لهواء الفضائيات الخاصة في مصر، غزت مذيعات لبنانيات بشكل لافت للنظر بعض القنوات الخاصة، واستطعن ببرامجهن أن يخطفن عين المشاهد المصري، ويحققن نجاحات جماهيرية واسعة في وقت قصير. وقال الخبير الإعلامي الدكتور فاروق أبو زيد، إن «وجود اللبنانيات يقوي الإعلام في مصر»، وأكد مصدر مسؤول بإحدى الفضائيات الخاصة: «نبحث دائما عن الجديد.. واللبنانية أكثر مهارة من المصرية في تسويق نفسها».

لكن مع تزايد إقبال بعض الفضائيات المصرية على التعاقد مع لبنانيات على حساب المذيعات المصريات، سادت حالة من القلق والخوف بين المصريات، من إنهاء عقودهن وإلغاء برامجهن. وأكدت مذيعات مصريات تحدثن لـ«الشرق الأوسط» أن «تقليد اللبنانية.. قد يكون المخرج لاستمرار برامجنا في القنوات.. أو إنهاء عقودنا، وأن تعاقد القنوات مع اللبنانيات، من باب تغيير شكل القناة المتعارف عليه فقط».

وتسابقت قنوات خاصة في مصر، لفتح شاشاتها لمذيعات لبنانيات ببرامج تتحدث عن المجتمع المصري وعن أزماته، في ظل إنهاء عقود العديد من المصريات العاملات بهذه القنوات، بعد توقف برامجهن.

ويقول مصدر مسؤول في إحدى القنوات الفضائية المصرية، إن «القناة الفضائية مشروع تجاري من الأساس، والاستعانة باللبنانيات نظرا لأن ما يحصلن عليه من المقابل المادي بسيط مقارنة بغيرهن، كما أن شروطهن قليلة جدا بالإضافة إلى تميزهن بالقبول الجماهيري»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللبنانيات يتميزن بالثقافة المتنوعة، هذا فضلا عن كونهن متوافرات في أي وقت وأي مكان، أما المصريات فالوقت يعد مشكلة كبيرة بالنسبة لهن، لأنهن يلتزمن بمواعيد حضور وانصراف».

من جانبها، قالت فاتن عبد المعبود، وهي مذيعة بالتلفزيون المصري (ماسبيرو)، إن «وجود اللبنانيات على شاشات القنوات الفضائية ليس فيه مشكلة؛ لكن المشكلة في تقليد المصريات لهن في اللبس والأداء»، لافتة إلى أن «طريقة لبس المذيعات اللبنانيات لا تتناسب مع الشكل المتعارف الذي تعود عليه المشاهد المصري»، مضيفة: «وجودهن ليس خطرا؛ إلا إذا كان هذا الوجود سوف يدعو أصحاب القنوات لتحويل الأمر إلى تجارة».

لكن عبد المعبود تخوفت من أن «يكون شكل لبس المذيعات اللبنانيات.. هو معيار العمل في القنوات الفضائية مستقبلا، وأن تتحول المصريات إلى الشكل اللبناني من أجل الاستمرار».

ومنذ أن دخل التلفزيون مصر في مطلع ستينات القرن الماضي، ظلت المذيعة المصرية متمسكة بالصورة التقليدية الصارمة من حيث الملابس والابتسامة والمظهر العام.. وأي خروج عن ذلك، يعني الاستبعاد من الشاشة الصغيرة.

وأكدت فاتن عبد المعبود أن «معظم البيوت المصرية قد لا تقبل هذا الشكل اللبناني، الذي لم تتعود عليه من مذيعات مصر.. فتقليد المذيعات اللبنانيات من قبل المصريات قد يصلح في برامج المنوعات والبرامج الخفيفة؛ لكن لا يمكن أن يحدث في نشرة الأخبار مثلا.. وهو الخطأ الذي وقعت فيه مذيعات مصر».

وعن كون المذيعات اللبنانيات يتعاقدن بمبالغ مالية أقل من المصريات، قالت عبد المعبود لـ«الشرق الأوسط»: «التعاقد المالي ليس هو المشكلة؛ لكن بعض أصحاب القنوات يريدون التجريب ومذيعات لبنان وجوه جديدة، يمكن أن يغيرن شكل القناة المتعارف عليه»، مضيفة أن «مذيعات لبنان لسن موجودات في القاهرة، ومعظمهن يسجلن لقنوات أخرى، وبالتالي قد لا يكون هناك انتماء للقناة المصرية عكس المذيعات المصريات».

ويرى خبراء إعلام مصريون أنه «في السنوات الأربع الأخيرة، بدأت بعض القنوات الخاصة، تطمح إلى إدخال عنصر لبناني إلى قنواتها، وتعد مجموعة قنوات (الحياة)، أكثر القنوات الجاذبة للبنانيات».

فقناة «الحياة» استعانت بالمذيعة رزان مغربي لتقدم من قبل برنامج «لعبة الحياة»، ويذاع لها الآن برنامج «هو وهي» مع الفنان أحمد فهمي، كما استعانت «الحياة»، برولا سعد من قبل لتقدم برنامج «الحياة حلوة» ثم برنامج «رولا شو»، كما استعانت قناة «النهار» من قبل بمايا دياب، لتقديم برامج مسابقات.

وتستحوذ اللبنانية رغدة شلهوب على نسبة مشاهدة كبيرة لبرنامجها «كلام في سرك» الذي يعرض على قناة «الحياة»، كما تتفوق المذيعة ليليان داود في برنامج «الصورة الكاملة» على فضائية «أون تي في»، بحسب أسر مصرية.

وتقول ريم أحمد، وهي مذيعة في قناة طيبة (جنوب مصر)، إنه «لا تزال تجارب اللبنانيات في مصر في التقديم باهتة؛ رغم تصريحاتهن عن النجاح وكثرة الطلب عليهن في الفضائيات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»، أن «وجود اللبنانيات في الفضائيات المصرية ليس بجديد؛ لكن مع ظهور وجوه مصرية شابة متميزة من مقدمات البرامج.. يجعل هناك تساؤلا: لماذا تتم الاستعانة باللبنانيات الآن؟».

وأكدت أن «هناك قلقا بين المذيعات المصريات، بعد أن استغنت العديد من القنوات الخاصة عنهن، وألغت برامجهن من أجل التعاقد مع وجوه لبنانية جديدة».

بدوره علق الدكتور فاروق أبو زيد العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة، قائلا: «أنا أنطلق من فكرة طالما أن الفضائيات تبث لجمهور خارج حدود الوطن، فيحق لأي مذيع أيا كانت جنسيته أن يعمل في أي قناة من القنوات»، مضيفا: «لا يؤثر معي أي مذيعة.. المهم تكون ناجحة وقادرة على توصيل الأفكار»، رافضا منع أي مذيعة من العمل في قنوات ليست تابعة لبلدها بسبب جنسيتها، موضحا أن «مصر لم تفكر يوما بطريقة عنصرية، وتعتبر جزءا من ريادتها أنها تفتح أبوابها لكل المبدعين العرب.. ونحن لا نفكر هذا مصري أم سعودي.. فالقاهرة مفتوحة أمام الجميع».

وأضاف أبو زيد، وهو عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان هناك بعض العاملات في الإعلام يرددن أن المذيعات اللبنانيات سوف يسحبن البساط من تحت أقدامهن نتيجة المنافسة، فهذا كلام لا يدل إلا على لغة المصالح.. فليست هناك أي مشكلة، فعدد اللبنانيات العاملات في مصر من 20 إلى 30 مذيعة.. والجمهور أصلا بطبيعته عربي وقومي والتجربة المصرية مفتوحة».

وقال الخبير الإعلامي أبو زيد إن «وجود اللبنانيات في الفضائيات المصرية له أثر إيجابي ونحن أحوج أن نتضامن كشعوب عربية، فلبنان تمر بأزمة أمنية والعراق وسوريا وليبيا.. ومصر أصبحت أكثر استقرارا.. إن لم يجئن لمصر فأين يذهبن».

وعن تأثر المصريات بشكل اللبنانيات، أكد أبو زيد أنها «فرصة ليتأثرا بعضهما ببعض، فالتأثير المتبادل يعطي منافسة أقوى، والمنافسة مطلوبة بين الجميع في إطار الثقافة والإعلام»، لافتا إلى أن عمل المذيعات أو المذيعين اللبنانيين في القاهرة يقوي الإعلام في مصر، ضاربا مثلا بالمذيع توني خليفة، قائلا أحيا «القاهرة والناس»، وليليان «تقدم عملا متميزا على (أون تي في)».

في ذات السياق، أكد المصدر المسؤول في إحدى القنوات الفضائية الخاصة، أن «اللبنانيات يتميزن بمميزات الشكل والأسلوب وطريقة العرض.. وعلى المشاهد أن يقارن بين ما تقوم به المذيعات اللبنانيات بالمصريات».

وقال المصدر، الذي فضل عدم تعريفه لحساسية موقعه في إحدى القنوات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «خبرة اللبنانيات أكسبتهن القدرة على إقناع المشاهد، مستغلين في ذلك قدرتهن على الإبهار وتمتعهن بالمظهر الحسن»، لافتا إلى أن «أصحاب القنوات الخاصة يبحثون دائما عن كل جديد وجميل.. والجمال لم يعد جمال الشكل فقط؛ بل الصوت»، مؤكدا أنه «صحيح أن المذيعة المصرية تتميز بخفة الدم؛ لكنها تعجز عن التسويق لنفسها.. أما اللبنانيات فبطبيعتهن ماهرات في التسويق لأنفسهن بأشكال مختلفة».