هجوم باريس وتراجع التضخم والبترول والمعاداة للسامية تحتل عناوين الصحافة البريطانية

أميركا: ما بعد باريس.. وأخبار رياضية خففت من حدة السياسة

TT

كان الأسبوع الماضي في الإعلام الأميركي أسبوع ما بعد حوادث باريس. لكن، كان أهدأ قليلا من الأسبوع الذي قبله، أسبوع الحوادث نفسها. وكانت هناك أخبار رياضية خففت من توتر التطورات السياسية.

بدأ الأسبوع بتغطية ما بعد حوادث باريس، وغطت القنوات التلفزيونية صور المظاهرات، ودفن الموتى، سواء كانوا من المسيحيين أو المسلمين أو اليهود. وكتبت صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور»: «دفن فرنسييين في فرنسا، لكن، دفن يهود في إسرائيل».

غير أن صحف الاثنين ركزت على أخبار رياضية، عالمية وأميركية. واهتمت بهذه التطورات أكثر قناة «إس بي إن» الرياضية الرئيسية: في كرة القدم، فاز البرتغالي كريستيانو رونالدو، من ريال مدريد، بلقب «فيفا» كأحسن لاعب، للمرة الثانية على التوالي. وفي كرة القدم الأميركية، فازت جامعة ولاية أوهايو، بعد أن هزمت جامعة ولاية أوريغون، بأول كأس من نوعها تعتمد على منافسات مباشرة (وليس حسب المناطق) لبطولة الجامعات.

وفي منتصف الأسبوع، استمرت أخبار الإرهاب والإرهابيين من مختلف أنحاء العالم. واهتم تلفزيون «سي إن إن» أكثر من غيره، بما جرى في نيجيريا، حيث قتلت منظمة «بوكو حرام» آلاف الناس في مدينة صغيرة دمرتها كلها، مع صور لا يبدو أنها حدثت في أي مكان في أي حرب.

وفي منتصف الأسبوع، أدلى البابا فرنسيس بتصريحات، خلال زيارته إلى سريلانكا، عن حوادث فرنسا. وقال: إن الإساءة إلى الأديان شيء لا يبرر. وأبرزت صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور» قوله: إنه إذا أساء شخص إلى شخص، يجب أن يتوقع المسيء «بانش» (ضربة) من المساء إليه.

لكن، كانت هناك أخبار غير سياسية. في مجال الفن اهتمت الصحف والتلفزيونات والإذاعات بإعلان أسماء المرشحين لجوائز الأوسكار. ومن بين الترشيحات: «قناص أميركي» و«بيردمان» و«فترة الصبا» و«فندق بودابست» و«سلما (الاباما)» ونظرية كل شيء (هوكنز)».

واهتمت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأخبار مثل: انخفاض الفرنك السويسري حسب سعر صرف اليورو بنسبة 30، عقب إعلان البنك الوطني السويسري تخليه عن دعم قيمة الفرنك، فضلا عن خفض سعر الفائدة على الودائع.

ومع نهاية الأسبوع، جاء إلى واشنطن ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، لمقابلة الرئيس باراك أوباما حول ما بعد حوادث فرنسا. وتحدثا عن فرنسا، وعن غيرها من أماكن النشاطات الإرهابية، مثل منظمة «بوكو حرام». وأيضا عن «داعش» في العراق وفي سوريا.

وبهذه المناسبة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها سترسل 400 جندي لتدريب المعارضين السوريين المعتدلين، وذلك في فصل الربيع. وكتبت صحيفة «هافنتغتون بوست» الخبر تحت عنوان: «لا يقتلكم البرد أو الأسد حتى يأتي الربيع لأننا سنأتي لمساعدتكم».

ومع نهاية الأسبوع، عادت الإثارة والتغطية المباشرة في التلفزيونات من أوروبا، وذلك بسبب إعلان الشرطة في شرق بلجيكا قتل اثنين من الإرهابيين المشتبه بهم خلال غارة لمكافحة الإرهاب. وتناولت معظم الصحف البريطانية استطلاعا للرأي يقول إن نحو نصف البريطانيين لديهم أفكار معادية للسامية. وجاء هذا الاستطلاع على خلفية الاعتداءات الدامية التي استهدفت صحافيي مجلة «شارلي إيبدو» الباريسية الساخرة، الذي راح ضحيته 12 شخصا، وهجوم آخر على متجر يهودي. وكتبت صحيفة «إندبندنت»، تحت عنوان «المعاداة الجديدة للسامية» تقول إن الدراسة تزامنت مع ازدياد عدد الاعتداءات على الأماكن اليهودية.. وبهذا، فإنه أصبح واضحا بالنسبة لنصف أبناء الجالية اليهودية في بريطانيا أنه لا مكان لهم في بريطانيا.

وأوضح الاستطلاع أن واحدا من كل 4 من المشاركين في الاستطلاع قالوا إن اليهود يعشقون المال أكثر من غيرهم، بينما رأى واحد من كل 6 أن «اليهود يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم، وأن يهود بريطانيا البالغ عددهم نحو 270 ألف شخص لديهم سلطة أكثر من اللازم في الإعلام».

وأجرى الاستطلاع مؤسسة «يوغوف» على 3411 شخصا بتكليف من جماعة ضغط اسمها «حملة ضد معاداة السامية»، وأوردت الصحف مقتبسات مما قاله مدير الحملة جدعون فالتر: «طالما لا يتم التعامل بحزم كامل مع معاداة السامية، ستستمر هذه الظاهرة في التزايد لنجد يهود بريطانيا يطالبون بمكانهم في بلدهم».

لكن، ومنذ الهجوم الإرهابي الباريسي، والصحف تتناول بإسهاب هذا الحدث الذي شد إليه أنظار العالم والجدال الساخن حول حرية التعبير. وأثار الحدث صخبا عالميا، وعبرت عنه الصحف البريطانية، وعكست معظمها الحملة التي أُطلقت تضامنا مع المجلة ومع الضحايا عبر شعار «أنا تشارلي».

كما تناولت الصحف المسيرة التي شارك فيها أكثر من 50 من قادة العالم والمسيرات الأخرى حول العالم في باريس وغيرها من المدن الفرنسية، في رقم قياسي اعتُبر الأكبر منذ تحرير فرنسا عام 1944.

كما عكست افتتاحيات الصحف وكتابها الحملة المساندة للمجلة الفرنسية، وفي مقدمتها «غارديان»، التي تبرعت بأكثر من 150 ألف دولار مساندة للمجلة.

لكن كتبت الصحيفة أن «تأييد الحق الثابت الذي تملكه صحيفة في اتباع حكمها الخاص على المستوى التحريري، لا يلزم بترديد حكمها هذا»، بعد أن أعرب عدد من قراء «شارلي إيبدو» أو المتعاونين معها عن الأسف لعدم نشر صحف أخرى رسومها الكاريكاتيرية بعد المأساة.

في «غارديان» كذلك، حدد الرسام جو ساكو «حدود العمل الساخر» من خلال عدة رسوم بدا فيها «رجل أسود يسقط من شجرة وبيده موزة»، أو «يهودي يحسب نقوده»، وقارنها بالرسوم الكاريكاتيرية التي رسمتها «شارلي إيبدو» حول المسلمين، متسائلا: «يحق لي أن أهين، أليس كذلك؟».

لكن تناولت الصحف الانخفاض الكبير الذي سجله معدل التضخم على الآمال المتعلقة برفع بنك إنجلترا لمعدلات الفائدة قريبا، وزاد من المخاوف من إمكانية أن يعرقل الركود انتعاش اقتصاد بريطانيا. وكان مسؤولو مكتب الإحصاء الوطني قد أعلنوا أن مؤشر أسعار المستهلكين سجل 5.‏0 في المائة في ديسمبر (كانون أول) الماضي، فيما يُعد أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2000. وكتبت صحف مثل «تايمز» و«فاينانشيال تايمز» تقول إن هذا التراجع دفع الاقتصاديين للقول إنه من غير المرجح أن يتم رفع معدلات الفائدة من مستواها المنخفض حاليا، ويبلغ 5.‏0 في المائة قريبا. وكانت قد ربطت الصحف بين انخفاض معدل التضخم إلى انخفاض أسعار النفط. وقال نائب وزير الخزانة البريطاني داني ألكسندر في تصريح له: «هذه البيانات تظهر أن انخفاض أسعار النفط يعمل على خفض الأسعار».

وأوردت الصحف ما كتبه وزير الخزانة جورج أوزبورن في تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لدينا تضخم منخفض لأسباب مناسبة». وأضاف: «إن التضخم في أقل مستوياته في العصر الحديث.. وقد بدأ الشعور بالانتعاش الاقتصادي على نطاق واسع».

وفي عدد يوم الجمعة أوردت صحيفة «ديلي تلغراف» تصريحات كبير أساقفة الكنيسة الأنجليكانية حول الفقر في بعض المدن الشمالية. وجاء عنوان صفحتها الأولى «مدن كاملة تم إهمالها من قبل الائتلاف الحاكم».

وقالت الصحيفة إنه تحت قيادة الحكومة الحالية أُهملت كثير من المدن، وتُرك الفقراء لشأنهم، بسبب هوس السياسيين بالوسطية السياسية والاقتصادية لأسباب انتخابية.