القطاع الخاص والإعلام يتبادلان الاتهامات حول برامج المسؤولية الاجتماعية

الأول يشكو تجاهل مبادراته.. والثاني يرد: نرفض استغلاله للدعاية

TT

على الرغم من الضجة الإعلامية والاهتمام المتزايد ببرامج التنمية الاجتماعية، التي تمولها شركات القطاع الخاص، إلا أن اتهامات متبادلة بين شركات القطاع الخاص ووسائل إعلامية تشير إلى وجود خلط في مصطلح المسؤولية الاجتماعية ووجود فجوة بين كلا الطرفين في التعامل مع هذه الثقافة الجديدة نسبياً، الأمر الذي علله خبير في برامج المسؤولية الاجتماعية بعدم وجود خبرة فعلية في هذا المجال، سواء من قبل وسائل الإعلام أو من طرف شركات ومؤسسات القطاع الخاص نفسه. الاتهامات تتراوح بين محاولة الاستغلال وكسب الدعاية المجانية حتى آخر قطرة من عمل خيري متواضع لا يمت لمجال عمل المؤسسة بصلة، كما يرى الإعلاميون، في حين تتخذ اتهامات القطاع الخاص طابعاً آخر يئن من ظلم الإعلام وتجاهله لمبادرات إيجابية تقوم بها تلك الجهات. من جانبه يعتقد رئيس تحرير مجلة اليمامة، وأمين عام هيئة الصحافيين السعوديين، الدكتور عبد الله الحجيلان، بأن ما تقوله شركات القطاع الخاص ينطوي على شيء من الصحة تماماً، كما أن رد الإعلاميين فيه بعض الحجة على الرغم من كونه ليس أمراً يمكن تعميمه أو إطلاقه بصورة عامة، فالشركات جزء من المجتمع، وهي تقدم خدمة ولها الحق في أخذ نصيب من التغطية الإعلامية، بحيث يشار إلى إسهامها، أما الجانب الربحي والتجاري البحت فهو داخل في الدعاية أكثر من كونه ذا علاقة بالتحرير الصحافي، وهو ما يجب الإشارة إليه بصيغ تحريرية وليس بالصيغ الإعلانية، وهو أمر موجود كثيراً في الصحافة السعودية والأمثلة عليه كثيرة على حد قوله. إلا أنه يستدرك بطرح سؤال له أهمية قصوى من وجهة نظره وهو التساؤل عن مدى إسهام الشركات في خدمة المجتمع بناءً على انتمائها وكضريبة مقابل ما تتحصل عليه من أرباح، ويقول «يحصل أن تقدم شركة ما خدمة اجتماعية لا بأس بها وتأخذ نصيبها من الحضور الإعلامي، إلا أن الشركة تبقى مصرة على أن تستهلك هذه الخدمة طوال عام كامل». ويضيف «الذي يجب أن يكون عليه الوضع هو إتاحة التغطية الإعلامية للشركات بقدر إسهاماتها الاجتماعية، فهذا سيدفع الشركات للمزيد، ويشجع بقية شركات القطاع الخاص على الإسهام بدورها، لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن هناك تقصيرا من الشركات في معرفة كيفية التعامل مع الحدث أو الخدمة المجتمعية التي تقدمها من خلال إيصالها وجعل الجهة المستفيدة منها توصل هذه الحقيقة للإعلام والمجتمع، وأعتقد أن منهجية التعامل قد تكون غير صحيحة تماما».

بدورها تعتقد شركات القطاع الخاص أن الإعلام مقصر من حيث إظهاره لمساهمات شركات القطاع الخاص الرائدة في هذا المجال، الأمر الذي يقف عقبة أمام تطور برامج المسؤولية الاجتماعية في السعودية لتأخذ دورها الطبيعي في تنمية المجتمع بصورة مستدامة بحسب ما أوضح سعد بن ظافر القحطاني، نائب الرئيس التنفيذي للتسويق والمبيعات بشركة الاتصالات السعودية.

ويضيف القحطاني «أرى أن من واجب الإعلام البحث عن الشركات التي تخدم المجتمع، بدلا من أن تبحث الشركات عنه لإبراز جهودها، فالشركات الآن مضطرة إلى خطب ود الإعلام لإبراز جهودها في برامج المسؤولية الاجتماعية، ولا أتحدث فقط عن الإعلام المقروء ولكن المرئي»، ويقترح القحطاني أن يتبنى الإعلام جائزة سنوية لأفضل شركة تسهم في برامج المسؤولية الاجتماعية وتخصص جزءاً من ريعها لخدمة المجتمع السعودي، معتبراً مثل هذه الخطوة حافزاً مهماً لشركات القطاع الخاص للتفاعل بشكل أكبر مع برامج الخدمة الاجتماعية والقضايا التنموية الملحة.

غير أن آسيا آل الشيخ، وهي خبيرة في المسؤولية الاجتماعية، ترى بأن هناك تناميا في دور الاعلام، لكنه لا يزال يفتقر لمفردات الوعي بالمسؤولية الاجتماعية الى حد التفريق بينها وبين ممارسات أخرى. إلا أنها تؤكد بأن الغرف التجارية في معظم دول العالم تلعب دورا كبيرا في خلق مناخ عام من التوعية بالمسؤولية الاجتماعية، سواء بالنسبة للشركات أو لوسائل الاعلام أو المجتمع، وأن على تلك الغرف مسؤولية جلب الخبرات وتدريب المهتمين بمفهوم المسؤولية الاجتماعية بمنظورها المعمول به في معظم قطاعات الاعمال في العالم.

ألفت قباني، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة، ومسؤولة لجنة تنشيط برامج المسؤولية الاجتماعية في شركات القطاع الخاص بالغرفة، ألقت اللوم على عاتق الإعلام بقولها «مع الأسف فالإعلام لا يعرف المسؤولية الاجتماعية ولا يخدم هذا الباب، على الرغم من أن أهم دور له على الإطلاق برأيي يكمن في إبراز التجارب الناجحة لشركات القطاع الخاص، وهذا ما يعرف المجتمع بها ويحفز البقية على اتخاذ خطوات مشابهة، بينما عدم تواطؤ الإعلام وتعاونه يصرف الشركات عن الإسهام في مجال المسؤولية الاجتماعية. في المقابل عادت آل الشيخ لتؤكد أن هناك أولويات لا بد أن تتحقق على الارض قبل محاسبة أحد، ومنها أن على الشركات القيام بإصدار تقاريرها السنوية «غير المالية» والتي تحدد فيها آليتها بوضوح في المسؤولية الاجتماعية، وهو ما تشير الى أنه يحقق مبدأ الشفافية ويساعد وسائل الاعلام على القيام بمسؤولياتها تجاه تلك الشركة أو لا. مضيفة «ما عدا ذلك ستبقى المسألة تراوح في خانة أخبار العلاقات العامة».