الإعلامي ماكدونالد.. «سير» الكاريبي

TT

عام 1973 دخل تريفور ماكدونالد تاريخ الإعلام البريطاني عندما أصبح أول مراسل تلفزيوني أسود في قناة «آي تي إن» الإخبارية المستقلة، ومنذ ذلك المنعطف حصل هذا الإعلامي الناجح على أكبر عدد من جوائز التقدير والألقاب بين كل الإعلاميين في بريطانيا.

ولد جورج ماكدونالد ـ وهذا هو اسمه الأصلي ـ يوم 16 أغسطس (آب) 1939 في جزيرة ترينيداد بجنوب البحر الكاريبي لعائلة تضم أربعة أبناء هو كبيرهم، وكان الأب عاملاً في صناعة النفط. ولكن بالرغم من هذه البيئة المتواضعة والفقيرة تمكن ماكدونالد من إتقان اللغة الانجليزية وإجادة نطقها بصورة متميزة بفضل إدمانه الاستماع لبرامج الخدمة العالمية (الورلد سيرفيس) لهيئة الإذاعة البريطانية «البي بي سي» BBC. وكانت الخطوة التالية احترافه الصحافة عام 1962 في الصحف المحلية والتلفزيون المحلي بترينيداد، قبل أن يلتحق بقسم حوض البحر الكاريبي التابع للخدمة العالمية لـ «البي بي سي»، ثم ينتقل إلى بريطانيا للالتحاق بالقسم الإذاعي المحلي لـ «البي بي سي» في لندن. عام 1973 انتقل ماكدونالد إلى قناة «آي تي إن» الإخبارية المستقلة (قطاع خاص)، بوظيفة مراسل عام وشملت تقاريره الأخبار العامة والرياضية والدبلوماسية. وكانت فاتحة أعماله الكبرى مع هذه القناة تقاريره عن الاضطرابات في إقليم أيرلندا الشمالية.

وعام 1982 تحوّل من موقع مراسل ليصبح قارئاً أساسياً للنشرات الاخبارية في روزنامة الـ «آي تي إن» بجانب توليه منصب مسؤول تحرير الشؤون الدبلوماسية في «القناة الرابعة» المستقلة. ومن ثم تولى طوال عقد التسعينات من القرن الماضي موقع قارئ النشرة الإخبارية المسائية الرئيسية. عام 2005 أعلن ماكدونالد تقاعده عن العمل في الـ «آي تي إن» ولكن طلب منه العودة إلى العمل في وقت سابق من الشهر الحالي مع إعادة «آي تي إن» إطلاق نشرتها المسائية الرئيسية في الساعة العاشرة مساءً. ومما يجدر ذكره أن المذيع المخضرم، حتى إبان فترة ابتعاده عن قراءة الأخبار لم يهجر العمل التلفزيوني بالكامل، فمنذ عام 1999 خصص له برنامجه الخاص بعنوان «هذه الليلة مع تريفور ماكدونالد» وفيه يركز بعمق على أهم قضايا اليوم.

هذا، وتجلى نجاح ماكدونالد المهني عبر السنين بعدد من المحطات اللافتة منها مقابلته الشهيرة مع الرئيس العراقي السابق الراحل صدام حسين في مستهل «حرب الخليج الأولى». ولقد شملت اللقاءات الحوارية التي أجراها على امتداد حياته المهنية الحافلة مقابلات مع الرئيس الليبي العقيد معمّر القذافي والرئيس الفلسطيني السابق الراحل ياسر عرفات والرئيس الجنوب إفريقي السابق نيلسون مانديلا والرئيس الأميركي بيل كلينتون. ومن جهة حظيت بتقدير كبير تغطيته انتخابات الفلبين في أواخر عام 1985 التي شهدت انتصار إرادة الشعب على ديكتاتورية فرديناند ماركوس. أما على صعيد الجوائز ولفتات التقدير فقد اختير «أفضل قارئ أخبار» تلفزيوني أعوام 1993 و1997 و1999. وحصل عام 1999 أيضاً على «جائزة ريتشارد ديمبلبي للمساهمات المتميزة في ميدان الأخبار التلفزيونية» التي تقدمها «بافتا» (الأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون). وعام 2003 منح «الجائزة التلفزيونية الوطنية» لالتزامه الاستثنائي بالتلفزيون، وقدمت له هذه الجائزة على الهواء من يد رئيس الوزراء يومذاك توني بلير. على مستوى آخر، منح ماكدونالد «وسام الامبراطورية البريطانية» من رتبة ضابط «أو بي إي» عام 1992، ثم عام 1999 منح لقب «سير» وفي الحالتين تكريماً وتقديراً لمنجزاته المهنية في مجال الإعلام التلفزيوني، وجاء في تعليقه على هذا التكريم الكبير قال: لم يمر ببالي أنا الذي ولدت في منطقة فقيرة من ترينيداد بالبحر الكاريبي ولو في أجمل الحلم... أن أصبح «سير»....!

* وحدة أبحاث الشرق الأوسط