الوليد آل إبراهيم: ندرس إنشاء أول وحدة للإنتاج السينمائي في الفضائيات العربية

متحدثا عن توجه مجموعة «إم بي سي» للاستحواذ على محطات فضائية محلية

وليد آل إبراهيم («الشرق الأوسط»)
TT

منح العديد من الجوائز وله بصمته الواضحة في مجال الإعلام المرئي من خلال مجموعة mbc الإعلامية التي توسعت وفتحت آفاقا واسعة في عالم القنوات المنوعة والمتخصصة.

الوليد ال ابراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة mbc خاض الكثير من التحديات، وكان ابرزها نقل المجموعة مكاتبها الرئيسية من لندن الى الخليج العربي، فاستقرت في دبي حيث كان هذا الحوار.

> كنتم أول واكبر مجموعة إعلامية تنتقل إلى أول مدينة إعلامية حرة في المنطقة، هل تعتقد أن المدن الإعلامية وجدت للالتفاف على القوانين التي تسمح بإنشاء القنوات الفضائية؟ وهل تؤيد التوسع في انتشارها؟

ـ لقد نجحت المدن الإعلاميّة بأداء وظيفة مهمة ألا وهي تسهيل وتيسير الإجراءات لمختلف الشركات العاملة في القطاع الإعلامي، وإنشاء بيئة جيدة تحفـز على الإبداع في الإنتاج واجتذاب الخبرات والمهارات المختلفة، بعيداً عن الروتين والبيروقراطية التي قد تعيق الكثير من الأفكار الجادة والجديدة. وشخصياً، أرحب بأي توسّع في الممارسات القائمة على اقتصاديات السوق الحر.

لكن من المهم أن نتذكر وفي ظل التوجه المتنامي لإنشاء مدن إعلامية إقليمية في شتى أنحاء الشرق الأوسط، إن التحدي الأساسي الأكبر يتمثل أمامنا في مدى قدرتنا على مواصلة تنمية المواهب والكفاءات العربية، والاستثمار في صناعة المحتوى، وبالتحديد في مجالات الإنتاج والتحرير التلفزيوني، الموسيقى، الفنون، تطوير البرمجيات، وستوديوهات التصوير. وبدورنا، فإننا سنستمر في تمهيد الطريق نحو اكتشاف أنماط ومنصّات ومواد جديدة تساهم شكلاً ومضموناً في تنمية صناعة الإعلام في منطقتنا، والارتقاء بها إلى مصاف العالمية.

> توجهتم بشكل لافت إلى الإنتاج الدرامي، ومن النوع الثقيل تاريخياً واجتماعياً، هل هذا توجه جديد في استثماراتكم الإعلامية أم هي حاجة قنواتكم؟

ـ نحن في مجموعة mbc نؤكد على أهمية إنتاج الأعمال الدرامية، فهي تشكل محتوى مهما للقنوات التلفزيونية. وعندما قررنا التوسع في مجال الإنتاج الدرامي، وهو مجال عملنا فيه منذ وقت مبكر وإن كان على مستويات متفاوتة، قررنا أن نقدّم إنتاجاً مميزاً في المضمون بكل أبعاده. هدفنا دائماً تقديم أعمال ترتقي إلى تطلعات المشاهد العربي الذي أصبح لديه قدرة على فرز نوعية الأعمال المقدمة. وتوجهنا إلى إنتاج أعمال جديدة بشكل مباشر أو بالتعاون مع شركات صديقة، وهو ما أتاح لنا خيارات متنوّعة لطرح ومناقشة القضايا الاجتماعية والدرامية المختلفة عبر الشاشة. لذا وضعنا طاقات عدة في هذا المجال وأسسنا ضمن المجموعة لشركة متخصصة في الإنتاج الدرامي، إضافة إلى عملنا عن قرب مع كبرى الشركات المنتجة للدراما العربية وفق معايير عالية الجودة.

> هل توجد خريطة إعلامية عربية واضحة، أم أن ما يحدث هو جهود أفراد واستثمارات وقتية هنا وهناك؟

ـ ليس بالإمكان الحديث عن خريطة إعلامية عربية، هناك مؤسسات إعلامية كبرى في مجالات النشر الصحافي أو الالكتروني، وشبكات البث التلفزيوني الحكومية والخاصة، وبالطبع هناك مشاريع فردية وأخرى كما أشرت مؤقتة. لكننا نراهن على السوق وعلى المشاهد الذي يبقى الحكم وصاحب حق الاختيار، والذي توجه كل الجهود الإعلامية نحو كسبه. وهو ما نفخر بتحقيقه على مستوى الوطن العربي.

نحن بحاجة إلى استثمارات كبرى في المجال الإعلامي بما يخدم القضايا التي تعيشها الشعوب العربية وفق منهجية مدروسة. في الوقت الذي لا نؤيد فيه سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام، لان التدخل الحكومي المباشر في إدارة الإعلام ووسائله تدخلها في دوامة النمطية والجمود، وهو ما يجعلنا ندعو دائما الى تحرير الإعلام العربي من سيطرة الأجهزة الرسمية للحكومات، ووسائل الإعلام لها دور كبير وفاعل في ترسيخ التفاهم والاستيعاب بين الحضارات والثقافات المختلفة من جهة، وتعزيز القيم المجتمعية المحلية من جهة أخرى، هذا بالإضافة إلى دورها الريادي في تحريك الفضاء الإعلامي والدخول في عالم المنافسة البناءة في عالم الفضاء الكوني المفتوح.

> هل هذا يعني أن المؤسسات الإعلامية العربية تواجه خطراً أو تحديات كبرى قد تؤثر على وضعها الراهن، خصوصاً أننا أمام استثمارات أجنبية كبرى تفد إلى المنطقة في قطاع الإعلام، هل تستشعرون هذا الخطر في مجموعتكم؟

ـ حال الإعلام والمحطات الفضائية كحال أي من المشاريع الاستثمارية الأخرى، تتأثر بالتقلبات وهي جزء من البيئة المحيطة. عندها تلجأ إدارة تلك المحطات لوضع خطط مناسبة للتأقلم مع الواقع الجديد لسوق الإعلام العربي. إنه واقع لا يمكن تجاهله، وتجاهله قد يخرج البعض ليس من المنافسة وحسب، بل ومن السوق تماماً. > اقتحمت مجال الموسيقى بشراكة أو إدارة لمحطة «وناسة»، هل ستكون السينما هدفكم التالي؟

ـ العام الماضي، دخلت المجموعة في إدارة محطة وناسة الغنائية بالكامل مع الفنان راشد الماجد، في الوقت الذي أطلقنا فيه في العام نفسه قناة MBC Action الموجهة للشباب. إلا أن دخول سوق السينما العربية يعد مسألة مختلفة للغاية. حيث 200 مليون مشاهد عربي يتحدثون نفس اللغة، يعني سوقاً ذات أهمية بالغة لصانعي السينما، إلا أن واقع المنطقة مصاب بأضرار القرصنة والرقابة وبعض التحديات الفنية. الا أن أهم التحديات لها علاقة بحماية حقوق الملكية، وعندما نعاني من القرصنة التي تجتاح أسواقنا العربية، فإن إقبال الناس على المسرح أو التوجه الى دور السينما سيبقى محدودا بمقاييس الأسواق الأخرى التي تتلاشى فيها القرصنة تقريبا، او يكون اختراق حقوق الملكية الفكرية في اقل مستوياته، لذا نعاني من شح في الإمكانات ومن الإنتاج دون المستوى، مما يعني إلى حد كبير صعوبة تحقيق استثمار مربح مرحلياً في هذا المجال او يتطلب البحث عن حلول ايجابية من شأنها ان تنشط كل الصناعات والإنتاج اللذين يرتبطان بحماية الحقوق الفكرية.

إلا أن mbc وبصفتها أكبر شركة إعلامية خاصة قد يكون لنا ميزة تتمثل في عرض الأفلام السينمائية عبر شاشة التلفزيون. وبالفعل، ندرس بجدية إنشاء وحدة للإنتاج السينمائي في mbc مع طموحات بإنتاج من خمسة إلى ستة أفلام روائية سنوياً، وحين ننهي الدراسات ونرى مدى فاعليتها وجدواها سنعلن عن ذلك في حينه.

> هل لديكم مشاريع خاصة بالإنترنت، بمعنى أن تنشئوا قنوات خاصة تتعلق بالبث الانترنتي مباشرة، بشكل منفصل عن القنوات الفضائية؟

ـ خلال شهر رمضان الماضي وفرت mbc لمشاهديها وللمرة الأولى إمكانية تحميل حلقات المسلسل الكوميدي السعودي «طاش ما طاش» بواسطة الهاتف الجوال، فضلاً عن مسلسلات أخرى ضمن باقة «موبيسودس» التي أطلقناها مع بعض شركات الاتصالات المتحرّكة في الخليج. كما أتاحت فرصة متابعة بعض مسلسلاتها الدرامية على موقع المجموعة mbc.net لكافة المشاهدين حول العالم. وستواصل mbc خلال عام 2008 تقديم خدماتها الرقمية بما في ذلك قناة جديدة للمعلومات عبر الإنترنت. > بدأتم بشكل واسع عربياً، وكان شعاركم «العالم بعيون عربية»، لكن هناك حديثاً اوهمساً، في أكثر من بلد عربي عن توجهكم نحو إنشاء محطات محلية في دول عربية محددة؟

ـ هناك أفكار عدة معروضة أمامنا، ونختبر ونحلل بشكل متواصل خياراتنا وما يمكن أن نقدمه لنكون أقرب للمشاهد العربي بكل الصور الممكنة. نبحث فرص وإمكانات تدشين قنوات محددة في عدة مناطق، سواء أكان ذلك في شمال إفريقيا أو الأراضي الفلسطينية أو الكويت. ولكن ستعتمد هذه المشاريع بدرجة كبيرة على الإرسال الأرضي، وستركز على الأسواق المحلية، حيث يمكننا استخدام منتجاتنا وجذب المعلنين المحليين وانتزاع مكانة ما على المستوى المحلي.

> هل يعني هذا توجهكم للدخول في منافسة مع قنوات محلية قد تمتلكها الحكومات في الغالب؟

ـ المنافسة موجودة على أي حال، وإن اختلفت المستويات. المهم في القناة ليس من يملكها، بل من يشاهدها. هنا، نتحدث عن تحوّل طبيعي لتقديم مجموعة أوسع من الخيارات للمشاهد، ولكن عندما تصبح هذه المحطات المحلية – حتى وإن كانت حكومية- عبئاً مالياً، فهذا يؤدّي إلى اختلال التوازن التنافسي، وهبوط المستوى العام للقطاع الإعلامي. ونؤمن دائماً بأن القطاع العام «الحكومي» لا يمكن أن ينافس الخاص، أو أن يقود عمليات تشغيلية وإبداعية ضخمة. بل عليه أن يكون داعماً ومحفـّزاً للقطاع الخاص من خلال تهيئة البنية الأرضية المناسبة للعمل، وهو أمر يحدث في كل الصناعات الاقتصادية الكبرى عالمياً ومحلياً. إن تخصيص الإعلام في العالم العربي مشوار طويل يجب إطلاقه وتسريعه.

> اين مجموعة mbc الإعلامية الآن، هل هي أمام طريق التحول نحو شركة مساهمة عامة، أم أنها أمام خيارات اندماج مرتقب؟

ـ أمامنا فرص كثيرة، وأفكار مستقبلية طموحة، بعد أن أعدنا تنظيم وهيكلة المجموعة وباشرنا في توسعات إنتاجية وتشغيلية وتقنية مهمة. على أي حال وفي كل الخيارات والفرص يعتمد القرار على ما نراه مناسباً لنا كمجموعة. في ما يتعلق بالخبرات المشتركة، والمحتوى، وحجم الاستثمارات وعوامل عديدة، يحدده هذا النوع من المفاوضات التجارية وتوقيتها وقيمتها المضافة استراتيجياً. ويمكن القول اننا أعلنا مسبقا أننا ندرس كافة البدائل أمامنا، ونحن حتى الآن لم نقرر ما إذا كنا سنتجه لطرح المجموعة للاكتتاب العام، أو الاندماج مع مجموعات أخرى أو الاستحواذ على قنوات أخرى، لذلك لا يمكن لنا الفصل، حاليا، في هذا الموضوع تحديدا.

> بعد النجاح الكبير لمسلسل الملك فاروق، من هي الشخصية التالية التي ستقدمها mbc في رمضان المقبل؟

ـ اعتدنا على التخطيط المبكر، فقنوات mbc باتت تتطلـّع لما ستقدمه خلال شهر رمضان المقبل من الآن، وتعد بأن ذلك سيكون أفضل عروضها حتى الآن. ولدينا بعض من الخطط لمسلسلات في مستوى الملك فاروق سنعلن عنها في حينه. لقد حافظنا بشكل مستمر على الفوز بالحصة الأكبر من نسب المشاهدة في رمضان، ولدينا في الأفق الكثير من الأعمال الرائعة لشهر رمضان المقبل كما جرت العادة. > كيف تواجهون الهجوم الشرس من القنوات العربية التلفزيوينة الأخرى على استقطاب موظفيكم، خصوصاً أنكم أخيراً، خسرتم عدداً كبيراً من كادر قناة العربية؟ هل صحيح أنكم لا تبذلون مجهوداً كافياً للحفاظ على موظفيكم؟

ـ على العكس تماماً، فإننا نفتخر كمجموعة بقدرتنا على استقطاب أهم وأبرز المواهب الإعلاميّة العربية، سواء أكانت ذات خبرة سابقة أم تلك التي لا تزال في ربيع نشأتها. وهذا يعود لعدد من الأسباب منها بيئة العمل المميّزة التي نوفرها، وفرصة العمل مع فريق من أفضل المهنيّين في المنطقة، بالإضافة إلى الرواتب المنافسة في السوق. ولكن تبقى المنافسة محتدمة في فضاء الإعلام العربي. وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة mbc تتمتع بأعلى درجة من الاستقرار المهني لمن يعملون فيها. طبعا السوق مفتوحة والمنافسة شديدة، ولا يمكننا أن نرغم الآخرين على البقاء متى ما قرّروا الرحيل لأي سبب كان. لكن أبوابنا تظل مفتوحة للجميع. وبالمناسبة الكثير من الكفاءات الاعلامية والفنية التي غادرت مجموعة mbc، عادت إلينا بعد أن اختبرت مواقع عمل أخرى. > قلتم في حوار سابق إنكم ستطلقون قناة إسلامية معتدلة؟ هل هذا صحيح؟ وماذا يعني ذلك؟

ـ ما ذكرته كان فكرة طرحت علينا في هذا الصدد، ونحن نبحث فيها وإن كان بإمكاننا إطلاق شيء مختلف عما هو متوفر اليوم.

الحقيقية أننا في المجموعة نتلقى عروضاً كثيرة، ولدينا أفكار متنوعة لمشاريعنا الإعلامية، وكل فكرة أو مشروع نخضعها للدراسة المكثفة والتحليل والبحث الجاد قبل اتخاذ القرار في شأنها.

> قناة العربية التي تقترب من دخول عامها الخامس، كيف تنظرون في ما حققته حتى اللحظة؟

ـ بالنسبة إلى قناة إخبارية لم يمض على تأسيسها بعد 5 سنوات، أعتقد أننا حقفنا الكثير من النجاحات في هذا الوقت القصير نسبياً، بل أبرز تلك النجاحات تمثـّل في خلق نهج جديد بين القنوات الاخبارية العربية، لتصبح العربية مدرسة إخبارية مهنية عالية الحرفية، ما دفع قنوات أخرى تحذو حذوها. وترتكز استراتيجية «العربية» على المصداقية العالية، والواقعية المهمة في التعاطي مع الأحداث والأخبار. كما أنها قدمت مفهوماً أقرب إلى الاكتمال حول القنوات الإخبارية، بتنوعها الإخباري السياسي والاقتصادي والرياضي والثقافي. ونتوقع لها ومنها الكثير، بعد عيدها الخامس.

> هل يحفزكم هذا النجاح العربي، إلى انشاء قناة إخبارية انجليزية، تنقل صورة العالم العربي والمنطقة للخارج، أو حتى للداخل من غير الناطقين باللغة العربية؟

ـ أولا من المهم الإشارة إلى أن القنوات الإخبارية عالميا، هي اقل القنوات التلفزيونية تحقيقا لعوائد مادية، هذا عوضا عن تغطيتها لمصروفاتها.

ومشروع قناة إخبارية باللغة الانجليزية، موجود على طاولة البحث منذ وقت ليس بالقصير، ولكن المشكلة تكمن في دراسة الجدوى، قناة مثل هذه من الصعب الجزم سريعا بنجاحها التجاري المباشر، حيث التكلفة التشغيلية عالية، والخبرات الأجنبية التي يمكن استقطابها مكلفة. لكننا لانزال نبحث في خيارات التمويل التجاري لهذا المشروع.