صحيفة «فاينانشال تايمز» تطلق خدمة تعارف اجتماعي لمديري قطاعي الاتصالات والإعلام

تشمل موقعا إلكترونيا على نمط «فيس بوك».. وفعاليات خاصة للتواصل وجها لوجه

خدمة «فينانشال تايمز» للتعارف الاجتماعي حصريا للمديرين والرؤساء التنفيذيين («الشرق الاوسط»)
TT

إذا كانت الشركات الإعلامية الكبرى باتت تدرك اليوم أهمية التوسع لتشمل نشاطاتها تنظيم المؤتمرات لما في ذلك من أهمية على الصعيدين المالي والتواصل مع الشخصيات النافذة وصناع القرار في مختلف القطاعات، فإن هذه المؤتمرات والفعاليات لها فائدة جمة بطبيعة الحال للمشاركين فيها، الذين يحضرونها طمعا في معرفة آخر المستجدات في قطاع معين، وسماع مختلف الآراء والنظريات.

وبدورهم يحرص المشاركون أيضا على التواصل مع نظرائهم من صناع القرار والقادة في المجالات المختلفة، وهذا هو بيت القصيد الذي وجدت فيه صحيفة «ذا فاينانشال تايمز» البريطانية الاقتصادية العريقة نافذة استراتيجية لتوسيع نشاطاتها مستفيدة من تجربة مواقع «التعارف الاجتماعي» Social Networking الإلكترونية مثل «ماي سبايس»MySpace و«فيس بوك» Facebook التي غزت العالم خلال السنوات القليلة الماضية. فقد أعلنت «فاينانشال تايمز» اخيرا اطلاق أول «منتدياتها» ذات العضوية الخاصة بالمديرين التنفيذيين، وهو«منتدى الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا» الذي خصصت له الصحيفة موقعا خاصا هو http://www.ftexecutiveforums.com. ويمكن وصف هذا «المنتدى» بأنه ناد يسهل التواصل بين اعضائه الذين يأتون حصريا من قطاعات الاتصالات، والجوال، والإعلام الجديد، والرقمي، بحيث يستفيد الأعضاء من الميزات التي يقدمها لهم هذا المنتدى لقاء الاشتراك السنوي، وهي: البحث والتواصل مع الأعضاء الآخرين باستخدام أداة التعارف الاجتماعي الالكترونية (وهي تعمل بطريقة شبيهة للغاية بموقع «فيس بوك»)، إضافة الى ذلك يحصل المشاركون على مشاركة مجانية في واحدة من الفعاليات او المؤتمرات التي تنظمها «فاينانشال تايمز» حول العالم. يضاف إلى ذلك، بأن كافة المشتركين يحصلون على نسخ إلكترونية من كلمات المشاركين في مؤتمرات «فاينانشال تايمز» السنوية (سواء حضروها أم لا)، إضافة الى تسجيلات صوتية على طريقة «بودكاست» podcast. هذا إلى جانب فعاليات تنظم خصيصا للمشتركين في هذا المنتدى، بحيث يتم تنظيم لقاءات للمشاركين وجها لوجه، إضافة إلى ذلك يحصل المشاركون على اشتراك مجاني لمدة عام كامل في موقع «فاينانشال تايمز» الالكتروني (وهو من مواقع الصحف القليلة التي تفرض رسوما لقاء بعض محتواها).

ويقول توم غلوفر، وهو متحدث باسم صحيفة «فاينشال تايمز» لـ «الشرق الأوسط»: ان ما يميز هذا المشروع هو أنه عالمي بحق، بحيث لا تحده حدود الجغرافيا، ويضيف من جهة ثانية أن جلسات لقاء عدة ستنظم على مدار السنة، ليتم ترتيب لقاء اكبر عدد من المشتركين في المنتدى وجها لوجه. لكن ماذا عن المخاوف حول الخصوصية، وهي من أبرز الانتقادات لمواقع التعارف الاجتماعي بشكل عام، إضافة الى قيام عدد من هذه المواقع ببيع المعلومات التي يدخلها المشاركون عن أنفسهم لجهات خارجية تستفيد منها لأغراض الأبحاث أو لأغراض تجارية. يجيب توم غلوفر، الذي يفضل عدم تشبيه خدمة «فاينانشال تايمز» بموقع «فيس بوك» لأنه يعتبر أن الأداة الالكترونية هي مجرد خدمة من الخدمات التي يقدمها المنتدى، بالقول: «لا نية لدينا لبيع المعلومات»، مضيفا ان حماية بيانات المشاركين هي من الأمور التي تهم القائمين على الخدمة الذين يصفهم كذلك بأنهم «انتقائيون» في اختيار من يتم قبول عضويته في المنتدى. لكن ما الجدوى الاقتصادية التي ستجنيها الصحيفة إن كانت لن تبيع بيانات المشاركين؟ بداية هناك الاشتراك السنوي وهو 1700 جنيه استرليني بحسب ما يقول غلوفر، وإن صحت توقعاته باشتراك 150 شخصا مع نهاية العام فهذا يعني دخلا يفوق الـ 25 ألف جنيه استرليني، ويوضح توم «هذه مجرد نقطة البداية»، مضيفا أن الصحيفة تعمل على إطلاق منتديات أخرى للمنتجات الفاخرة، اضافة الى العقاريين، كما يتم مناقشة إطلاق منتدى خاص بالرؤساء التنفيذيين حاليا عبر جميع القطاعات. من جهته يعلق البروفيسور أدريان مونك، رئيس قسم الصحافة والنشر في جامعة «سيتي» اللندنية، بالقول:«لقد استطاع الاعلام الاجتماعي أن يذكر الصحف والشركات الاعلامية بأن قراءهما هم عبارة عن مجتمع قبل كونهم قراء». ويضيف مونك: «الناس يرغبون في الانتماء الى مجتمعات او نواد، والمديرون التنفيذيون ليسوا استثناء، لكنهم يريدون انتماء الى ناد بالطريقة التي تلائم طريقة عيشهم المزدحمة في يومنا هذا، وما تقدمه فاينانشال تايمز يعد مثاليا» موضحا «كل الفرق أنك بدلا من أن تتواصل مع هذا المجتمع عبر قطعة من الورق، فأنت تجد طرقا أخرى للتواصل». ولعل ما يساعد «فاينانشال تايمز» على بناء «هذا المجتمع» حولها، هو أنها استطاعت تحديد الشريحة التي تريد مخاطبتها منذ البداية (مديري الشركات والرؤساء التنفيذيين ورجال الاعمال والمتابعين لشؤون الاقتصاد)، و«مركزة» نفسها بشكل واضح positioning، ومما يحسب لها كذلك أنها لم تتشتت عن التوجه لهذه الشريحة، لذلك لا يستبعد مونك أن تتحول «فاينانشال تايمز» إلى مجتمع قائم بحد ذاته يضم المديرين والرؤساء والتنفيذيين، بحيث تصبح الاخبار خدمة مضافة تقدم للمشتركين من هؤلاء، ولعل ذلك يكون أحد نماذج الاعلام المتخصص مستقبليا. ويعد من اللافت رؤية كيف استفادت صحيفة تعد رصينة للغاية مثل «فاينانشال تايمز» من تجربة مواقع شابة أقل ما يقال عنها انها «غير رسمية» على الاطلاق مثل موقعي «ماي سبيس» و«فيس بوك» اللذين يشكلان قطبين من أقطاب الإعلام الاجتماعي Social Media المتفرع مما بات يسمى بـ «الإعلام الجديد». وخلال السنوات القليلة الماضية تحولت هذه المواقع الى الشغل الشاغل للمتابعين والمهتمين بهذا الموضوع، فموقع مثل «ماي سبيس» باستطاعته ان يصلك بأكثر من 100 مليون شخص مسجل، ولذلك لم يكن مستغربا ان يدفع عملاق الإعلام العالمي روبرت ميردوخ 580 مليون دولار عام 2005 ثمنا لهذا الموقع الذي يعرف نفسه أساسا بأنه أحد مواقع «التعارف الاجتماعي»، بحيث «يُكوّن» كل مشترك (والاشتراك مجاني) لنفسه «بروفايل» يضم صورته ومعلومات عنه يستخدم في التعرف على شخص آخر، إضافة الى مشاركة الملفات الرقمية وكتابة المدونات، فيما دفعت «مايكروسوفت» نحو 240 مليون دولار مقابل حصة تقدر بـ 1.6% من موقع «فيس بوك» الذي يضم نحو 60 مليون مستخدم يزدادون يوميا.