أميركا تكرم صحافييها

جوائز «غولدسميث» وزعت الأسبوع الماضي.. والأعين على «البولتزر»

TT

في الأسبوع الماضي، أعلنت لجنة جائزة «غولدسميث» للتحقيقات الصحافية (مركزها قسم الصحافة والسياسة في جامعة هارفارد)، أسماء الصحافيين الذين فازوا بالجائزة لهذه السنة. وفاز بالمرتبة الأولى (وجائزة 25.000 دولار)، تحقيق في صحيفة «واشنطن بوست» عن نائب الرئيس ديك شيني، عنوانه «الصياد»، وكتبه بارتون غيلمان وجو بيكر. وقالت اللجنة إنها اختارت التحقيق لأنه «قدم تفاصيل ما يجري في مكتب نائب الرئيس، بعضها معروف، وبعضها نشر لأول مرة، وأكد ما يقال بأن نائب الرئيس، خاصة، وإدارة بوش، عامة، تميل نحو السرية بدرجة ربما لم يشهدها البيت الأبيض في تاريخه».

وقدم صحافيون تحقيقات لم تفز بالجائزة، لكنها وصلت المنافسة النهائية، منها:

أولا: تحقيق مجلة «نيشن» الليبرالية (التي عارضت حرب العراق منذ البداية)، كشف بأن القوات الأميركية هناك تتعمد، أحيانا، عدم إعفاء جنود من الخدمة اشتكوا بأنهم مصابون بأمراض نفسية. وكشف التحقيق أن أطباء أميركيين عسكريين في العراق اشتركوا في كتابة تقارير عن جنود بأن الأمراض التي اشتكوا منها بدأت من قبل تجنيدهم.

ثانيا: تحقيق صحيفة «بالم بيتش بوست»، كشف عن فساد استشرى في مكاتب المقاطعة. قضى الصحافي توم دابوك سنتين يجمع معلومات ووثائق أثبتت ذلك. واعتبرت اكبر فضيحة فساد في المقاطعة منذ أكثر من مائة سنة. وبفضل التحقيق، حوكم اثنان من حكام المقاطعة بالسجن.

ثالثا: تحقيق صحيفة «واشنطن بوست» عن مستشفى «وولتر ريد» العسكري في واشنطن. وكشف التحقيق فسادا، وفوضى، وأخطارا صحية، وإهمالا للجنود. وأثار التحقيق الاهتمام، لأن كثيرا من الجنود في المستشفى من الذين جرحوا في العراق وأفغانستان. واعتبر الأميركيون ذلك تقصيرا في حق «الذين يدافعون عن الوطن».

أجرت تحقيق المستشفى الصحافيتان آن هيل ودانا بريست. وقضيتا أربعة أشهر تحققان، ومرات كثيرة زارتا المستشفى سرا، وذلك للحديث مع الجنود الجرحى.

دانا بريست ليست جديدة على الفوز بالجوائز الصحافية. سنة 2006، فازت بجائزة «بولتزر» بعد أن كشفت «السجون السوداء» لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، التي نقل إليها المتهمون بالإرهاب، والتي يعتقد أنها كانت في دول في شرق أوروبا.

أثارت الخبطة الصحافية ضجة هزت البيت الأبيض، الذي حاول وقف نشر السر «حتى لا يؤذى الأمن القومي الأميركي» و«حتى لا تتعرقل جهودنا لهزيمة الإرهابيين».

وقالت لجنة جائزة «بولتزر»، إن سبب منح الصحافية الجائزة الأولى هو أنها «بذلت جهودا مستمرة، وكتبت تقريرا كاملا عن نشاط سري فضل المسؤولون ألا يعرف الشعب عنه».

وفي الولايات المتحدة مسابقة شهيرة أخرى هي جائزة «بولتزر»، وهي أكثر أهمية من جائزة «غولدسميث». وسميت على اسم جوزيف بولتزر، صحافي بلغاري هاجر إلى أميركا، وصار صحافيا ناجحا، ثم ناشرا ناجحا. وترك ثروة تبرع بها لجامعة كولومبيا عندما توفي سنة 1911. أسست الجامعة بجزء من المبلغ كلية للصحافة، ورصدت جزءا آخر للجوائز السنوية. وتقسم الجائزة إلى أربعة عشر قسما، حسب فروع العمل الصحافي: تحقيقات، تصوير، أخبار، رياضة.. الخ.

وفي السنة الماضية، فازت بالجائزة في التحقيقات الصحافية صحيفة «بيرمنغهام نيوز»، في ولاية آلاباما. وكان الصحافي بريت بلاكريدج، كشف فسادا ومحسوبية في الجامعات التابعة لحكومة الولاية. وبسبب التحقيق استقال عدد من رؤساء الجامعات، وكبار المسؤولين فيها.

وفي المجال الإخباري المحلي، فازت صحيفة «ميامي هيرالد»، لأنها كشفت فوضى في إدارة المنازل في بلدية مدينة ميامي. وكان الكشف سببا في فصل ومعاقبة عدد من المسؤولين في البلدية.

وفي مجال السياسة الخارجية، فازت صحيفة «وول ستريت جورنال»، لأنها نشرت تحقيقات من الصين عن تطور الصين، مع وضع اعتبار للجوانب السيئة فيه، مثل تلوث البيئة، وانخفاض الأجور، وزيادة الشقة بين الأغنياء والفقراء.

وهناك جائزة «آر إف كي» (إشارة إلى روبرت كنيدي، شقيق الرئيس كنيدي، الذي اغتيل، أيضا، بعد أن ترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي). وتركز الجائزة على صغار المحررين، وذلك لأن صحافيين غطوا حملته الانتخابية سنة 1964، عندما تقاعدوا، جمعوا تبرعات، ورصدوا جائزة للصحافيين الشباب الذين، عادة، يكلفون بمتابعة الحملات الانتخابية لأن فيها كثيرا من السفر وتحمل المشاق. ولهذا، وباعتراف أصحاب الجائزة نفسها، تسمى «بولتزر للفقراء».

في السنة الماضية، فاز بالجائزة برنامج «فرنتلاين»، الذي يقدمه تلفزيون «بي بي سي» (شبه الحكومي)، وذلك على حلقة «نيو اسايلامز» (اللاجئون الجدد)، إشارة إلى ملايين الأميركيين المصابين بأمراض نفسية وعصبية، ويلزمون المستشفيات والمصحات، وتظل حالاتهم معلقة في انتظار برامج حكومية صحية تنقذهم.

وفاز بالمرتبة الثانية تحقيق مصور بعدسة ستيف ليز، في مجلة «تايم»، عن أطفال المهاجرين المكسيكيين غير القانونيين الذين يوضعون في معسكرات في انتظار صدور الأحكام على آبائهم وأمهاتهم.

وهناك جوائز «سكبرز هاوارد» من كلية إعلام بنفس الاسم في جامعة اوهايو، إشارة إلى اثنين من عمالقة الصحافة الأميركية: جاك هاوارد، وشارلز سكبرز. ثم جوائز «انانبيرغ»، عملاق آخر من عمالقة الصحافة الاميركية (في سنة 1953، أسس مجلة «تي في»، أول مجلة قدمت برامج التلفزيون اليومية). واحدة من جوائزه باسم «ارت بوكوولد»، كاتب العمود الفكاهي الذي توفي قبل سنة. وحسب نصيحة الرجل، تعطى الجائزة إلى صحافي «برهن على قدرته في تحدي المسؤولين. ويفضل الذي دخل في مشاكل بسبب ذلك». وأخيرا، فازت بالجائزة ايمي تينووتش، كاتبة عمود ساخرة في صحيفة «لوس انغلوس ديلي نيوز».

وعن نفس المؤسسة، تقدم كلية إعلام انانبيرغ التابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا، جوائز لصحافة الانترنت. وفي السنة الماضية، فاز موقع «فلوريدا توداي» لتغطية متواصلة في الانترنت لإطلاق مكوك فضاء سافر إلى سفينة الفضاء الدولية. وفاز موقع «يو اس توداي» وموقع «دنفر بوست» كأحسن مواقع لصحف يومية.

ويتابع قسم الانترنت في كلية الصحافة المواقع لاختيار أفضلها من عدة نواح: اولا: الإخراج، ثانيا: المتابعة المستمرة، ثالثا: أهمية الأخبار، رابعا: السبق الصحافي، خامسا: استعمال الصور والفيديو.

ومع زيادة أهمية صحافة الانترنت، يتوقع زيادة الاهتمام بجوائز «انانبيرغ» للانترنت.