استثمارات برلسكوني الإعلامية تعبر المتوسط

إضافة إلى الدخل الإعلاني يأمل رئيس الوزراء الإيطالي بتشجيع الاعتدال في المغرب العربي

برلسكوني (أ.ف.ب)
TT

خبر الساعة: المستثمر الجديد في وسائل الاعلام العربية هو الملياردير سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي وشركاؤه ثلاثة من رجال الأعمال التونسيين وعلى رأسهم صديقه القديم المنتج السينمائي طارق بن عمار إضافة إلى الأخوين نبيل وغازي القروي. الهدف اغراق السوق العربية ببرامج الترفيه الايطالية المحبوبة والدعايات التجارية التي تجيد استخدامها شركات ومحطات التلفزيون الخاصة المملوكة من قبل برلسكوني. خلاصة الكلام: الاعلام العربي غير السياسي في مرمى الرجل العصامي برلسكوني شاغل الدنيا ومالك أكبر ثروة في ايطاليا الذي يرى في البحر الابيض المتوسط مجاله الحيوي. تمت الصفقة منذ اسبوع وأصبح تلفزيون «نسمة» الذي أسسه منذ عامين الاخوان القروي وبث برنامج ستار اكاديمي – المغرب في العام الماضي ملكا مؤلفا من أربع قطع لكل من نبيل وغازي الربع (أي نصف الملكية) ولطارق بن عمار المقيم في باريس الربع ولشركة ميدياسيت التي يملكها برلسكوني الربع الأخير. ومن المتوقع أن ينتقل مقر الشركة بتكوينها الجديد الى لوكسمبورغ، كما ستكون احدى نجماتها الشهيرة التونسية الحسناء عفاف جنيفن زوجة الملياردير الايطالي ماركو ترونكيتي بروفيرا.

بن عمار هو ابن الراحلة وسيلة بن عمار زوجة الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة، مولود في تونس العاصمة عام 1949 ويعتبر من أهم المنتجين السينمائيين في اوروبا خاصة في فرنسا وايطاليا، وله شركة مشتركة مع برلسكوني تدعى «كوينتا للاتصالات» أسسها عام 1990 للإنتاج والتوزيع السينمائي وصديق ومستشار للأمير الوليد بن طلال مالك روتانا، كما أنه يملك شركة اخرى للانتاج السينمائي تدعى «قرطاجة» وتملك استديوهات كبيرة في ضاحية قمرت بشمال العاصمة التونسية المجاورة لآثار قرطاجة التاريخية حيث يجري فيها تصوير لقطات العديد من الافلام الغربية التاريخية التي تجرى أحداثها في دول البحر المتوسط. والاخوان القروي ولدا في بنزرت بشمال تونس ودرسا في جامعات فرنسا وهما من رجال الاعلام والاتصالات والاعلان عن السلع (أو ما يسمونه في تونس الاشهار) وكانا يعملان مع احدى كبريات المؤسسات المختصة بالدعاية التجارية وهي «ساتشي وساتشي» (أصل مؤسسها يهودي عراقي من عائلة ساعة جي) وتلجأ اليها شركة بروكتر وغامبل الاميركية العملاقة لمواد التنظيف والغسيل والصابون لانتاج افلام الدعاية لمنتجاتها. يقول الكاتب الايطالي المعروف روبرتو جيرفازو عن برلسكوني «حين تعرفت عليه لأول مرة عام 1977 وسمعت فكرته حول انشائه للتلفزيون الخاص في ايطاليا أدركت مدى ذكائه ومشاريعه المبتكرة وأنه شخص مفعم بالنشاط سيكون له مستقبل باهر لأنه عمّر ميلانو الجديدة رغم أنه بدأ حياته المهنية كمغن في سفينة تجوب المتوسط». ويقول فيديله كونفالونييري مدير شركة ميديا سيت التي يملكها برلسكوني وتسيطر الآن على ثلاث قنوات تليفزيونية خاصة ودور النشر والصحف الكبيرة في ايطاليا «ان الاتفاق مع تليفزيون نسمة ينبع من فكرة الدفاع عن الترفيه الغربي وبرامج المنوعات والموسيقى وتوسيع رقعته الى المغرب العربي والبحر المتوسط». المقربون من كونفالونييري يعتقدون أن تفكيره الاستراتيجي التجاري يقوده الى فرضية أن سكان المغرب الأقصى والجزائر وتونس وليبيا الذين يبلغون حوالي 80 مليون نسمة، بالإضافة الى 10 ملايين من تلك البلاد الذين هاجروا الى اوروبا سيجلبون دخلا يقدر بحوالي 350 مليون دولار من عائد الدعاية والاعلانات.

نجمة التلفزيون الجديد ستكون عفاف جنيفن عارضة الأزياء التي يحبها الايطاليون وأهل المغرب والتي تمكنت بذكائها وجمالها ومركزها الاجتماعي من التأثير في الرأي العام الايطالي والفرنسي عن طريق برامجها التلفزيونية أو مشاركتها في الندوات السياسية أو الثقافية، فمثلا دعاها رئيس الجمهورية الايطالية الى حفل العشاء الخاص الذي أقامه في القصر الجمهوري منذ أيام بمناسبة زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى روما لحضور أعمال قمة الأمن الغذائي التي نظمتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). قالت عفاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» انها زارت تونس مؤخرا وانها مستعدة للتعاون مع نسمة «بتقديم برنامج ترفيهي ساخر حول أحداث اليوم السياسية والفنية» يشبه أشهر برامج القناة الخامسة التي يملكها برلسكوني ويسمى «ستريتشا لا نوتيزيا» (أي ما وراء الاخبار، انما بأسلوب مرح يمكن وصفه بـ«حك الخبر»).

الفائدة المضافة التي يفكر بها برلسكوني حسب الأوساط الوثيقة به أن مثل هذا التعاون سيشجع التيار السياسي المعتدل في المغرب العربي وسيؤثر على المهاجرين العرب في اوروبا لتقريب اندماجهم بالمجتمع الغربي بطرق حديثة عن طريق وسائل الاعلام والترفيه بلغتهم الأصلية التي يحبون الاحتفاظ بها للتواصل مع بلاد منشئهم. الوسائل التقنية المتوفرة لدى بن عمار في تونس والفنيون المختصون من دول المغرب العربي سيتمكنون من كسر احتكار دول الخليج لقنوات التلفزيون الموسيقية والترفيهية، وسيقتصر الهدف على الترفيه واكتشاف المواهب الفنية الجديدة لا على البرامج السياسية التي تبث من الخليج عن طريق القنوات الإخبارية.

برلسكوني يحب أن يتوج حياته المهنية بلعب دور «الأمير العربي» بعد أن جرب الغناء ثم الاعمار وبعده الاعلام وفاز مؤخرا بالانتخابات النيابية الايطالية ولاحقه النجاح أينما ذهب، وبامكانه الآن التجول في المتوسط عبر جهاز التلفزيون الكبير الخاص في الفيلا الرائعة التي يملكها على أجمل شاطئ في جزيرة سردينيا في وسط المتوسط تماما.