ماذا يعني أن تكون.. «صحافيا طبيا»؟

نائبة رئيس التحرير في «بريتيش ميديكال جورنال» تشرح طبيعة وحيثية عملها

مجموعة من أغلفة «بي. أم. جاي» («الشرق الاوسط»)
TT

حين يتعلق الأمر بحياة الناس مباشرة، فلا مجال سوى أن يتحرى الشخص الدقة والصراحة على أعلى المستويات، وربما لا يوجد قطاع مرتبط بحياة الناس بشكل أكثر مباشرة من القطاع الطبي.

مدى الحرص على ذلك بدا واضحا حتى قبل مقابلة ديبرا كوهين، وهي نائبة رئيس تحرير «ذا بريتيش ميديكال جورنال» (تعرف اختصارا بـ «بي. إم. جاي» وتعني الدورية الطبية البريطانية)، وهي المطبوعة الرسمية لمجتمع الأطباء والعاملين في مجال الصحة في بريطانيا، فخلال مرحلة التحضير للمقابلة لا بد أن تجري بحثا عن الضيف بطبيعة الحال، وتفاجأ عندها ان موقع الـ «بي. إم. جاي» على الإنترنت ينشر بالإضافة إلى سير الصحافيين العاملين في المطبوعة، معلومات مالية وشخصية عن هؤلاء الصحافيين مثل: وجود أي استثمارات أو امتلاك أي أسهم في سوق المال، التاريخ المهني وإشارة تحديدا إلى تأكيد عدم وجود وظائف سابقة مع جهات قد تنتفع او تتضرر من نشر مواضيع عنها في المطبوعة. وتوضح ديبرا أن الـ «بي. إم. جاي» تأخذ مسألة تضارب المصالح بجدية كبيرة، وتضيف أن ذلك يحصل على العديد من المستويات، وتشير من جهة ثانية إلى وجود ما تعتبره «سورا فاصلا» بين صالة التحرير وقسم مبيعات الإعلانات في المطبوعة، موضحة أن الصحافيين لا يعلمون ما هي الجهات المعلنة أو طبيعة الإعلانات التي ستطرح في العدد المقبل، ولا يمكنهم ذلك حتى لو أرادوا، كذلك لا يعلم قسم الإعلانات ما هي المواضيع التي سيتم العمل عليها من قبل فريق التحرير، وتقول كذلك إنها ترفض إعطاء خطة التحقيقات المستقبلية لمن يتصلون بها من مندوبي العلاقات العامة... ويصل الأمر إلى وجود توجه في المطبوعة بعدم ذكر «ماركات» الأدوية التجارية، والاكتفاء بأسمائها العلمية (مثلا لا يكتبون «بانادول» بل «باراسيتامول»). وبالمناسبة فإن ديبرا كوهين دكتورة مؤهلة، حيث درست الطب في جامعة «مانشستر»، كما أنها درست تخصص «الصحافة الطبية» في جامعة «ويستمنيستر» اللندنية، وبما أنها حصلت على شهادات في المجالين، كان لا بد من سؤالها أيهما أهم للصحافي الذي يريد أن يتخصص في مجال الصحافة الطبية، أن يكون صحافيا مهتما بالطب... أم طبيبا مهتما بالصحافة؟ تجيب كوهين بالقول: «ذلك يعتمد على وسيلة الإعلام التي ستعمل بها»، موضحة أن كون الصحافي طبيبا أصلا يساعد كثيرا إذا كنت تعمل في مطبوعة تتوجه للمتخصصين، لأنك تعلم لغتهم ومصطلحاتهم وتستطيع التواصل معهم بشكل أفضل. من جهة ثانية، تقول ديبرا: إنك لو كنت تريد أن تكتب للعموم، فربما يكون مفيدا أن تكون صحافيا متابعا لشؤون الطب، لأنك ستعالج الموضوع من الزوايا التي تخص الناس العاديين، لكنها تشدد على أهمية قراءة الكتب المهنية والالتحاق بالدورات المتخصصة بالصحافة الطبية لأنها تعطي المبادئ والخلفيات الضرورية للعمل في هذا المجال. وفي حين تعتبر الصحافة الطبية من أكثر القطاعات الصحافية جدية، فإن لها ميزة تجعل العمل فيه ممتعا، فبحسب ما تعتبر ديبرا فإن الجميل في هذا القطاع هو أنك كصحافي طبي تستطيع إيجاد «زاوية صحية» لأي موضوع على الإطلاق. ومن ضمن التحقيقات والمواضيع التي نشرتها المطبوعة أخيرا تحقيق عن تأثير «الطبقية» على حياة البريطانيين الصحية، وآخر عن الحياة الجنسية للطاعنين في السن، واستخدام الأطباء لموقع «فيس بوك» للتعارف الاجتماعي، والموت المفاجئ للرياضيين خلال المباريات وحتى الصحافة الطبية، حيث تناول آخر أعداد الدورية قائمة أميركية أعدت أخيرا تشمل 100 اسم من المراجع الطبية التي يمكن للصحافيين الاطمئنان لدى الحصول على آرائهم بأنهم بعيدون عن أي مصالح متضاربة. سؤال آخر كان لا بد من سؤاله لديبرا هو كونها شابة في مجال يطغى عليه كبار السن من الذكور، فهل ذلك يشكل لها أي مشكلة؟ تبتسم قائلة: حسنا، في بعض الأحيان يمكن ان يكون الأمر صعبا أن يتم أخذي على محمل الجد، فأنا اصغر سنا ومن «ليفربول» فالمجال عموما يطغى عليها الرجال من ذوي الطبقة المتوسطة... لكن الحال تتغير، وهناك نساء أكثر يدخلن فيه في المملكة المتحدة. وتضيف: هناك بعض الناس يندهشون عندما اخبرهم أين أعمل، لكن في المقابل يعطيني هذا مجالا للحصول على معلومات أو أن أسأل أسئلة جريئة.