«الحرية» محطة عراقية تسعى لأن تكون «اسما على مسمى»

خبراء إعلاميون عراقيون لـ «الشرق الأوسط» : أي مشروع إعلامي ممول لا يمكن أن يكون حياديا

فيروز حاتم المديرة التنفيذية ومعدة ومقدمة برنامج «كشف المستور» («الشرق الاوسط»)
TT

قليلة، بل نادرة هي المحطات التلفزيونية الفضائية التي يتطابق جوهرها مع عنوانها، وواحدة من تلك المحطات هي قناة الحرية الفضائية التي تبث برامجها من بغداد، حيث تتمتع بمساحة كبيرة من حرية اختيار واعداد وبث البرامج بعيدا عن اعين الرقباء الذين يخنقون الافكار المبدعة والحرة في قنوات اعلامية كثيرة، خاصة في عالمنا العربي.

المديرة التنفيذية لقناة الحرية الفضائية، فيروز حاتم، تعرف القناة باختصار قائلة «هذه قناة فضائية حرة وعلمانية ومستقلة، ليست طائفية او قومية وانما تتوجه للمتلقي العربي عامة والعراقي خاصة في كل مكان، ونحن مع عملية التغيير الديمقراطي في العراق»، مشددة على «ان برامج القناة لا تخضع لاية رقابة، باستثناء الرقابة الذاتية التي لا تتجاوز على القيم الدينية والاجتماعية».

وتضيف حاتم، وهي التي تعد وتقدم برنامجين اسبوعيين «كشف المستور» ونطقت شهرزاد، قائلة «نستطيع القول اننا المحطة الوحيدة في العراق التي تعكس وجهة نظر المثقف العراقي، العربي والكردي والتركماني والآشوري، ونعمل على الارتقاء بمستوى المشاهد، ثقافيا وعلميا واجتماعيا وسياسيا ليكون تفكيره في مصاف التغييرات التكنولوجية والحياتية الحاصلة في العالم»، مشيرة الى ان «المحطة كان يراد لها ان تكون اخبارية فقط منذ بدايتها، الا ان زحمة المحطات الاخبارية العربية جعلتنا نفكر في ان نقدم اخبارا ذات مصداقية عالية من جهة، وبرامج اجتماعية وثقافية وسياسية منوعة وجريئة من جهة ثانية ووفق اسلوب يميز فضائيتنا عن بقية المحطات التلفزيونية».

وكانت المحطة بدأت تبث برامجها فضائيا وعلى قمر النايلسات في الاول من شهر فبراير( شباط) عام 2006، وعلى مدى 14 ساعة في اليوم، وهي الآن تخطط للبث ايضا على قمر الهوت بيرد للوصول إلى المشاهدين في أوروبا. إلا أن القناة في النهاية تمول من قبل جهة معينة، وهو ما قد يثير اسئلة لدى البعض، وتوضح فيروز قائلة «تمويل المحطة يعتمد على الاتحاد الوطني الكردستاني من غير ان يتدخل الحزب في توجيه او برامج المحطة»، وتضيف «من حسن حظنا، وحسن حظ المشاهدين هو ان المشرف على المحطة هو الدكتور برهم صالح، نائب رئيس الحكومة، الذي لم يتدخل في نوعية البرامج ولا في اسلوب تقديمها وهو يراقب المحطة كأي متلق اعتيادي، كما ان مدير المحطة، الدكتور برهان شاوي، وهو إعلامي عراقي معروف وشاعر، يتمتع برؤية إعلامية حرة ومنفتحة».

لكن الدكتورة ارادة زيدان الجبوري، الاستاذة في كلية الاعلام جامعة بغداد، تؤكد «ان استراتيجية أي مشروع اعلامي، وبضمنها المحطة التلفزيونية، مرتبطة بالتمويل، وما دام التمويل هو الذي يتحكم فإنه من الصعب ان تكون القناة حيادية».

واضافت الجبوري قائلة لـ «الشرق الأوسط»، «قد تكون محطة الحرية الفضائية اكثر موضوعية وتنوعا من غيرها من القنوات التي تبث من داخل العراق، بل هذه القناة تحاول جاهدة ان تكون حيادية لكن هذا لا يعني انها قناة حيادية، بل انه من الصعب ان نجد قناة عراقية باعتبارها حيادية، فهناك انحياز باختيار الخبر او الصورة او اية قصة اخبارية، حيث تتحكم في انحيازها توجهات القائمين عليها مهما حاولوا ان يكونوا حياديين».

ويشير الدكتور عماد الطائي، استاذ في قسم الاذاعة والتلفزيون في كلية الفنون الجميلة، جامعة بابل، الى انه من الصعب جدا، بل من النادر ان نجد فضائية عراقية، وحتى عربية او غربية، تدعي الحيادية، اذ ان لكل محطة رسالتها التي يريد القائمون عليها او الممولون لها ايصالها الى الرأي العام، وعلى العموم تحاول هذه الفضائية او تلك ان تبدو حيادية، ولكنها سرعان ما ستكشف عن انحيازها وميولها، وهكذا هي فضائية الحرية التي تتميز كونها غير طائفية لكننا نلاحظ في طروحاتها انحيازها الى الحكومة في احيان كثيرة، ولأنها ممولة من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني فان أي خبر يتعلق بالرئيس العراقي جلال طالباني، وهو زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، يأخذ الاولوية، وهذا برأيي من حق القناة وامر طبيعي بالنسبة للممول وللقائمين على القناة.

وتشير ميسون الدملوجي، عضو مجلس النواب (البرلمان) العراقي الى ان هذه القناة قدمت وتقدم برامج تدعم التحولات الاجتماعية وتتناول موضوع الاسرة والمرأة العراقية بروح جريئة وبأساليب متطورة، اما نرمين عثمان، وزيرة البيئة، فتؤكد بان فضائية الحرية غالبا ما فاجأتنا بمواضيع برامجها، التي تحرص على ان تكون حرة وغير مقيدة بأساليب القنوات الاخرى، منوهة الى برنامج «كشف المستور» الذي شاركت باحدى حلقاته والذي يتناول عادة مواضيع يعتقد المجتمع العراقي انها تقع في خانة الممنوعات.

واضافت عثمان قائلة «نحن مثلا لا نشاهد قنوات تلفزيونية عراقية تهتم بموضوع التلوث البيئي مثلما تفعل فضائية الحرية، وهذا موضوع مهم وخطير».

يعمل في فضائية الحرية ما يقرب من 200 فنان وفني ومحرر واداري، وتؤكد حاتم «ان المحطة تعتمد كليا على عناصر عراقية شابة في اغلبها في اعداد وتقديم واخراج ومونتاج البرامج، حتى الفواصل المنفذة بواسطة الكومبيوتر والتي تنفذها بعض الفضائيات العراقية خارج العراق، فانها هنا من ابداع قسم خاص يتألف من الشباب المبدعين».