ماذا يعني أن تكون.. «محرر عروض الكتب»؟

الصحافي المختص بجريدة «نيويورك تايمز» يشرح كيف تتم عملية الاستعراض

TT

عمل «سام تاننهاوس» محرراً لعروض الكتب في جريدة «نيويورك تايمز» منذ أبريل (نيسان) 2004. وقبل ذلك، عمل محرراً في مجلة «فانيتي فير»، وقبلها بصحيفة «تايمز». ويختصر سام طبيعة عمله بالقول: «تتمثل مهمتنا في إخبار القارئ بأكثر الكتب أهمية من وجهة نظرنا ولماذا، وجذب انتباهه إلى المؤلفين والنقاد الذين يعربون عن آراء مثيرة، خاصة إذا ما تمتعوا بأسلوب شيق في تعبيرهم عن هذه الآراء. وفي خضم عصر تتنافس فيه مختلف وسائل الإعلام للفوز بانتباه الجمهور، يأتي دورنا لتذكير الناس بأهمية الكتب». اللافت انه إطار عمل سام فهو يقدم على القراءة بهدف كسب العيش، وليس للاستمتاع. فكان لا بد من السؤال كم عدد الساعات الفعلية التي يقضيها محرر عروض الكتب أسبوعياً في القراءة؟ وهل يقرأ بالفعل الكتب التي تتوافر لديه أم يقرأها قراءة عابرة بسرعة؟ يجيب سام «عندما قبلت هذه الوظيفة تخيلت أن الوضع سيكون العكس تماماً. في حياتي المهنية السابقة، في البداية ككاتب للسير الذاتية، ثم كاتب للمقالات بإحدى المجلات، علاوة على كتابتي مقالات نقدية طويلة لحساب إصدارات مختلفة، مثل «نيويورك ريفيو أوف بوكس» و«ذا نيو رببليك»، شعرت دوماً بأنني أقرأ من خلال القلم. إلا أن تكليفي بمسؤولية الإشراف على قسم عروض الكتب بالصحيفة جاء بمثابة فرصة لي لمعاودة القراءة بالأسلوب النهم الذي اعتدته في شبابي، وما زاد الأمر إثارة هو أنني كنت أقوم بذلك في شتى أنواع الكتب». ويضيف «تتكون مسؤولياتي من شقين: الإشراف على ما يدور على صفحات جريدتنا، وإدارة فريق من المحررين ذوي المواهب الرفيعة والتعاون مع المحررين الفنيين في صياغة كل قضية، وهي جميعها مهام كبرى ومحفزة في الوقت ذاته».

ويضيف «نظراً لكوننا نمثل قسما أسبوعيا ولأن الكتب تصلنا قبل نشرها بشهور، فإننا نتمتع برفاهية توافر فترة زمنية ممتدة للتخطيط للفترات التالية. وكفريق عمل، نحاول اختلاس بعض الوقت لتنفيذ أفكار رائعة مفاجئة». من جهة ثانية، تعد قضية التحيز لدى استعراض كتاب ما «شر لا بد منه» اذا ما صح التعبير، الا ان سام يعتبر ان «كتابة النقد تعد فناً وتعبيراً عن رأي صادر عن شخص محترف، وبالتأكيد، يعتمد نجاح المقال على مدى قوة التحليل وسداد الرأي المطروح، بمعنى أنه ليس بإمكان أي مسؤول عن وضع عرض لكتاب صياغة حجة متناغمة بالاعتماد فحسب على صداقته أو خصومته مع مؤلف العمل».

إلا أن سام يوضح «هناك بالفعل حالات عندما يضطلع فيها المسؤول عن المراجعة بوضع عرض لكتاب ألفه كاتب معين، فإنه يبدو عاقداً العزم على هدم الكتاب، وليس تقييمه. وعليه، فإننا نعمد إلى التحقق جيداً بشأن محرري عروض الكتب في صحيفتنا، وذلك من خلال إجراء بحث عنهم، والأسئلة التي نطرحها سلفاً على المحررين حول احتمالات حدوث تضارب في المصالح. بعد ذلك، بمجرد أن يكتمل عرض الكتاب، نتفحص بدقة الحجة التي صاغها المسؤول عن عرض الكتاب وأسلوب عرضه لها، علاوة على التحقق من صحة جميع المعلومات التي ذكرها». أما بالنسبة للكتب غير الأدبية فيقول سام «يتمتع واضعو عروض الكتب بحرية مطلقة في الاختلاف في الرأي مع المؤلف والتعبير عن ذلك الاختلاف بقوة، لكن دونما تشويه أو تحريف لما يتضمنه الكتاب». ويضيف سام «أما بالنسبة للكتب الأدبية، فأنا أشعر بكراهية بالغة لمسألة قيام من يعرض الكتاب بإخبار القراء عن الكتاب الذي كان ينبغي على الروائي أو مؤلف القصة القصيرة كتابته بدلاً من ذلك الذي يجري عرضه بالفعل».

من جهة ثانية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتم اختيار الكتب التي يتم استعراضها من بين مئات الكتب التي ترسل إلى القسم المعني في «نيويورك تايمز»، يجيب سام: قسم عروض الكتب في أي أسبوع يتوافر أمامه قدر كبير، يتراوح بين 20 و30 استعراضا، وقد يبدو هذا العدد ضخماً، لكنه يعني في حقيقة الأمر أننا قمنا بتغطية نسبة ضئيلة للغاية من الكتب التي وردت إلينا». ويشرح سام العملية بالقول «بمجرد أن تصل إلينا الكتب تصبح العملية بسيطة إلى حد ما، فكل أسبوع يقوم ثلاثة منا ـ «بوب هاريس»، نائب رئيس التحرير والمحرر البارز «دويت جارنر» وأنا ـ بتصفح نسخ القراءة المسبقة التي ترد إلينا ونقوم بتوزيعها، وننحي جانباً البعض لنا، بينما نقوم بتوزيع الغالبية العظمى على محررينا الخمسة عن المراجعة الأولية والذين يتخصص كل منهم في مجال بعينه يتنوع ما بين الأدب التجريبي والشعر والتاريخ والعلوم والفلسفة والرياضة والثقافة الشعبية وتخصصات أخرى». وبعد أسبوعين، تتاح للمراجعين الفرصة لتقييم جميع الكتب التي أوكلت إليهم، ويضيف سام «حيث يجتمعون معنا نحن الثلاثة ويمدوننا بالمشورة بشأن الكتب التي ينبغي وضع عرض لها. بعد ذلك، نقوم بمناقشة المحررين المحتملين للاضطلاع بمهمة كتابة العروض. ويكتب المسؤولون عن المراجعة الأولية أيضاً تقارير موجزة عن كل كتاب حذفوه من مهمة العرض. وبين حين وآخر، يقوم «بوب» أو «دويت» أو أنا بإلقاء نظرة ثانية على أحد الكتب المحذوفة، وقد نقترح تقديم عرض له. إلا أنه في أغلب الحالات نقبل بوجهة نظر زملائنا، لأنهم أكثر دراية بالكتب وعلى معرفة جيدة بالمجال المحدد الذي يتناوله المؤلف».

* خدمة نيويورك تايمز