السياسة «كوميديا» على الشاشات اللبنانية في شهر رمضان

«النشرة» على المستقبل و«دمى قراطية» على الـLBC

TT

لم تستسغ بعض شاشات التلفزة اللبنانية فكرة الانقطاع عن البرامج السياسية، خصوصا وأن نشراتها الإخبارية تنافسها المسلسلات الرمضانية التي تبث على المحطات الفضائية، فكان المنفذ عبر البرامج السياسية الساخرة، لذا أطلت المؤسسة اللبنانية للإرسال يوميا بعد الأخبار مع جديد شربل خليل «دمى قراطية»، فيما استعانت «المستقبل» بنجمين مسرحيين هما فادي أبي سمرة وعصام أبو خالد ليقدما «النشرة». والبرنامجان يقدمان الكوميديا بتوجه سياسي. أما محطة OTV فقد استغلت المناسبة لتطل ببرنامج كوميدي على طريقة الكاميرا الخفية تحت عنوان «مقلب مرتب»، ولم يشذ «تلفزيون الجديد» عن القاعدة فغير صيغة برنامجه السياسي «إربت تنحل» ليحل كل مساء على شاشاتنا الصغيرة. هذه البرامج طرحت اسئلة تتعلق بمزاج الجمهور اللبناني من جهة، وترتبط بالمرحلة السياسية التي يجتازها لبنان من جهة أخرى والتي تفرض عدم تغييب السياسة عن مساحة البث، على الرغم من أن الموسم الرمضاني له خصوصيته التي تتكرس من خلال المسلسلات وبرامج الالعاب عاما بعد عام. استاذة الاعلام الدكتورة روز عساف اعتبرت «أن الإقبال على الكوميديا السياسية يشجع على انتاجها. وهو يأتي بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشه الوطن، فالناس ملت وتعبت على مدى ثلاث سنوات من البرامج السياسية والحوارات السياسية المكثفة، ولا بد من الإقرار أن الضحك وسيلة علاج وفشة خلق، فالمشاهدون يتعاملون مع الكوميديا على قاعدة الهروب إلى الأمام، وربما يكون نوعا من الاستقالة بعد إحساسهم بصعوبة التغيير».

الملاحظة الاولى للاطلالة السياسية الرمضانية، هي ان «النشرة» و«دمى قراطية» لم يتم اعدادهما خصيصا لشهر رمضان، لكن ادارتي «المستقبل» و«ال بي سي» قررتا اطلاقهما في هذا الشهر، ليتغير مصيرهما بعد ذلك. اما برنامج «مقلب مرتب» على شاشة OTV فقد تم اعداده ليقدم فقط خلال الشهر الفضيل. اما الملاحظة الثانية فهي ان البرامج الثلاثة تمكنت من تجاوز الخطوط الحمر المفروضة على البرامج السياسية «الاحتكارية» التي تحدد الخط السياسي للبرامج الحوارية غالبا، والمصنفة في خضم الاصطفاف الطائفي والسياسي للمحطات بين معارضة وموالاة. فشاهدنا في «النشرة» على شاشة «المستقبل» الاعلامي في محطة «المنار» عماد مرمل، الذي أجاب على أسئلة بوخالد المحرجة. كذلك سمعنا نقدا ذاتيا من الاعلامية على الشاشة ذاتها نجاة شرف الدين التي ابدت ملاحظاتها بشأن البروباغندا التي تسود المحطات اللبنانية بنسب متفاوتة مع اعتبارها أن تلفزيون «المنار» هو الأول في هذا المجال. كما اقرت انها لا توافق على بعض الاخبار التي تقدمها وبأن تلفزيون «المستقبل» يروج لمرجعيته السياسية، كما يروج الآخرون لمرجعياتهم الاعلامية. «النشرة» من إخراج سلام الزعتري ويشارك في تمثيل أدوار المراسلين إلى جانب أبي سمرة وأبو خالد كل من نجيب زيتوني ووسام سعد وجاد علي حسن. ويقول أبي سمرا لـ«الشرق الأوسط» «أنها إطلالته التلفزيونية الأولى. وهذا الامر أثر على أدائه، فهو معتاد على المسرح والتفاعل مع المشاهدين وفي السينما هناك التفاعل مع الممثلين، أما الشاشة الصغيرة فأمر مختلف».

«الدمى الديموقراطية» التي استعان بها شربل خليل ليومياته الرمضانية على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال (ال بي سي) غيرت بدورها من قواعد اللعبة المألوفة في برنامجه السابق «بسمات الوطن». فقد نقل خليل الواقع السياسي ونجومه من خلال 52 دمية، وهي كما تفيد ادارة البرامج في «ال بي سي» «تجسّد أبرز المسؤولين السياسيين في لبنان ليتزايد العدد تدريجيا فلا يبقى أي سياسي لبناني بمنأى عن النقد الكاريكاتوري اللاذع على طريقة شربل خليل». والبرنامج من إخراج باميلا جرجي. ويوضح خليل أن برنامجه هذا سيستمر بعد شهر رمضان وسيكون برنامجا نقديا يوميا، ولن يكون بديلا عن «سمات الوطن» الذي سيعود بعد رمضان أيضا. ولا يختلف البرنامج الجديد كثيرا عن برنامج «بسمات وطن»، إلا من حيث التقنيات المعتمدة على الدمى، فالأغاني النقدية هي هي، والزجل والنقد والأزمات كلها حاضرة وإن بقالب جديد، وبفترة زمنية أقل لا تشبع نهم المشاهد، في شهر تغيب عنه البرامج السياسية الحوارية. اما عن سبب استبدال السياسة المباشرة بالسياسة الساخرة، فقد برره شربل خليل وقال: «على ما يبدو مل الجمهور اللبناني من السياسة الجدية التي أصبحت تكرارا للخطاب نفسه، فالحوارات تتكرر، وبالتالي أنا أعتقد أن الناس تفضل السخرية التي تصب في اطار السياسة».

محطة OTV الوافدة الجديدة إلى عالم الكوميديا السياسية أطلت بـ«مقلب مرتّب» من إخراج باتريك نعيمة، وهو، كما تفيد المحطة، برنامج فكاهي على طريقة الكاميرا الخفية، يتألّف من ثلاثين حلقة، بأسلوب مبتكر و مميز يختلف عن بقية البرامج التي تعتمد الأسلوب نفسه. وهو عبارة عن تنفيذ مقالب تتميز بأنها حقيقية وغير مركّبة ،مع فنانين مشهورين وسياسيين من «التيار الوطني الحر» او اصدقائه، امثال ابراهيم كنعان ونعمة الله ابي نصر وسليم عون وهاكوب بقرادونيان وغيرهم.. ولا بد من التوقف عند إطلالات سياسية لشخصيات محسوبة على تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه العماد ميشال عون والذي تعتبر الـ OTV محطته التلفزيونية. المسؤول في مديرية الاخبار في قناة الـ (OTV ) جورج حداد ردا على سؤال حول اختيار الشخصيات السياسية التي تناولتها المقالب من لون واحد (من التكتل النيابي الذي يتزعمه العماد عون)، يجيب: «اختيار الضيوف جاء تلقائيا نظرا لطبيعة المحطة وانتمائها السياسي، فليس من الممكن أن تعد مقلبا لمسؤول ليس من خطك، لأن الأمر سيثير حساسية فريق سياسي وأنصار هذا الفريق، أما النواب الذين ينتمون إلى خط المحطة فسيتعاطون مع الأمر على أنه مجرد مقلب لا غايات سياسية من خلفه، وأساسا لا يقتصر البرنامج على شخصيات سياسية، ولكن اختيار السياسيين تبعا لانتمائهم كان بديهيا، خصوصا أن قاعدتهم السياسية ستتعامل مع الموضوع على أنه مجرد مقلب مرتب».

وعما إذا كان لعرض هذا البرنامج علاقة بغياب البرامج السياسية كما هي الحال مع محطات أخرى، أجاب حداد «نحن لا زلنا نعرض برامجنا السياسية، وكل ما في الأمر هو برمجة جديدة خاصة بشهر رمضان، فنحن لم نستعن بالبرنامج ليقوم مقام البرامج السياسية».