المناظرات بين الزعماء.. تقليد لا يزال عصيا على الإعلام اللبناني

اللبنانيون ينظرون بحسرة إلى مرشحي الرئاسة الأميركيين

TT

ينظر اللبنانيون بحسرة إلى المناظرات الرئاسية الأميركية بين باراك اوباما وجون ماكين، ويتساءلون كيف لم يكسر الانفتاح الاعلامي اللبناني «المتطرّف» محاذير المناظرات السياسية المباشرة بين قادة الصف الأول اللبنانيين. وبقي حضور هؤلاء وجها لوجه عصيا ان لم نقل مستحيلا، بعدما استعاضوا عن هذه اللقاءات بـ«المعارك الكلامية» والمواقف اليومية التي يطلقونها عبر المنابر الحزبية ووسائل الاعلام التي تحولّت الى متاريس تنطق بألسنتهم.

فالمراقب لوسائل الاعلام اللبنانية يكتشف أن «الغزوات السياسية» التي تشهدها قنوات التلفزة اللبنانية عبر البرامج الحوارية المكثفة تقتصر على وجوه محددة «وطبقات سياسية» تتفاوت تراتبيتها بين الصف الثاني وما دون، ليتكلموا بألسنة زعمائهم. أما حضور قادة الصف الاول فيبقى مقتصراً على المقابلات الفردية من دون منافسين . تعلّق المسؤولة الاعلامية في «القوات اللبنانية» أنطوانيت جعجع على هذا الواقع السياسي الاعلامي في لبنان وتعتبر «أن عدم تنظيم مناظرات اعلامية بين القادة اللبنانيين هو تقصير مشترك بين كل الزعماء». ولا توافق جعجع على «ان المناظرة تفيد المحطة اعلاميا واعلانيا أكثر من اللقاءات الفردية لكل زعيم. ذلك ان اللقاءات الفردية مع أي من الزعماء تستقطب نسبة عالية من الاعلانات، وفي الحصيلة تفوق ما تربحه المحطة اذا نظّمت مناظرات ثنائية بين الزعماء». وتشير الى ان الزعماء وكذلك وسائل الاعلام لم يجرؤوا الى الآن على كسر المحرمات في هذا الموضوع. وتضيف: «مع العلم أن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع كان أول من دعا الى مناظرة اعلامية بينه وبين السيد حسن نصرالله قبل حرب يوليو (تموز) 2006، اذا تعذّر اللقاء المباشر، ولم يتلق أي تجاوب في هذا الموضوع». لكن مدير أخبار قناة «المنار» محمد عفيف ردّ على هذا الموضوع، وقال لـ «الشرق الأوسط»: «هذه الدعوة كانت لحوار سياسي وليس اعلاميا، وفي ذلك الوقت لم تكن الظروف مناسبة لمثل هذا اللقاء، لأن ما يقال في المجالس المغلقة لا يعلن أمام الرأي العام. لكن الأمر قد حلّ واجتمع الزعماء حول طاولة الحوار». ويعزو المسؤول الاعلامي في «التيار الوطني الحر» ناصيف القزي خلو الحياة السياسية اللبنانية من المناظرات الاعلامية الى أسباب عدّة. ويقول «قد تشكّل ارتباطات بعض السياسيين بالخارج ومصالحهم الانتخابية إضافة الى شخصية القائد وعدم قدرته على المواجهة وبعض الاعتبارات الاقطاعية والطائفية موانع تحول دون لقاء الزعماء». ويضيف: «بالنسبة الينا ليس لدينا أي مشكلة في هذا الموضوع».

من جهته، يقول المسؤول الاعلامي في «تيار المستقبل» راشد فايد «المناظرات هي مناسبة لإبداء المواقف والكشف عن الآراء السياسية. لكن الحياة السياسية اللبنانية تمر بمرحلة ترقّب سياسي ناتجة عن إجماع الأفرقاء السياسيين على الهدنة الاعلامية، كما أن القيادات السياسية لا تطل بشكل دائم عبر لقاءات اعلامية بسبب الحذر والمخاوف الأمنية التي تحول دون قدرتهم على الاحتكاك المباشر مع الشعب». ويضيف: «هذا النوع من المناظرات هو نتيجة التقاليد السياسية النابعة من نمط الحياة السياسية في الولايات المتحدة، حيث ينحصر النقاش بين حزبين رئيسيين. اما في لبنان، فالوضع مختلف، الانتخابات الرئاسية تجرى في مجلس النواب وليس شعبيا، أما في الانتخابات النيابية فيلجأ رؤساء الكتل والمرشحون الى التواصل مع الناخبين عبر المهرجانات الانتخابية المناطقية أو عبر التصريحات والبيانات لأنها تجرى على أساس القضاء وليس على أساس الدائرة الواحدة حيث من الممكن عندها أن يلتقي رؤساء اللوائح في مناظرات امام الناخبين. أما اذا حصلت المناظرات قبل موعد الانتخابات النيابية فلن تسير بالشكل المطلوب منها لأن حياتنا النيابية تخلط بين العمل البلدي والعمل النيابي».