الأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها على عالم الإعلان

انخفاض في ميزانيات التسويق.. وتوجه أكبر نحو استخدام الإنترنت لكونها أقل كلفة وأكثر قابلية للقياس

مجموعة من الاعلانات التي تركز على التوفير على المستهلك («الشرق الاوسط»)
TT

بدأ أثر الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم ينعكس جليا على عالم الإعلانات، فأي ما كانت الصحيفة التي تقرأها أو القناة التلفزيونية التي تتابعها في بريطانيا مثلا، فإنك على الأرجح سترتطم بإعلان يحدثك عن عرض خاص، أو يقوم بمقارنة بين سعر المنتج الذي يروج له والمنتج المنافس.. وقائمة الجهات المعلنة لا تحصى: بدءا من محلات السوبر ماركت التي تصر على أنها الأكثر توفيرا على جيوب المستهلكين، مرورا بالمصارف، ووصولا إلى مزودي خدمات الكهرباء والتدفئة وشركات الطيران. ويعد التركيز على الأسعار والعروض بهذا الشكل «نقلة نوعية» في مجال محتوى الإعلانات، لكون الفكرة هي التركيز على المنافسة وعلى الجوانب غير السعرية، كالجودة والانطباع الذي يعطيه استخدام منتج معين: من المتعارف عليه (في ما عدا المنتجات أو الخدمات التي بنيت اساسا لتنافس على أساس السعر، مثل متاجر «وول مارت» في الولايات المتحدة أو «أزدا» في بريطانيا مثلا). لكن على الرغم من تسابق المعلنين لنشر مثل هذه الإعلانات المرتبطة بالتوفير والمنافسة على السعر، فإن ذلك لم يعوض التراجع الذي يعانيه قطاع الإعلانات جراء الأزمة الاقتصادية بشكل عام. حيث ان التقارير الإعلامية تشير إلى أن توقعات مجموعة «زينيث اوبتيمديا» في المملكة المتحدة هي ان تكون نسبة التراجع 2.1% في الانفاق الاعلاني لهذه السنة، بعد ان كان المتوقع سابقا هو نمو بقيمة 2.4%. كذلك وبحسب ما ذكرت مطبوعة «أدفيرتايسنغ آيج» المتخصصة في مجال الإعلانات أخيرا، فإن المعلنين الـ 100 الأكبر في المملكة المتحدة قد خفضوا حجم انفاقهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واستدلت المطبوعة بخفض شركات عملاقة مثل «بي آند جي» للمنتجات الاستهلاكية ميزانية الاعلانات الخاصة بها بمقدار 27 مليون دولار، كذلك «بريتيش تليكوم» للاتصالات بمقدار 13.8 مليون دولار. من جهة ثانية ذكرت مجلة «كامبين» المتخصصة كذلك في مجال الإعلانات أن مجموعة «دبليو. بي. بي» العملاقة (التي تملك وكالات اعلان عدة مثل «جي. دبليو. تي» و«غراي» و«اوغليفي اند ماذر») قد جمدت عمليات توظيف الموظفين الجدد، موضحة أن إحجام العملاء عن الانفاق على النشاطات التسويقية هو السبب. من جهته يعلق تريفيور رايت، المحاضر في مادة «إدارة الحملات الإعلانية» بجامعة «ويستمينستر» في لندن، بالقول: «سيتم القضم من ميزانيات الإعلان لأنها الأسهل والأقل إيلاما بالنسبة للمحاسبين وموظفي شؤون الموظفين». لكن رايت يقول من جهة ثانية إن الأمور ستصب في مصلحة المسوقين مجددا قريبا، معتبرا في حديثه مع «الشرق الأوسط» بأن سبب ذلك أن «مصداقية المحاسبين وموظفي المالية باتت مهتزة وستلجأ الشركات للمسوقين الذين يستطيعون القيام بعمل من اجل إرجاع الأمور الى نصابها». من جهة ثانية يتوقع رايت بأن نشهد تحركا أسرع تجاه الإعلان الإلكتروني لأنه أكثر قابلية للقياس وأقل كلفة، وتعد تلك الثنائية لافتة في مثل هذه الأوقات. ويضيف: ستبدأ الشركات التي لم تكن تعير اهتماما كبيرا لهذا النوع من الاعلان في تعلم المزيد حوله وكيف يعمل. ويأتي كلام رايت في وقت تشير فيه الاحصاءات إلى تراجع حجم الانفاق على اعلانات التلفزيون بشكل خاص، حيث ذكرت مجلة «أدفيرتايسنغ آيج» بأن ينخفض حجم الانفاق بنسبة 16.8%. من جهة ثانية، خصص ملحق الإعلام في جريدة «ذا غارديان» البريطانية في عدده الاخير موضوعه الرئيسي لدراسة تأثير الأزمة الاقتصادية في نوعية برامج التلفزيون والترفيه عموما. وبين تقرير الـ«غارديان» بأن أوقات الإحباط هي أوقات جيدة للترفيه، رغم التأثيرات السلبية المختلفة التي تجسدت اخيرا في قيام «القناة الرابعة» بتسريح 150 موظفا، وخفض ميزانية البرامج الخاصة بها والمقدرة بـ 600 مليون جنيه استرليني بـ 25 مليونا. و«ذلك لأن الناس لا يريدون العودة إلى منازلهم ومشاهدة أمور قاتمة» بحسب ما قال أحد المحللين للغارديان. ويستدل التقرير بمؤشرات مختلفة حول الاقبال على الترفيه، مثل بيع اسطوانة «دي في دي» لفيلم «سيكس اند ذا سيتي» (الجنس والمدينة) الذي طرح أخيراً نحو مليون نسخة خلال الأسبوع الأول من طرحها الشهر الماضي، هذا فيما أعلنت خدمة «لوف فيلم» عن (موقع الكتروني لتوصيل اقراص الدي في دي للمنازل) عن زيادة تقدر بـ 40% منذ أن بدأت الأزمة المالية.